أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يصف السياسي السوري فراس قصاص راهن الأوضاع في إدلب بـ “عقدة المنشار” في وضع حد “للمأساة السورية”، ويرى أن كل من روسيا وتركيا قد تدفعان بطريقة ما باتجاه الحل فيما إذا لم يتمكن أي من الطرفين من حسم الوضع لمصلحته.
لا يبعث المشهد الميداني في إدلب على التفاؤل بحسم قريب سواء لجهة الحسم العسكري أو الحسم السياسي. ومرد هذا التشاؤم الذي يتفق عليه غالب المراقبيين والمحللين والساسة هو حدة التنافر بين أقطاب الجهات المتداخلة، وتباين مصالحها التي يبدو أن أياً منها لا ينجذب صوب الحل المفيد.
أوغاريت بوست أحالت هواجس الشارع السوري حيال مآل الأوضاع في إدلب إلى السياسي السوري ورئيس حزب الحداثة والديمقراطية لسوريا فراس قصاص الذي أجاب مشكوراً على أسئلتنا:
– في ظل استمرار الاشتباكات في مناطق ما سميت “خفض التصعيد” بين الفصائل المحسوبة على تركيا، والروس والقوات الحكومية، واستمرار الدعم لفصيلي الهيئة والجبهة من قبل تركيا، برأيكم إلى ماذا ستؤول العلاقة بين تركيا وروسيا، وهل سيؤثر صفقة “أس 400” عليها؟
ج- في الحقيقة العلاقة بين روسيا وتركيا علاقة معقدة لا يمكن احالتها الى عامل واحد .فما تريده روسيا من تركيا لا ينحصر في الموضوع السوري وحده بل يتعداه الى مسائل استراتجية تخص النظام الدولي و حلف شمال الاطلسي، اضافة الى قضايا اقتصادية و سياسية بينية واقليمية كتلك التي تربط دولتين رئيسيتين متجاورتين وكبريين، في حين ان العلاقة التركية مع روسيا ليس من حامل رئيسي لها اهم من الشأن السوري وعلى العكس فاقترابها من روسيا الاتحادية يسبب لها مآزق استراتيجية و يضعها قبل ذلك في مواجهة خيارات صعبة و تداعيات معقدة ..
وفقا لهذا المنظور التحليلي واخذا بعين الاعتبار تمزق السياسة الاردوغانية بين طابع شديد البراغماتية ميزتها وبين انشداد ايديولوجي نجح في مرات عديد في فرض مسارات متمايزة عن الحسابية العملية، اقول وفقا لذلك لا يمكن استشراف وضع العلاقة التركية الروسية، بما في ذلك ملف منظومة اس ٤٠٠ وما تتركه من تداعيات على تركيا بحسب موقفها النهائي منها، ..الا من خلال اكثر من سيناريو منها ما يجعل تركيا تحسم موقفها بالاقتراب من المحور الروسي الدولي على حساب موقعها الدائم من الغرب و حلف شمال الاطلسي و منها ما يعيد العلاقة الاستراتيجية بين تركيا و الولايات المتحدة و حلف شمال الاطلسي الى سابق عهدها ..وسيتحقق هذا الحسم في سياق انهاء الحدث السوري وبحسب علاماته و نتائجه .
– هل تعتقد أن معركة إدلب يمكن أن تفتح الطريق أمام حل سياسي للأزمة السورية، وماذا تعني إدلب بالنسبة للدول المتدخلة في الأزمة السورية “أمريكا، تركيا، روسيا وإيران” ؟
ج – ادلب الان عقدة المنشار في وضع حد للمأساة السورية ..اذا لم يتمكن اي طرف او لم يسع في اطار خياراته من حسم الوضع في ادلب لمصلحته و اقصد الجانبين الروسي و التركي ..فهذا قد يبعث عوامل الحل في سورية و يدفع كلا الطرفين الى توافق يسهم في ذلك ..
اما ادلب فهي لا تشكل بالنسبة لمختلف الدول الفاعلة في الشأن السوري سوى ما يربط حسم الوضع فيها في شكل الحل للازمة السورية و خلاصاته ..على ذلك الولايات المتحدة تريد لملف ادلب ان يكون ضاغطا باتجاه الانتقال السياسي الذي يطيح بالاسد في نهاية مساره في حين ان روسيا تريد له ان يحقق انهاءها للحدث السوري بانتقال سياسي لا تكون جزء منه بقدر ما يتاح قوى اسلام سياسي معتدلة او متطرفة ..اما تركيا فما تسعى اليه من ملف ادلب لا يتجاوز ما يوسع هيمنتها على سورية بما يحقق انتقالا سياسيا مطعما بوجهتين؛ الأولى يحقق ما تفرضه ارادة تركية عصابية من ابعاد قوى الادارة الذاتية و نمطها الديمقراطي المجتمعي عن تشكيل مستقبل البلاد. و الثانية تطمح بان يكون لقوى الاسلام السياسي الاخواني او الرث العميل لتركيا دورا رئيسيا في سورية الجديدة…اما ايران فلا تطمح الا الى حسم الموقف لمصلحة الحصول على موقع ثابت لها في سورية و ذلك لا يمكن ضمانه الا باستمرار الاسدية في البلاد وعدم احداث تغيير فيها.