أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قال الكاتب والصحفي المعارض قحطان عبد الجبار، أن “تركيا ليست في الموقف القوي لإيقاف الهجوم والعمليات العسكرية الروسية على إدلب”، لافتاً أنه يعتقد أن العملية ستتوسع، فالجيش التركي لا زال يرسل تعزيزات إلى مناطق ونقاط المراقبة من مورك حتى جبل الزاوية ومناطق إدلب وحماة التي تتواجد فيها القوات التركية، “وهذا يدفعنا إلى تحليل أن العمليات ستتركز في مناطق محددة وروسيا أيضاً غير قادرة على توسيع مناطق الاشتباك، والسبب الرئيسي عدم وجود قوة بشرية لاستخدامهم في هذه المعارك”.
وأجرت شبكة أوغاريت بوست حواراً خاصاً مع الكاتب والصحفي المعارض قحطان عبد الجبار بخصوص المعارك التي تجري في منطقة خفض التصعيد في إدلب ومحيطها، حيث أوضح أن وضع إدلب مختلف عن باقي المناطق التي خرجت منها فصائل المعارضة كدرعا والغوطة وحمص “لأنه لا خيار للمقاتلين في هذه المنطقة إلا القتال حتى الرمق الأخير” كونها المنطقة الأخيرة التي تسيطر عليها.
ورأى عبد الجبار “أن الفترة القادمة ستشهد نوعاً من الهدوء الحذر ربما ينبثق عن ذلك تفاهم سياسي معين بين أنقرة وموسكو حول مناطق خفض التصعيد والوصول إلى حل ربما مؤقت ولن يكون نهائياً”
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه مراسل أوغاريت بوست مع الكاتب والصحفي قحطان عبد الجبار:
في ظل استمرار الأعمال القتالية بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية في إدلب وحماة، كيف ترون الموقف التركي الذي عقد عدة اتفاقيات مع روسيا؟ ولماذا لا تبدي تركيا موقفاً صارماً حيال ما يجري؟
قبل الحديث عن الموقف التركي، والاتفاق الروسي التركي، ما ترتكبه روسيا في سوريا وبحق الشعب السوري يرتقي لمستوى جرائم الحرب، فهي تستهدف النقاط الطبية والمستشفيات والقرى الأهلة بالسكان، وهذه حقيقة لا يجب أن يغفل عنها لا الإعلام المعارض أو المحايد ولا أي إعلام مهني آخر.
قبل أن نسأل عن الموقف، نسأل لماذا قبل ومنذ بدء العملية السياسية سواءً في اسيتانا أو سوتشي أو فيما يتعلق بمناطق خفض التصعيد، روسيا لم تلتزم يوماً بهذا الاتفاقيات الدولية ولم تلتزم بالاتفاق مع تركيا، الآن نرى أن تركيا ليست في الموقف القوي لإيقاف الهجوم والعمليات العسكرية الروسية ضد المدنيين في مدينة إدلب ومناطق حماة، وتصر تركيا على الالتزام بتلك الاتفاقيات ولكن الروس لا يلتزمون، السياسة الروسية لديها منهج واحد للتعامل مع أي ملف وخاصة فيما يتعلق بالملف السوري فهي تستخدم سياسة الأرض المحروقة، وارتكبت أكثر من مجزرة في مناطق خفض التصعيد ولم نرى خفض تصعيد حقيقي من الروس، فهم كانوا دائماً يستهدفون هذه الأماكن بشكل متعمد مما أدى إلى تهجير آلاف السكان.
والأوراق التي تمتلكها تركيا هي ما تم الاتفاق عليها في اسيتانا، ولوحت تركيا أن ما يحدث في إدلب يعرض اتفاقية اسيتانا للخطر ويمكن أن تنهي العملية السياسية، ولم يكن هنالك تجاوب من الروس، والآن تركيا في موقف لا تحسد عليه، هي متفقة مع اسيتانا ولكن لا يوجد ذلك الالتزام من الجانب الروسي، ومع ذلك لا اعتقد أن العملية ستتوسع، ربما ستكون في مناطق محددة، فالجيش التركي لا زال يرسل تعزيزات إلى مناطق ونقاط المراقبة من مورك حتى جبل الزاوية ومناطق إدلب وحماة التي تتواجد فيها القوات التركية، وهذا يدفعنا إلى تحليل أن العمليات ستتركز في مناطق محددة ورسيا أيضاً غير قادرة على توسيع مناطق الاشتباك، والسبب الرئيسي عدم وجود قوة بشرية لاستخدامهم في هذه المعارك.
لا توجد قوات حكومية تقاتل في تلك المنطقة فهنالك مليشيات تابعة لإيران والفيلق الخامس التابع لروسيا وأخرى طائفية من دول مختلفة من العراق وافغانستان، عندما نقول القوات الحكومية نجانب الحقيقة، فالنظام يستخدم هذه المليشيات لتقاتل بالنيابة عنه، نحن نرى عشرات الأعلام ترفع في هذه المعارك.
فتحت تركيا منذ بدء الأزمة السورية بابها واستقبلت اللاجئين ولكننا نرى أنها ومنذ بدء الهجمات على إدلب وحماة أغلقت حدودها ولا تسمح لأحد بالدخول، ما هي أسباب وحجج تركيا؟
في الحقيقة والجميع يعلم أن هناك اتفاق تركي مع دول الاتحاد الأوربي ينص على منع الهجرة، فتركيا ربما تحملت عبء أربعة ملايين لاجئ سوري دون أن تلتزم الدول الأوربية بتعهداتها من خلال مساعدة اللاجئين هذا من جانب، ومن جانب آخر أيضاً لكثرة التنظيمات أو الأعداد كما تصفهم تركيا الذين يستخدمون الحدود التركية للعبور لاستهداف منشأة والقيام بأعمال إرهابية في تركيا قامت بإغلاق الحدود.
الآن وحسب اطلاعي على جزء مما يحدث فتركيا لا تسمح إلا بدخول بعض الحالات الإنسانية، حيث يتم إدخال المصابين أو المرضى عبر البوابة الرسمية في معبر باب الهوى أو معبر باب السلامة في حال تمت إحالتهم من قبل النقاط الطبية داخل مناطق خفض التصعيد، فهم يدخلون بسهولة دون أي عوائق، ويعتبر أمر قانوني معترف به من قبل السلطات التركية، هناك بعض السهولة من الناحية القانونية، ولكن من الناحية غير الشرعية هناك الكثير ممن قتلوا عندما حاولوا الدخول عن طريق النقاط غير الشرعية وهذا مدان من جانبنا نحن لا نبرر لأي أحد استهداف أي مدني يحاول حماية نفسه والذهاب إلى مناطق آمنة.
هدف تركيا من إغلاق الحدود ليس إغلاقها بوجه السوريين، فهناك من يستغل هذه الأزمة ويتاجر بها، حيث أن البعض منهم يدخل بصفة لاجئ ولكن يحاول أن يمارس أعمال إرهابية، وكذلك هناك من يحاول اختراق الحدود التركية لزعزعة الأمن حتى أصبحت المسألة، مسألة امن قومي تركي، نحن أيضاً نقدر لتركيا دورها في استقبال ملايين السوريين، وعندما يتعلق الامر بأمنها يجب ألا نبخسهم حقهم، ومن هنا فالمسألة ليست متعلقة بإغلاق الحدود بوجه السوريين وإنما حماية أمنها.
إلى أين تتجه إدلب ؟ وهل ستكون هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة من الحل؟
أعتقد بأنه سيكون هناك تهدئة في الفترة القادمة في حال أتت الضغوط التركية على روسيا، وقتها يمكن أن نجزم بأن المعارك ستتوقف إلى حين، ولكن الجميع حتى الأوربيين وواشنطن قالوا أنهم يدينون أي عمل يستهدف هذه المدنية التي تأوي أكثر من 3 ملايين سوري، ومن الناحية الإنسانية هناك قلق دولي من هذا الأمر.
أنا لا أتوقع توسع العملية العسكرية من قبل روسيا ومن قبل النظام والمليشيات الإيرانية التابعة لها باتجاه إدلب، لكن هناك ضغط من أجل تسريع عمل اللجنة الدستورية التي تم الاتفاق عليها، فتركيا ترفض وجود بعض الشخصيات في هذه اللجنة لأنهم يمثلون النظام باسم المعارضة وليسوا محسوبين على المعارضة، كما أن روسيا دائماَ كانت تحاول استغلال الوقت، لم يكن هناك تقدم في الملف السياسي فهي تلجأ إلى الحل العسكري، روسيا لديها 99 حل عسكري مقابل حل دبلوماسي واحد.
ما نراه الآن هي معارك استطاعت أغلب الفاصل التي تتصدي لهذه الهجمة أن تفشل هذه الهجمات ضد المناطق الآهلة بالسكان، بالنتيجة هناك طرف يقاوم حتى اللحظة الأخيرة على العكس مما حصل في عدة مناطق سورية مثل درعا والغوطة وريف حمص الشمالي، عندما لم يكن هناك أي مقاومة ضد الهجوم الروسي والميلشيات الإيرانية والنظام، الأمر مختلف لأنه لا خيار للمقاتلين ضمن هذه المنطقة إلا القتال حتى الرمق الأخير.
بحسب تحليلي اعتقد أن الفترة القادمة ستشهد نوعاً من الهدوء الحذر ربما ينبثق عن ذلك تفاهم سياسي معين بين أنقرة وموسكو حول مناطق خفض التصعيد والوصول إلى حل ربما مؤقت ولن يكون نهائياً، ربما ستأتي مرحلة أخرى على إدلب سنتحدث حينها.
حوار : فادي حسن