دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

في ظل غياب المؤشرات والقبول الدولي.. تركيا وضعت نفسها “بمأزق” بعد الإعلان عن العملية العسكرية في شمال سوريا

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تشير الوقائع والمؤشرات على الأرض، وعدم إطلاق تركيا لعملياتها العسكرية “المنتظرة والمحتملة” في شمال سوريا حتى الآن، إلى عدم حصول أنقرة بعد على ضوء أخضر روسي وأمريكي في توسيع رقعة سيطرتها بالأراضي السورية، ليبقى التجييش والحديث عن هذه العملية العسكرية “إعلامياً” فقط؛ وعلى لسان المسؤولين الأتراك.

لا مؤشرات تدل على اندلاع حرب جديدة

مرات عدة خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معلناً عن أنهم سيشنون عمليات عسكرية جديدة في الأراضي السورية، منذ أن قامت تركيا بعمليتها المسماة “بنبع السلام” في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، حينها كانت بوادر الحرب واضحة وجلية للقاصي والداني، عبر التعزيزات العسكرية التي وصلت للطرفين إلى الحدود، وتصريحات الدول العظمى وخاصة والولايات المتحدة بأن أنقرة “للأسف لن تتراجع عن عمليتها في شمال سوريا”، إضافة لذلك كله إعلان الإدارة الذاتية في شمال سوريا “للنفير العام” لمواجهة “الغزو التركي”.

هذه المرة ومنذ إطلاق الرئيس التركي لتهديداته، لا توجد أي مؤشرات أو وقائع ولا حتى تحشيدات عسكرية على الحدود من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها أو مقابل المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بل كل ما يحدث منذ 3 أسابيع إلى الآن لا يتعدى كونه تصريحات سياسية وتهديدات وعمليات استهداف للمواقع العسكرية لقوات “قسد” والتشكيلات التابعة لها، إضافة للمناطق المدنية والآهلة بالسكان.

شيئاً فشيئاً.. تركيا قلصت أهدافها في شمال سوريا ؟!

وكان واضحاً حديث الرئيس التركي بداية عن أن بلاده ستشن عملياتها العسكرية في كامل الشريط الحدودي مع سوريا وبعمق 30 كيلومتراً، بهدف إنشاء منطقة آمنة.

لاحقاً تقلصت هذه التهديدات لتصبح بعض المناطق التي تشهد عمليات استهداف واشتباكات بين القوات التركية وفصائل المعارضة من جهة وقوات “قسد” وقوات الحكومة السورية من جهة أخرى. أي مناطق في أرياف الحسكة والرقة وحلب.

بعد ذلك، تقلص التهديد التركي مرة أخرى، فأصبح من إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً، إلى الإعلان عن أن هدف العملية ليس “شرق الفرات” بل “غربها”، وذكر الرئيس التركي أن هدفهم “منبج وتل رفعت”، كون هاتين المنطقتين تأتي منهما القذائف للمناطق التي تسيطر عليها قوات بلاده، وتندلع اشتباكات مستمرة مع قوات الحكومة و قوات “تحرير عفرين” التي تسيطر على تلك المناطق.

لماذا ترفض واشنطن وموسكو تدخل عسكري تركي جديد ؟

ولاحظ متابعون ومحللون سياسيون، مدى تنازل أنقرة عن أهدافها في عمليتها العسكرية، فمن كامل الشريط الحدودي وبعمق 30 كم، أصبحت الأهداف بلدة صغيرة كتل رفعت ومدينة كمنبج، مشيرين إلى أن الأهداف التركية في البداية لم تكن الأطراف الرئيسية المتدخلة في الأزمة السورية (واشنطن وموسكو) موافقتان عليها، وحاولت أنقرة “لحفظ ماء الوجه” التقليل من الأهداف شيئاً فشيئاً، لكن بدون جدوى؛ حيث استمر الرفض الروسي والأمريكي للنوايا التركية، ولكل طرف أسبابه للرفض.

وتقول الولايات المتحدة أن أي عملية عسكرية تركية سيكون لها “عواقب وخيمة وكارثية” على حياة السكان المحليين من طرف، والحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي من طرف آخر. ناهيك عن أن الولايات المتحدة سبق وأن حددت لتركيا “الخطوط الحمراء” وهي تمتد من سد الفرات نحو الرقة وريف دير الزور ومحافظة الحسكة شمالاً. بحسب مصادر مطلعة.

روسيا بدورها، تعمل على استعادة كل الأراضي السورية لسيطرة الدولة، وبما أن الاتفاقات والصفقات السابقة مع تركيا، جعلت دمشق تسيطر على أكثر من ثلثي البلاد، وحصر المعارضة في بقعة جغرافية صغيرة، فإن كل الإغراءات التركية من منحها مناطق جديدة في إدلب أو ريف حلب الشمالي لم يعد يجدي نفعاً.

وموسكو اليوم غير مستعدة على الإطلاق أن تحصل تركيا على مناطق تعتبرها تحت سيطرة الدولة السورية بشأن الحصول على منطقة في ريف إدلب مثلاً يمكن الحصول عليها عبر عملية عسكرية لن تطول أصلاً، بحسب محللين سياسيين.

ويستنتج محللون سياسيون ومتابعون للملف السوري، أن العملية العسكرية التركية في شمال سوريا لن تخرج عن إطار “التجييش الإعلامي” كونها مادة ساخنة و “دسمة”، وعن إطار التهديدات والتصريحات للمسؤولين الأتراك، إضافة لعمليات استهداف هنا وهناك لمواقع “قسد” والتشكيلات العسكرية التابعة لها، وذلك بسبب رفض القوى الدولية لهذه العملية التي لن تتسبب سوى بتشريد المزيد من السوريين والمآسي لهم.

إعداد: ربى نجار