أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يتساءل الكثيرون حول سر التحول المفاجئ وغير المسبوق للسياسة التركية وموقفها حيال الحكومة السورية، وذلك بعد عقد من العداء السياسي، والتصريحات وتقاذف التهم فيما بينهم “بالإرهاب”، وكادت أنقرة أن تسقط الحكومة السورية وتضع يدها على كامل البلاد لولا التدخل العسكري الروسي والإيراني لجانب الحكومة.
لماذا تحول موقف الرئيس التركي ؟
عوامل عدة تحدثت عنها أوساط سياسية قالوا أنها كانت السبب وراء هذا التحول المفاجئ والسريع، وأحد هذه العوامل، “رغبة الرئيس التركي البقاء في السلطة وتعزيز حظوظه قبل انتخابات الرئاسة في حزيران/يونيو القادم”، وهذا العامل لن يتحقق للرئيس التركي لطالما هناك أزمة في سوريا وهناك لاجئين سوريين في تركيا، وأنقرة غير قادرة على القيام بعمليتها العسكرية في الشمال بسبب الرفض الدولي لها.
وبعد وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو، ومحاولة المعارضة السورية، تبرير تصريحاته على أنها “بالونات سياسية”، خرج الرئيس التركي هذه المرة وقالها علناً، لا مانع من اللقاء مع الأسد، مبرراً ذلك بأن أنقرة تريد حل الأزمة في سوريا لإنهاء معاناة السوريين، وقتال الإرهاب في شمال سوريا وشرق الفرات، حسب قوله.
السفير السوري السابق في تركيا يؤكد شروط دمشق
لكن دمشق وضعت شروطاً على أنقرة لإنجاح التقارب بينهما، وهذه المرة تحدث عن هذه الشروط، السفير السوري السابق في تركيا، بعد أن كشفت بعض التقارير عنها، ويقول السفير السوري السابق في تركيا، نضال قبلان، إن “التحول في العلاقات التركية السورية جاء بعد قمتي سوتشي وطهران، وبعد توصل المسؤولين الأتراك والنظام التركي إلى قناعة مفادها استحالة إحداث التغيير في سوريا بالقوة العسكرية، وبالتالي لا بديل سوى الحل السياسي”.
“وقف الدعم عن الإرهابيين وعودة إدلب ودعم دمشق في وجه أوروبا”
وعن شروط دمشق قال قبلان، على أنقرة “وقف الدعم عن التنظيمات الإرهابية وعودة إدلب بالكامل بما في ذلك معبر باب الهوى وغيره لسيطرة الدولة مع الطريق إم فور الذي يربط اللاذقية بحلب والشمال بالشمال الشرقي.
ويزيد السفير السابق في تركيا، أن دمشق تريد سحب القوات التركية بالكامل من سوريا و “حل ميليشياتها هناك”، وأن على أنقرة أن تساعد من خلال علاقاتها مع الدول الغربية وكونها عضواً في الناتو على رفع العقوبات عن المؤسسات والشخصيات الحكومية، وشدد أنه في حال نفذت أنقرة كل هذه الشروط “يمكن أن نقول بأن هنالك صفحة جديدة يمكن فتحها”، مؤكدا أنه لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة في السياسة، وبالتالي كل الاحتمالات واردة ومن مصلحة تركيا وسوريا طي هذه الصفحة.
واعتبر قبلان أن “سوريا التي قدمت أثمانا باهظة للتورط التركي والممارسات العدوانية الكثيرة في الحرب على سوريا، لا يمكن أن تفعل ذلك مجانا أو مقابل ثمن بخس، ولا بد أن يكون الثمن بحجم الأذى والخراب والدمار الذي أحدثته تركيا أردوغان في سوريا”.
ولطالما وصف الرئيس التركي، الرئيس السوري بشار الأسد بـ”القاتل”، وقال قبل أشهر إنه لن يعيد اللاجئين السوريين الموجودين في بلاده الى “أفواه القتلة”، لكن هذه المواقف كلها تبدلت في مصلحة مواجهة خصومه في المعارضة التركية بالانتخابات القادمة.
التقارب السوري التركي كيف سيؤثر على “الجهاديين” ؟
وتقول أوساط سياسية أن أي تقارب بين أنقرة ودمشق، سيكون له تداعيات كبيرة على المجموعات المسلحة التابعة لفصائل المعارضة، كما سيقيد بشكل كبير من تواجد “الفصائل الجهادية” التابعة للمعارضة في الشمال، واعتبرت تلك الأوساط السياسية أن تركيا لم تعد تنظر إلى فصائل المعارضة على أنها أداة لإسقاط “النظام السوري” بل أصبحت عبئاً عليها، خاصة بعد أن ضعف رهان تركيا عليها نظرا لتشرذمها وفشلها وانخراطها في صراعات داخلية.
كما أن التفاهمات الروسية الإيرانية التي هي ليست ببعيدة عن التقارب مع دمشق، ستؤدي إلى تقويض نفوذ “الجهاديين” في الشمال السوري وتقليص نشاطهم وربما التخلص منهم نهائيا، حيث أن أحد مطالب دمشق “حل كل الميليشيات المسلحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام وحراس الدين والجيش الوطني”. بحسب ما تراه تلك الأوساط السياسية.
إعداد: علي إبراهيم