أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع الدخول في فصل الشتاء تزداد احتياجات الأسرة بشكل مضاعف عن باقي فترات السنة، وذلك من حيث الاحتياج إلى تأمين المحروقات في الدرجة الأولى، والملابس الشتوية والمواد التموينية، وهو ما ينتظر السوريين الآن في بلد لايزال يشهد حرباً وصراعاً محتدماً على السلطة، وأزمة اقتصادية واستمرار انهيار العملة المحلية وتدني الرواتب والأجور.
85% من السوريين تحت خط الفقر.. 12 مليون يعانون الأمن الغذائي
ووفق تقارير لمنظمات أممية ودولية، فإن أكثر من 85 بالمئة من الشعب السوري يعيش بعد أكثر من عقد من الزمن على بداية الحرب، تحت خط الفقر، وأن أكثر من 12 مليون إنسان يعانون من الانعدام الغذائي، وذلك في ظل تضاعف أسعار المواد 3 مرات في عام واحد، وهو ما يؤثر كثيراً على السوريين الذين لا يستطيعون مواكبة هذه الأوضاع الاقتصادية في ظل تدني الأجور والرواتب.
“ضريبة القيمة المضاعفة”
هذه الأوضاع المعيشية تأتي أيضاً وسط عدم تمكن الحكومة السورية من تأمين أساسيات الحياة من كهرباء ووقود وأدوية، حيث يعاني المواطنون الأمرين حتى الحصول عليها، وفي ظل هذه الأزمات بات الناس يخشون من قرارات حكومية، كقرار رفع أسعار المحروقات ومادة الخبز، بالتوازي مع انهيار الليرة السورية، فيما زادت هذه المخاوف مع البدء بالترويج لما يعرف “بضريبة القيمة المضاعفة”.
ولا شك في أن هدف الضرائب التي تفرضها أي حكومة على مواطنيها هي “رفد خزانة الدولة بالموارد” لأجل “تحسين الواقع المعيشي والخدمي والاقتصادي للمواطنين” والارتقاء بمستوى الخدمات من الناحية الصحية والتعليمية ووسائل النقل واتصالات وبنى تحتية، إلا أن الوضع في سوريا يختلف تماماً، حيث أن الأسعار تزداد والضرائب ترتفع والدعم الحكومي يتقلص في ظل مفاقمة الواقع الاقتصادي والمعيشي.
وفي سنين الحرب، فرضت الحكومة السورية ضرائب عدة كالـ ” الكهرباء والمياه والهاتف وإعادة الإعمار والإنفاق الاستهلاكي”، إلى جانب ضرائب كانت موجودة كـَ “ضريبة الدخل وضريبة الرفاهية”، وما يتصل بالطوابع التي لا يمكن إجراء أي معاملة من دونها.
أما فيما يتم الترويج له تحت مسمى “ضريبة القيمة المضاعفة” فلا يعلم بعد في أي وقت وزمان سيتم فرضها من قبل السلطة الحاكمة، إلا أنه تم الإعلان عن استكمال الدراسات حول هذه الضريبة من قبل الجهات المختصة، التي من المحتمل أن هناك الكثيرين لا يعلمون ما هي، إلا أنها أحد أشكال الفساد وملء جيوب المسؤولين فقط.
انخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار مع قرب فصل الشتاء
وخلال الفترة الماضية، ومع قرب الدخول في فصل الشتاء، شهدت الأسواق السورية ارتفاعات أخرى على أسعار المواد والسلع الغذائية والأساسية، وسط عجز المواطنين على تحمل أعباء هذه الأسعار التي وصلت إلى مواد لا يمكن الاستغناء عنها في فصل الشتاء، كالمدافئ والملابس الشتوية والمواد التموينية، ناهيك عن المحروقات التي تخصصها الحكومة والتي لا تكفي أياماً للمواطنين.
وما يزيد الوضع سوءاً الانهيار الاقتصادي المستمر والمترافق مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي ووصوول سعر الصرف إلى ما يقارب الـ14500 لكل دولار واحد، وذلك في ظل بقاء الرواتب والأجور على ما هي عليها وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
الأوضاع والضغوطات المعيشية دفعت بالبعض للانتحار
هذه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة في سوريا، وخاصة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، أثرت على الأوضاع الأمنية أيضاً من حيث ازدياد جرائم القتل بهدف السرقة والسلب والخطف بهدف طلب فديات مالية، إضافة إلى قلة فرص العمل بسبب انخفاض العملية الشرائية في الأسواق.
كما أن هذه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والضغوطات التي يعيشها المواطن السوري، أدى بالكثيرين إلى الإقدام على الانتحار، هذه الظاهرة التي انتشرت في المجتمع السوري خلال السنوات القليلة الماضية، حيث وصلت عدد حالات الانتحار في مختلف المناطق السورية خلال العام الجاري 2023 إلى أكثر من 20 حالة، أغلبها جاءت بسبب “الضغوطات المعيشية والأزمة الاقتصادية”.
نحو 7 ملايين سوري محتاجين للاحتياجات الأساسية في 2023
وكان برنامج الأغذية العالمي قال في تقريره السنوي، بأن 6.8 ملايين نازح سوري داخلياً بحاجة إلى الاحتياجات الإنسانية لعام 2023، وأن 12.1 مليون شخص يعاني من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.
ولفت إلى أن برنامج الغذاء العالمي يحتاج إلى 134 مليون دولار للحفاظ على المستوى المنخفض الحالي لتنفيذ المساعدات الغذائية العامة للفئات الأكثر ضعفاً، البالغ عددهم 3.2 ملايين شخص خلال الأشهر ال6 المقبلة، وسط التحذير من انخفاض متزايد على المساعدات المقدمة للسوريين.
إعداد: رشا إسماعيل