أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – سواء في تركيا أو لبنان، ليس صحيحاً ما يجري الحديث عنه أن اللاجئين السوريين يعودون بشكل طوعي إلى بلادهم، بل هي عودة قسرية تحت التهديد والقمع وانتهاك حقوق الإنسان والقوانين الدولية والنداءات من قبل المنظمات الأممية والدولية لعدم إعادة السوريين، خاصة وأن بلادهم ليست آمنة بعد.
دول شاركت بالحرب في سوريا تشتكي وجود لاجئين سوريين لديها
هناك الكثير من الدول التي استضافت السوريين بعد اندلاع الأزمة في بلادهم وتحولها للصراع على السلطة بين الحكومة والمعارضة، ولم تشتكي أي دولة من تواجد السوريين على أراضيها بالقدر الذي تشتكي منه تركيا ولبنان، على الرغم من أن تركيا كان لها الدور الأكبر في ما تعيشه سوريا اليوم، وكذلك لبنان، حيث شارك حزب الله في تفاقم الصراع في سوريا من خلال مشاركته بالنزاعات المسلحة.
ورغم أنهم تلقوا ولايزالون الأموال الطائلة من قبل الأطراف المانحة والأمم المتحدة، لمساعدتهم على استضافة السوريين، إلا أن هاتين الدولتين لا تكفان عن الحديث حول عودة السوريين وضرورة أن يتم العمل بذلك بأسرع وقت.
عودة مليون سوري من تركيا خلال 2023.. أين سيسكنون ؟
تركيا.. التي فتحت حدودها كاملة للجماعات الجهادية والارهابية والمتطرفة للدخول إلى سوريا، وخدعت المعارضة السياسية والعسكرية وجعلتهم يدخلون في حرب عبثية مع الحكومة، قالت اليوم أنها أعادت مليون لاجئ سوري إلى بلدهم خلال العام الجاري. وكل ذلك تحت مسمى “الطوعية”.
وللإنصاف، فإن الأغلبية عاودا إلى سوريا بشكل “غير طوعي”، هؤلاء قسم كبير منهم سيسكنون قرى بنتها تركيا ضمن المناطق التي سيطرت عليها وهجرت سكانها الأصليين وخاصة المناطق الكردية، كعفرين ورأس العين وتل أبيض، لتوطين المرحلين قسراً في بيوتهم. وهذا بحد ذاته سيخلق صراعات جديدة في المنطقة بين السكان الأصليين والمستوطنين، حتى لو كانوا من أبناء بلد واحد.
ترحيل السوريين من تركيا.. خطة ممنهجة تهدد وحدة البلاد
ولا شك في أن تركيا تدرك بأن عملية التغيير الديمغرافي التي تجريها في الشمال، هي وقود لصراعات وحروب أهلية جديدة في سوريا، إلا أن استمرار الأوضاع هكذا يخدم مصالحها ومشاريعها في سوريا بما في ذلك ما يطلقون عليه “الميثاق الملي/الوطني” والذي يعتبر أن شمال سوريا هي أراضي تركية.
وفي السياق، قالت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، أن أكثر من مليون سوري عادوا لبلادهم، بينهم أكثر من 470 ألفاً إلى منطقة إدلب وحدها منذ 2023.
وأضافت إن الجيش التركي نفذ 320 عملية عسكرية في شمالي سوريا والعراق، مشيرا بأن أعمال مركز التنسيق المشترك بين تركيا وسوريا وروسيا متواصلة، وسيصبح مركزاً رباعياً بدلاً من ثلاثي بمشاركة إيران.
وكانت الداخلية التركية كشفت في احصائية لها، أن عدد السوريين المسجلين في تركيا بلغ 3 ملايين و435298 ألف، في حين بلغ عدد العائدين إلى بلادهم 549407 ألف.
بناء قرى سكنية في مناطق تعرضت للتطهير العرقي
وتقوم تركيا بحجة إعادة السوريين إلى مناطقهم، بعمليات عسكرية في مناطق الشمال والسيطرة عليها وتهجير سكانها الأصليين، بعد ذلك يتم تجريف القرى والبلدات في إجراء يرتقي للتطهير العرقي، وجلب منظمات تعمل لصالح تنظيم الإخوان الإرهابي لبناء القرى/المستوطنات، في هذه المناطق، وهذا ما حصل في عفرين ورأس العين وتل أبيض، إضافة لبناء هذه القرى/المستوطنات في إعزاز وجرابلس والباب وغيرها.
وتخشى أوساط سياسية ومتابعة سورية من أن تكون الخطوات التركية هذه وخاصة “تغيير التركيبة السكانية” لهذه المناطق بداية لإجراء استفتاء شعبي ضمن إطار “حق تقرير المصير” لتقسيم سوريا وضم هذه المناطق لتركيا، وتكرار سيناريو لواء اسكندرون.
اعتقالات وانتهاكات بحق السوريين المرحلين في لبنان
وفي لبنان أيضاً، أوضاع اللاجئين السوريين السيئة، والمعاملة والطريقة التي يرحلون بها لا تقل سواءً عن تركيا، حيث يتم ترحيل العشرات عبر مناطق سيطرة الحكومة السورية، دون الأخذ بعين الاعتبار أوضاعهم الأمنية وما يمكن أن يحصل لهم بمجرد وصولهم لبلادهم، واحتمال اعتقالهم وتعرضهم للاضطهاد.
ولا يخفي لبنان أنه سيعمل مع الحكومة السورية في مسألة إعادة اللاجئين السوريين، ووضع الخطط لإعادة دفعات كبيرة خلال الفترات القادمة، وكل ذلك يحصل في تجاهل تام للمناشدات والنداءات والمطالب الدولية والأممية بضرورة التوقف عن عمليات ترحيل السوريين وكف العمل بالقوانين التي تشرع ترحيلهم.
“رايس ووتش”: ترحيل السوريين منافي للقانون اللبناني والدولي
وفي تقرير لمنظمة “هيومن رايس ووتش” أكدت تعرض الآلاف من السوريين خلال ترحيلهم للاعتقال والتعذيب والاضطهاد، مع عمليات ترحيل شباناً دون عوائلهم ما أدى لتشتت عائلي، وأشارت إلى أن السوريون في لبنان يعيشون في خوف دائم، ولفتت إلى أن عمليات الترحيل تصاعدت منذ كانون الثاني/يناير 2023.
وأضافت المنظمة أن العشرات من السوريين الذين رحلوا تعرضوا للتعذيب والاضطهاد والتعنيف من قبل الجيش السوري وتم تجنيدهم وسوقهم للخدمة الإلزامية قسراً، وطالبت المنظمة من لبنان التوقف عن عمليات الترحيل هذه، وعدم أخذ الأزمة المالية كتبرير لهذه العمليات التي تتعارض مع القانون اللبناني والدولي وحقوق الأطفال.
“رايس ووتش”: 2023 هي السنة الأكثر خطورة على اللاجئين السوريين
وكشفت “رايس ووتش” في احصائية لها، أن السلطات اللبنانية نفذت 100 مداهمة واعتقلت 2.200 شخص، وترحيل 1800 لاجئ سوري، وقال عاملون في المجال الإنساني أن موجة الترحيل في 2023 هي الأشد خطورة.
وبسبب ما يعانيه اللاجئون السوريون في لبنان وتركيا، أقدم الآلاف منهم على الهجرة بشكل غير شرعي لدول الاتحاد الأوروبي، التي كانت أرحم من أشقائهم العرب عليهم، (لا نقصد كل الدول)، خاصة بعد العنصرية والكراهية التي عاشوها في هاتين الدولتين بالذات، وهو ما أدى لفقدان العشرات من اللاجئين حياتهم غرقاً في رحلة الهجرة الجديدة والتي كانت الأمل في عيش حياة جديدة بعيداً عن الخوف من الاعتقال والموت.
إعداد: علي إبراهيم