أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – وجه “مجلس الشعب” السوري الدعوة إلى 14 برلمانا لمواكبة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 26 أيار/ مايو المقبل، والتي توالت المواقف الدولية المنتقدة والمشككة في شرعيتها.
وقالت وكالة “سانا” الحكومية إن مجلس الشعب وافق الأربعاء، على “دعوة بعض برلمانات الدول الشقيقة والصديقة لمواكبة عملية انتخاب رئاسة الجمهورية والاطلاع على مجريات سيرها”.
بدوره أعلن مجلس الاتحاد الروسي، الجمعة، عن تلقيه دعوة رسمية من الحكومة السورية لمراقبة الانتخابات الرئاسية التي ستجري في سوريا، وأنه سيشكل وفدا للقيام بهذه المهمة.
وكانت دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة قد وصفت “الانتخابات” بأنها غير شرعية، حيث قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في الجلسة الخاصة بمناقشة الوضع السوري، إن “الفشل في تبني دستور جديد دليل على أن ما يسمى بانتخابات 26 مايو ستكون زائفة”، مشيرة إلى ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين في أي انتخابات مقبلة.
وخلال حديث خاص مع الكاتب والمعارض السياسي، علي الأمين السويد، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة، حول دلالات دعوة مجلس الشعب السوري لأكثر من 14 دولة لمراقبة الانتخابات الرئاسية، ومدى قانونية هذه الدعوات وشرعيتها الدولية، وهل تسعى الحكومة السورية إلى تشكيل حلف مؤيد للانتخابات ردا على المواقف الغربية المعارضة.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ علي الأمين السويد:
ماهي دلالات دعوة مجلس الشعب السوري لأكثر من 14 دولة “صديقة” لمراقبة الانتخابات الرئاسية؟
إن التقييم الحالي للوضع في سوريا يقول بأن البلاد تقترب من وصف الدولة الفاشلة، فالحكومة السورية فاقدة للقدرة العملية على ممارسة السيادة على كامل الأراضي السورية، الفاقدة للسيادة الوطنية بدورها، بحكم وقوعها تحت الاحتلالات الإيرانية والروسية والتركية، واللبنانية، وتنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين، والفصائل التابعة للاخوان المسلمين.
والحقيقة هي أن سوريا الان مقسمة الى 4 مناطق:
الأولى: منطقة الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية والتي لا تخضع للحكومة السورية.
الثانية: منطقة شمال غرب الفرات وإدلب وهي منطقة لا تخضع للحكومة السورية أيضاً.
الثالثة: منطقة درعا والسويداء التي تعتبر منطقة تحت سيطرة الحكومة شكليا ولكنها خارجة عن سيطرته فعليا.
الرابعة: منطقة دمشق وحمص وحلب والساحل السوري والتي تخضع للحكومة السورية.
ومن الواضح فإن الحكومة لن تستطيع وضع صناديق انتخاباتها في المنطقتين الأولى والثانية، وهنالك احتمالية غير مؤكدة لقدرته على وضع صناديق اقتراع في المنطقة الثالثة، وحتى إن وضعها فستكون وكأنها غير موجودة فعلا فتبقى المنطقة الرابعة كميدان رئيسي ووحيد داخل سوريا لإجراء الانتخابات.
إلا أن المنطقة الرابعة من حيث المساحة فلا تتعدى الــ 40% من مساحة سورية، ولا يتجاوز عدد سكانها الحالي أكثر من ثلث عدد سكان سوريا الإجمالي وهذا لا يعطي أدنى قدر ممكن من الشرعية للانتخابات حتى ولو تمت وفق المعايير الدولية.
وبسبب هذه المعطيات النافية لأية شرعية للانتخابات الرئاسية، تحاول روسيا وإيران وأجهزة أمن الحكومة القفز فوق حقيقة اعتبار سوريا دولة فاشلة، والتظاهر بأن كل ما ينقص الدولة السورية الحالية هو اثبات أن الانتخابات المزمع اجرائها شرعية وتعطي الحق الشرعي للفائز بحكم سورية لمدة 7 سنوات قادمة الذي سيكون بشار الأسد رئيساً بدون أدنى شك.
غير أن هذه المحاولات لن يكتب لها النجاح، بل ستضيف نقيصة شرعية للحكومة التي تحاول التملص من الاستحقاقات الدبلوماسية الدولية، وتحاول الكذب على العالم بأنه ليس من دمّر سوريا وهجّر شعبها بدليل أن الشعب السوري انتخبه.
هل تعتبر دعوة الحكومة لهذه الدول قانونية ومعترف بها وفقا للأعراف الدولية؟
تعمد حكومات الدول التي تعاني من إشكالات في تقديم نفسها للمجتمع الدولي على أنها أنظمة ديمقراطية وشفافة ويحكمها القانون المحلي والدولي الى دعوة عامة لدول العالم ولوسائل الاعلام العالمية المؤيدة والمعارضة لتلك الحكومات لتقوم بمعاينة مدى شفافية الانتخابات، ومدى ديمقراطيتها، ومدى التزام مسؤولي ذلك البلد بما يدعيه حول شرعيته، وديمقراطيته، واحترامه لدستور بلاده، وللشرعة الدولية.
غير أن حضور ممثلي تلك الدول والهيئات الدولية، ووسائل الاعلام أية انتخابات لا يعطي شرعية لها ولا يكون سبباً في الاعتراف بشرعية الانتخابات. وهذا بشكل عام، فكيف والحالة السورية حيث أن المجتمع الدولي الوازن يرفض إجراء هذه الانتخابات في ظل هذه الظروف الحالية، ويعتبر أن الانتخابات انما هي بند من سلة القرار الدولي 2254 المتضمن اعتماد خارطة طريق جنيف 1 القاضية بتشكيل هيئة حكم انتقالي حسب القرار، وهذه الهيئة تقوم في مرحلة ما لاحقة بالدعوة الى انتخابات وطنية.
لذلك فدعوة البرلمان السوري التي كتبها و أخرجها جهاز استخبارات الحكومة لتلك الدول للإشراف على الانتخابات لا قيمة لها دوليا ولا تضفي الشرعية على الانتخابات المراد لها خلق شرعية الرئيس السوري ليستمر في الحكم الذي لم ولن يتخلى عنه طوعاً.
هل تسعى الحكومة السورية لإضفاء شرعية وتأييد خارجي على الانتخابات من خلال دعوة بعض الدول لمراقبتها؟
تعلم الحكومة السورية بأنها حكومة فاقدة لمقومات السيادة على كامل تراب الوطن، وتعلم بأن السوريين عامة يرفضون وجود بشار الأسد كمرشح فكيف بوجوده كمرشح وبوجود حتمية لإعلان فوزه “المزيف” في الانتخابات؟ إلا أن السوريين المتواجدين في المنطقة الرابعة التي ذكرتها آنفاً مضطرين للتظاهر بقبول العملية الانتخابية لأنهم يعيشون تحت التهديد الأمني المباشر للحكومة والمجموعات الإيرانية والعراقية واللبنانية والروسية.
وهذا التوصيف مفهوم جدا للمجتمع الدولي وهو ما دفع بيدرسون لعدم الاعتراف بالانتخابات وهو المنسق الدولي الذي لطالما دعم الحكومة أكثر من المعارضة.
أما عن الدول لتي دعتها الحكومة فهي ذاتها تعاني من إشكالات وبحاجة لإثبات شرعية حكوماتها. فروسيا مثلا تتعرض لعقوبات دولية بسبب سلوكها بشكل عام وبشكل سلوكها اللاديمقراطي تجاه شعبها وانتهاكها لحقوق الانسان وبالأخص لحقوق معارضي الرئيس الروسي.
أما إيران فهي الأخرى دولة “مارقة” يحكمها نظام مجرم لا يختلف في شيء عن الحكومة السورية، وهي تنشر الدمار في البلاد العربية وتهدد المجتمع الدولي من خلال برنامج تسلحها النووي.
إذا هذه الدول لا تعطي شرعية ففاقد الشيء لا يعطيه.
هل تعمل الحكومة السورية إلى تشكيل حلف مؤيد للانتخابات من الدول الصديقة ردا على موقف الدول الغربية؟
بكل تأكيد تسعى الحكومة السورية لتشكيل تحالف دولي يقف في وجه المجتمع الدولي الرافض لإجراء الانتخابات والرافض لشرعية “الأسد” أصلا. إلا أن جهوده بالرغم من استنفار الدبلوماسية الروسية لحشد التأييد من مختلف دول لعالم إلا أن هذه الجبهة لن يكتب لها الوصول الى الحد الذي يحلم به بوتين والأسد، هذا إذا لم نشاهد انسحابات من الجبهة “القزمة” الحالية خلال الفترة القريبة القادمة.
هل من الممكن أن نشهد منافسة على منصب الرئاسة في ظل الرقابة الروسية ودول عدة للانتخابات؟
لم تشهد سوريا انتخابات شرعية وشفافة منذ فترة طويلة ويمكن القول بأنه لم تجر انتخابات شرعية وديمقراطية منذ عام 1958 حتى اللحظة. والحكومة السورية في الواقع هو وريث حكم عسكري انقلابي سطى على السلطة منذ العام 1963 وأخذ شكله النهائي مع انقلاب حافظ الأسد على زملائه الانقلابيين عام 1970.
ولولا الضغوط الدولية، ومحاولة الحكومة تعويم نفسها بشتى الطرق، لما سمح لمواطن سوري واحد أن يترشح لمنصب الرئاسة. ولكنه وكما فعل في انتخابات 2014 قبل بترشح 50 مرشحا للرئاسة، وكأن عدد سكان سوريا 100 مليون نسمة، ليظهر للعالم بأنه ديمقراطي وأن فوزه جاء نتيجة لبرامجه التي استحق الفوز بسببها. علما بأن المرشحين ذاتهم لن يصوتوا لأنفسهم وإنما سيقومون بالتصويت لبشار الأسد مع صفقة طلائعية.
حوار: يعقوب سليمان