أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تخضع المناطق الشمالية الشرقية السورية منذ أكثر من عقد لنظام لامركزي وحكومة تعرف “بالإدارة الذاتية” تمكنت إلى حد بعيد من الحفاظ على الأمان والاستقرار في تلك المناطق؛ التي كانت مقصداً لمئات الآلاف من السوريين الفارين من هول المعارك والصراع على السلطة، ولو كان هذا الأمان والاستقرار نسبي، تخلله عمليات عسكرية تركية إضافة للقصف شبه اليومي لتركيا وفصائل المعارضة الموالية لها ونشاط تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة.
“عقد اجتماعي جديد”
“الإدارة الذاتية” بعد أكثر من 12 عام على الحرب في سوريا، لديها حكومة وجهاز أمن وجيش وسلك دبلوماسي وتمثيل في معظم دول العالم من بينها، روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهناك مؤسسات فيها معنية بتقديم الخدمات للمجتمع، وتؤكد أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، في وقت يتهمها خصومها “النظام والمعارضة” بالانفصالية ومحاولة تقسيم البلاد. حسب قولهم.
مؤخراً تم الحديث عن إعداد “عقد اجتماعي” (دستور) للمنطقة، والذي بدأت المناقشات والاجتماعات لإعداده منذ أكثر من سنتين، وفق مصادر مسؤولة، حيث أشارت إلى أنه خلال هذه المدة تم عقد لقاءات ومناقشات واجتماعات بين “لجنة إعداد العقد الاجتماعي” وكافة أطياف وشرائح المجتمع في تلك المناطق، حتى تم التوافق على صيغة مشتركة تم طرحها في اجتماعات موسعة للجنة الإعداد بمشاركة 158 عضواً وعضوة، وممثلين عن كافة الفئات المجتمعية، حتى تم التوافق عليه ورفع “للمجلس الأعلى في الإدارة الذاتية” للمصادقة عليه.
“العقد الاجتماعي سيؤسس لجسم إداري واحد”
وتقول مصادر مسؤولة في الإدارة الذاتية بأن “العقد الاجتماعي” الجديد سيؤسس “لجسم إداري واحد” يضم كافة مناطق الإدارة ويحمل اسم “إقليم شمال وشرق سوريا” تضم 7 “مقاطعات”، كما أنه سيكون هناك “مؤسسات جديدة في هيكلة الإدارة الذاتية”، وسيكون في الهيكلية الجديدة “مجلس شعوب شمال وشرق سوريا” (برلمان)، عوضاً عن “المجلس العام”.
ووفق المسؤولين، فإن العقد قابل للتعديل، وسيحدث “بعض المؤسسات منها الرقابة” تكون “تابعة لمجلس الشعوب” بدلاً عن “المجلس التنفيذي” و “مجلس المقاطعات”، كما يحق لأي منطقة في سوريا الانضمام إلى الإدارة الذاتية بعد اعترافها “بالعقد الاجتماعي”.
وعن موعد المصادقة على “العقد الاجتماعي” كشف “الرئيس المشترك للمجلس العام” فريد عطي، أن المجلس سوف يصوت ويصادق على مسودة العقد الاجتماعي الجديد يوم غد (الثلاثاء)، أكد المسؤول في المجلس العام بأنه “سوف يتم المصادقة بالتصويت على مادة إثر الأخرى، ومن ثم التصويت على مجمل العقد الاجتماعي لشمال وشرق سوريا”.
بدوره وصفت “نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس العام”، فاطمة خليل العقد الاجتماعي الجديد بأنه “سيعالج المشكلات التي لم يتطرق لها ميثاق الإدارة الذاتية الأساسي”.
أهداف “العقد الاجتماعي الجديد”
وخلال الأيام الماضية، رفعت “اللجنة الموسعة لإعداد العقد الاجتماعي” مسودة العقد إلى “المجلس العام” للمصادقة عليه وذلك بعد مناقشته بنداً بنداً على مدار 4 أيام، وفي هذا الإطار أوضحت “نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الإدارة الذاتية” فاطمة خليل لوكالات محلية، إنّ “العقد الاجتماعي الجديد سيعالج المشكلات التي لم يتطرق لها ميثاق الإدارة الذاتية الأساسي، ولملء ثغراته”، ولفتت إلى أن “العقد” سيهدف “لتوزيع الاختصاصات ضمن هيكلة الإدارة الذاتية” و “بناء نظام لا مركزي إداري وتمكين أطياف المجتمع من لعب دورها في الإدارة”.
وعن المرأة قالت “العقد الاجتماعي صيغ فيه مواد خاصة بمنسقية المرأة ومجلس المرأة للعدالة الاجتماعية وأُقرّت بعض المواد للاعتراف بمجلس المرأة لشمال وشرق سوريا ممثلًا شرعياً للنساء كافة، كما أُدرجت في العقد مواد تتعلق بحماية حقوق الطفل، وحق المرأة في الدفاع المشروع وتنظيم تشكيلات تحميها”.
وتؤكد المسؤولة في الإدارة الذاتية، أن العقد الاجتماعي يمكن تعديله سواءً بمبادئه العامة ومواده أيضاً.
“98 مادة منها الإدارة الذاتية جزء لا يتجزأ من سوريا”
واطلعت شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية على مبادئ ومواد “العقد الاجتماعي” لمناطق “الإدارة الذاتية” والتي تتكون من 98 مادة، ضمن 6 فصول و 4 أبواب، وتؤكد أن منطقة “الإدارة الذاتية” هي “جزء لا يتجزأ من سوريا الديمقراطية وتعتمد النظام الديمقراطي”، إضافة إلى اعتراف العقد بجميع اللغات للشعوب المتواجدة وجعلها لغات رسمية، والموارد الاقتصادية ملك للجميع ولا يجوز حكرها على أحد.
والإدارة الذاتية “تعتمد نظام الرئاسة المشتركة” مع “ضمان حقوق المرأة”، مع استمرار إلغاء “عقوبة الإعدام”، إضافة “لحرية الشعوب بالتعبير عن رأيها” وأن “للجميع الحق في المشاركة بالحياة السياسية” ونبذ “التفرقة والعنصرية والطائفية والقوموية” مع “مجانية التعليم وفرضه حتى المرحلة المتوسطة”، وحق كل شخص بطلب “اللجوء وعدم إعادته بشكل قسري”.
“استحداث برلمان والإبقاء على الخدمة العسكرية”
كما في العقد الاجتماعي الجديد أبقت الإدارة الذاتية على “الدفاع الذاتي” (خدمة عسكرية)، وأنه واجب على كل مواطن، مع إعادة هيكلية مجالس الشعب واستحداث “مجلس الشعوب الديمقراطي في شمال وشرق سوريا”.
وينص “العقد الاجتماعي” على أن “تحدَّد شكل العلاقة في جمهورية سوريا الديمقراطية فيما بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا مع المركز والمناطق الأخرى على جميع المستويات وفق دستور ديمقراطي توافقي “، وأن ” يحق للأجهزة الناخبة أن تسحب الثقة من ممثليها عند اللزوم، وينظم ذلك بقانون”، وفي الأخير “العقد قابل للتعديل في حال تم التوافق على دستور ديمقراطي في سوريا”.
إعداد: علي إبراهيم