أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تحركات غير مسبوقة لعدد من الدول العربية على رأسها السعودية بعد 12عاماً من العزلة الدبلوماسية على الحكومة السورية، لتشهد الفترة الماضية إعادة العلاقات مجدداً مع بشار الأسد، ما يمهد لفترة جديدة قادمة قد تختلف عن السنوات السابقة.
وفي أول زيارة رسمية، استقبلت السعودية الأربعاء الماضي، وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وجاءت هذه الزيارة قبل عقد الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق في مدينة جدة السعودية ليكشف البيان الختامي لهذا الاجتماع انقساماً واسعاً حول عودة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية.
وخلال حوار خاص مع المعارض السوري المستقل ومؤسس مبادرة السلام السورية، عصام زيتون، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات حول التحركات العربية تجاه الحكومة السورية وإمكانية عودة دمشق إلى الجامعة العربية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ عصام زيتون:
ما تعليقك على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والحكومة السورية؟
لا يوجد إعادة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين بل هو اتفاق لافتتاح قنصليات ترعى شؤون المقيمين السوريين في السعودية وشؤون السعوديين في سوريا دون تواصل بين القيادات عن طريق البعثات الدبلوماسية كما هو متعارف عليه بين الدول.
هل التحرك العربي تجاه دمشق يهدف إلى تنفيذ مشروع أو خطة قادمة لحل الأزمة السورية؟
التحرك العربي تجاه دمشق يعكس الرغبة العربية بحل مأساة الشعب السوري داخل سوريا وخارجها بعد استتباب الوضع في سوريا دولياً وإقليمياً على ما هو عليه.
التحرك العربي السخيّ والفرصة العربية المعروضة أمام النظام السوري يأتي على الرغم من معرفة جميع العرب بأن سوريا التي تم طرد نظامها من الجامعة العربية عام 2011 بسبب الجرائم ضد شعبه، هي ليست بأي حال من الأحوال سوريا عام 2023.
ديموغرافياً غادر سوريا تهجيراً أو تغييباً أو قتلاً أكثر من 20 مليون سوري غالبيتهم الساحقة من العرب السنة. وتم استبدالهم بمواطنين شيعة بشكل رئيسي وموالين للنظام السوري والإيراني معاً. والمشكلة بأن النظام لا يرى مشكلة في ذلك بل صرح بأن الشعب السوري أصبح متجانساً.
سياسياً سوريا بلد منقوص السيادة حتى في مناطق سيطرة نظام الأسد ليس هو الوحيد صاحب القرار. جغرافياً سوريا مقسمة ومحتلة من أكتر من جهة وفيها فوضى سلاح وميليشيات وولاءات. اقتصادياً سوريا دولة منهارة فاشلة والشعب على حافة المجاعة.
لكن هذا التحرك هو مقدمة لما بعده، فالنظام السوري إذا وافق على الشروط العربية ونفذها ولا سيما العودة الآمنة للاجئين والرضوخ لحل سياسي يضمن انتقال السلطة إلى مجلس حكم انتقالي بحسب القرار 2254 التي تتمسك به مصر وتشترط تنفيذه كشرط لتطبيع العلاقات، فإذا التزم النظام فهذا يعني نهايته وحتمية رحيله سلمياً. وفي حال رفض النظام – وهو المُتَوَقع- فسيكون هناك ترتيبات أخرى ولاسيما أن هذا التحرك العربي تجاه النظام يُعَد أحد ملفات مشروع الاتفاق أوالتسوية السعودية – الإيرانية برعاية وضمانة الصين.
وسائل إعلام تحدثت عن عدم وجود توافق عربي لعودة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية.. ما رأيك بذلك؟
هناك دول ترفض بشدة عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية على اعتبار أن العرب حاولوا كثيرا إقناعه وإغراؤه للخروج من الحلف الإيراني المعادي للعرب دون جدوى وهي المغرب والكويت وقطر ولكن بيان اجتماع وزراء خارجية دول الخليج العربي بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق، هذا البيان بكل فقراته يوحي بأن الشروط العربية على نظام الأسد كثيرة ولم يتم تحقيق أي منها، وعدم التوافق العربي يتراوح بين الرفض القاطع والموافقة المشروطة.
هل محاولات التطبيع العربية مع الحكومة السورية ستبوء بالفشل بسبب الموقف الأمريكي والأوروبي الرافض لهذه التحركات؟
لن تبوء بالفشل بسبب الموقف الأمريكي والأوروبي الرافض لأي تغيير في الوضع الحالي في سوريا، بل سيفشل بسبب عدم وجود أرضية مشتركة يمكن الانطلاق منها لإيجاد حل للمأساة السورية.. ففي حين تسعى الدول العربية لمساعدة سوريا المنهارة في إعادة الإعمار وتأهيل مؤسسات الدولة وإعادة اللاجئين والنازحين، لا نجد بأن الأسد يرى أية مشكلة في سوريا بل يذهب للقاء كمنتصر ويأمل أن يفرض شروطه على العرب وليس بعيداً أن يطلب منهم تقديم اعتذارات ودفع تعويضات. فهو منذ اليوم الأول اتهمهم بتمويل ودعم التحركات الشعبية بداية من عام 2011.
كيف تنظر إلى المرحلة المقبلة من الأزمة السورية؟
المرحلة القادمة بحسب تقديري مرحلة مواجهات عسكرية شاملة فهذا النظام لن يرحل إلا بالقوة. والنظام الإيراني لن يتخلى عن طموحاته التوسعية والنووية إلا بالقوة.
المسألة السورية مرتبطة بشكل وثيق مع الملف الإيراني وحتى بالصدام الروسي – الأوروبي في أوكرانيا وتتأثر بشكل مباشر بميلان موازين القوى في كل الجبهات. وهذا ما وعته المملكة العربية السعودية ومن خلفها العرب وعلى أساسه تحركت بحكمة وبراعة.
حاوره: يعقوب سليمان