أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ سقوط نظام البعث وفرار بشار الأسد، ظهرت عمليات تعدي وانتهاكات بحق المواطنين السوريين في محافظات الداخل، وخاصة من الأقليات وعلى رأسهم المكون العلوي، وذلك لانتمائهم الطائفي بالدرجة الأولى، كما أن العديد من عمليات الإعدامات الميدانية والاعتقال التعسفي والضرب الوحشي ارتكبت من قبل فصائل “إدارة العمليات العسكرية” التابعة لهيئة تحرير الشام.
إجرام النظام السابق لا يعطي الأحقية للمعارضة للاتباع السلوكيات ذاتها
ولا شك في أن النظام السابق ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى بحق المكونات السورية بمختلف انتماءاتها وطوائفها، ولا يمكن نسيان ما قام به هذا النظام البائد من إجرام بحق كل المحافظات السورية بحجة “الإرهاب” ودمر على إثرها مدن بأكملها وهجر الملايين من مناطقهم، إلا أن كل ذلك لا يخول فصائل المعارضة الذي تعرض أبنائها لهذه الجرائم أن يقوموا بالسلوكيات نفسها للنظام السوري، وهو ما يعني أن سوريا ستستبدل نظام استبدادي بنظام استبدادي آخر، ولن يكون هناك دولة موحدة ديمقراطية لكل السوريين.
موجة غضب كبيرة من الجرائم والانتهاكات.. مئات المقاطع تنتشر
عشرات الجرائم والانتهاكات ارتكبت بحق المواطنين السوريين خلال الشهر الماضي، أي منذ سقوط الأسد، وانتشرت عشرات المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أفعالاً وحشية تقوم بها قوات “إدارة العمليات” بحق المواطنين السوريين بمختلف طوائفهم وخاصة المكون العلوي، أو حتى عناصر النظام السابق، وهو ما أثار موجة غضب كبيرة لدى السوريين، خاصة وأن هناك من أيد هذه الجرائم ودعا إلى استمرارها، وهذه العقلية غريبة ودخيلة على المجتمع السوري.
منذ سقوط النظام.. 64 جريمة راح ضحيتها 124 شخصاً
وفي هذا السياق، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتكاب عشرات جرائم القتل في الساحل السوري وحمص وحماة، في ظل استمرار الفوضى وعمليات الانتقام والقتل على الهوية في سوريا، والتي ترتكب من قبل عناصر تابعين “لإدارة العمليات العسكرية” بقيادة هيئة تحرير الشام.
وكشفت حصيلة المرصد أنه تم تسجيل 64 جريمة قتل منذ انهيار النظام السابق في المحافظات المذكورة، شملت إعدامات ميدانية، وأودت بحياة 124 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.
وفي تفاصيل هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الأقليات وآخرين بتهم متعددة ومنها على أساس طائفي وعرقي ومذهبي:
– حمص: 19 جريمة راح ضحيتها (41 رجل و3 سيدات )
– حماة: 27 جرائم راح ضحيتها ( 51 رجل، وسيدتين)
–اللاذقية: 11 جريمة راح ضحيتها ( 1 سيدة، و19 رجال)
– طرطوس: 7 جريمة راح ضحيتها (6 رجال وطفل).
اغتيال وجهاء من الطائفة العلوية
وفي السياق ذاته، اغتال مسلحون مجهولون 3 وجهاء من الطائفة العلوية، باستهداف سيارة على طريق طرطوس – دمشق، وفق ما نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ولفت المرصد السوري إلى أن الضحايا هم رئيس “المبادرة الوطنية للمصالحة” الشيخ جابر محمود عيسى، والشيخ هيثم معلا من قرية بقعو، والشيخ محمد وطفة، فيما لا تزال دوافع الحادثة غامضة حتى اللحظة.
ونوه المرصد أن الضحايا كانوا مكلفين بالعمل على الإفراج عن 9 آلاف عسكري وضابط من النظام السابق جرى اعتقالهم من قبل “إدارة العمليات” في سجون عدرا وحماة وحارم.
تعنيف وضرب وممارسات لا أخلاقية خلال عمليات الاعتقال
وتعاني المحافظات المذكورة أيضاً حالات اعتقالات بحق المدنيين وضرب وتعنيف خلال عملية الاعتقال وتصويرها ونشرها على مواقع التواصل، وهو ما يزيد من الشرخ والانقسام في المجتمع وبالتالي يزيد من فرص اندلاع حرب أهلية وطائفية في سوريا ستكون عواقبها وخيمة، وذلك في وقت كان السوريون يأملون بدولة تحترم حقوق كل أطيافها بعد انقضاء حقبة الأسد السوداء من تاريخ البلاد.
استيلاء على ممتلكات عامة وخاصة.. والسيارات الموحلة تبث الرعب
كما هناك عمليات استيلاء على الممتلكات الخاصة، وهو ما حصل في طرطوس، حيث اشتكى الأهالي من استيلاء فصائل عسكرية على منتجعات في ريف طرطوس، وهي “الكرنك ومنتجع البلوبي” التابعة لوزارة السياحة ومجمع الشاهين الخاص الذي يملكه عائلة من طرطوس لا علاقة لها بالنظام السابق.
كما أن تجول السيارات الموحلة رباعية الدفع التي لاتحمل لوحات مرورية باتت مصدر قلق للأهالي وتبث الرعب في نفوسهم، نتيجة ارتباط المسلحين الذين يستقلونها بالانتهاكات بحق المواطنين.
الأناشيد الدينية المتطرفة تزيد من الانقسام.. ومخاوف من الانجرار لحرب طائفية
ناهيك عن شعارات التطرف والأناشيد الدينية التي تنادي بالقتل والذبح والنحر ضد “النصيرية والروافض” التي يتم تشغيلها عبر مكبرات الصوت في شوارع والمدن السورية تزرع الخوف في قلوب المواطنين وتدفع بالكثير منهم للنزوح وربما الهجرة، كما أن ذلك يزيد من حالة التوتر والفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، ويزيد من الكراهية والطائفية التي تسعى بعض الأطراف لترسيخها خدمة لمصالحهم.
ماذا يُطلب من الإدارة الجديدة ؟
وفي هذه الحالة القائمة، فإن الإدارة الجديدة في سوريا، متمثلة بأحمد الشرع، مطالبة بوضع حد لهذه الانتهاكات، كونها التزمت وتعهدت أمام السوريين بالدرجة الأولى وأمام الدول الإقليمية والعالم، بحماية الأقليات والمواطنين السوريين من أي عمليات انتقامية التي وصفها بالفردية، والتي باتت تأخذ شكلاً ممنهجاً، وذلك قبل أن تُجر البلاد نحو حرب طائفية لن تخدم مصلحة السوريين ببناء الدولة التي حلموا بها بعد سقوط الأسد.
إعداد: علي إبراهيم