أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يتساءل محللون في الشأن السوري عن الجهة التي ستكون “الضحية” في “صراع العروش” في سوريا، في ظل سباق روسي إيراني على بسط النفوذ والسيطرة على القرارات العسكرية والسياسية في البلاد، مرجحين أن يكون “النظام في سوريا” هو الضحية هذه المرة.
وتسعى كل من روسيا وإيران (الحليفتان بمسار آستانا)، لبسط النفوذ والسيطرة على سوريا ومؤسساتها، لتنفيذ مصالحهما، والحصول على القسم الأكبر من الكعكة السورية، والمشاركة في المرحلة السياسية القادمة ومستقبل البلاد.
تباين الآراء حول العلاقات الروسية الإيرانية في سوريا
وفي الوقت الذي يشدد فيه محللون سياسيون أنه “لا خلافات بين الطرفين في سوريا” بدليل أنهما يوصلان التنسيق وسيجتمعان، الأربعاء، بجولة محادثات جديدة بصيغة آستانا حول سوريا، يشدد آخرون “على أن التناقضات في المصالح والخلافات على أشدها بين طهران وموسكو، ولكن بشكل غير علني”.
التناقضات والخلافات بدأت بالتصاعد بين الطرفين بعد شعور طهران أن وجودها العسكري يُستهدف من قبل الإسرائيليين بالتنسيق مع روسيا، حيث أن سلاح الجو الإسرائيلي غالباً ما يدخل في الأجواء السورية ويقوم باستهداف القواعد والنقاط العسكرية الإيرانية في مختلف الأراضي السورية دون أي ردة فعل من قبل موسكو، وهي التي أعلنت سابقاً (موسكو) عن تشغيل أنظمتها للدفاع الجوي في سوريا، وقدرتها على تحييد التحرك الإسرائيلي ضمن الأجواء السورية.
إضافة إلى ذلك، فإن طهران تدرك جيداً أن مستقبلها في سوريا مهدد بوجود موسكو، كون الأخيرة مسيطرة على القرار السياسي والعسكري السوري أكثر منها، بدرجة بدأت تشعر أن روسيا تستفرد بكل ما يحصل في سوريا. كما تشك طهران أن موسكو جاهزة لعقد صفقات مع الغرب لإنهاء وجودها في سوريا (وهو شرط مشاركة الغرب بإعادة الإعمار في البلاد).
أما بخصوص الجانب الروسي، فإن الدور الإيراني وزحفها في البلاد، وسيطرتها على شخصيات كبيرة داخل المؤسسات السورية العسكرية والخدمية، وولاء تلك الجهات لها، ترى فيها روسيا أنها تهديد للمصالح الروسية في البلاد. خصوصاً وأن إيران تعمل أيضاً على استقطاب آلاف السوريين من خلال حملات التشيع، وإدخالهم ضمن قواتها وإنشاء عشرات القواعد والنقاط العسكرية في شرق سوريا وغيرها من المدن.
“انقلاب روسي على الأسد” بعد الشعور بولائه لإيران
القلق الروسي لم يتوقف عند هذا الحد، بل تصاعد أكثر عندما شعرت بولاء الرئيس السوري بشار الأسد لإيران أكثر من روسيا، بالرغم من الدور الروسي الفعال في الحرب السورية وإعادة الأراضي لصالحه، لذلك بدأت بالعزف على وتر ضعف الحكومة السورية على إدارة المرحلة الحالية، وأن الأسد ضعيف ولا يستطيع إدارة مؤسساته ومواجهة الفساد فيها. وذلك في تلميح روسي بضرورة إحداث تغيير كبير في البلاد.
وخلال الفترة السابقة بدأت وسائل الإعلام الروسية تعمل على ذلك، من خلال عشرات التقارير التي تلمح إلى إمكانية “انقلاب روسي على الأسد”، الأمر الذي استغلته طهران، من خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف لدمشق ولقاءه بالأسد للتأكيد على استمرار الدعم حتى مع تغيير روسيا لاستراتيجيتها في سوريا.
حتى مع انتشار كورونا.. ظريف في دمشق
الزيارة الإيرانية رفيعة المستوى لسوريا بالرغم من المخاطر التي تشكلها بسبب انتشار وباء كورونا، تؤكد أهميتها البالغة، كون كان باستطاعة ظريف أن يهاتف الأسد أو يحدثه عبر تقنيات الاتصال، ولكن أهمية المحادثات التي جرت بعد الشعور بتحول الموقف الروسي كان لابد أن تتقابل الأطراف وجهاً لوجه.
وسلطت تقارير إعلامية روسية خلال الأيام الماضية، الضوء على إمكانية تغيير روسيا لاستراتيجيتها في سوريا، وإيقاف دعم “نظام الأسد”، والبحث عن البديل المناسب الذي سيكون مهمته إخراج إيران من سوريا والعمل على الاستفراد الروسي بكل شيء في البلاد، ولعل روسيا والغرب أيضاً متوافقون على اسم “علي مملوك” ليكون بديلاً للأسد الذي يرى متابعون للشأن السوري أنه سيكون “ضحية” صراع العروش في سوريا بين روسيا وإيران.
إعداد: علي إبراهيم