تسعى تركيا إلى لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وتسعى لاستضافة مبعوث الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة. رواية تركيا هي أنها تريد المصالحة مع الولايات المتحدة بعد سنوات من مهاجمة واشنطن، واحتجاز ومضايقة الأمريكيين، واتهام الولايات المتحدة بالتخطيط لمحاولة انقلاب عام 2016، وحتى تهديد الجنود الأمريكيين في سوريا.
استحوذت تركيا أيضًا على نظام S-400 الروسي، وأثارت صراعًا متزايدًا في سوريا والعراق وليبيا وأذربيجان، وهي تعمل بشكل متزايد على توجيه الشباب إلى التطرف لتنفيذ هجمات متطرفة. استضافت تركيا حماس وهددت إسرائيل واليونان. وبسبب عزلة أنقرة، تريد الآن أصدقاء مرة أخرى. ومع ذلك، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى إثارة الصراع في منطقة حساسة من سوريا تسمى منبج.
استهدفت احتجاجات الأيام الأخيرة في منبج قوات سوريا الديمقراطية. تحظى الأخيرة بدعم الولايات المتحدة لمحاربة داعش منذ عام 2015. على الرغم من عدم وجود دليل على مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في أي نشاط ضد أنقرة، فقد استخدمت تركيا وجود قوات سوريا الديمقراطية كذريعة لقصف ومهاجمة سوريا.
ووضع هذا منبج في مرمى نيران تركيا لسنوات، منبج بها عدد كبير من السكان العرب. سعت تركيا، التي تدعم “جيش الوطني السوري” في شمال سوريا، إلى حمل العرب السوريين على محاربة قوات سوريا الديمقراطية، من خلال القبائل المحلية وغيرها.
الهدف هنا من وجهة نظر تركيا هو حمل السوريين على قتال بعضهم البعض، وإلهاء بعضهم البعض عن التمرد السوري الأساسي ضد الأسد. فطالما أن السوريين يقاتلون بعضهم البعض، يمكن لتركيا الاستفادة وزيادة السيطرة.
خلال حقبة ترامب، حاولت تركيا إقناع الأخير بنظرية مفادها أنها ستقاتل داعش في سوريا إذا غادرت الولايات المتحدة. ومع ذلك، كان القادة الأمريكيون يعرفون أنه لا يوجد اي دليل استعداد تركيا لمقاتلة لداعش، كما أن معظم أعضاء داعش الأجانب جاؤوا إلى سوريا عبر تركيا، كما فر كثيرون إلى تركيا عندما هزمت قوات سوريا الديمقراطية داعش في الرقة. تم العثور على زعيم داعش أبو بكر البغدادي بالقرب من الحدود التركية في إدلب في عام 2019. ربما تبادلت تركيا المعلومات حول مكان وجود البغدادي مقابل توقيع إدارة ترامب على غزو أنقرة لسوريا في أكتوبر 2019، والانسحاب الأمريكي.
الآن منبج في مرمى النيران مرة أخرى. وبحسب التقارير فإن الاحتجاجات الجماهيرية في المدينة والهجمات على قوات سوريا الديمقراطية أدت إلى استخدام الذخيرة الحية ضد الحشود.
ويبدو أن التقارير هنا تُظهر أن السكان المحليين مستاؤون من وجود قوات سوريا الديمقراطية، وبأنهم لا يريدون أن تقوم الأخيرة بتجنيد أبناهم، فبينما يسعى نظام الأسد إلى تجنيد السوريين، استأجرت تركيا بدورها فقراء سوريين للقتال في أذربيجان وليبيا كمرتزقة، وغالبًا ما تتركهم هناك بدون أجر.
وهذا يترك تساؤلات حول ما إذا كانت القصة هي التجنيد الإجباري أو الاستياء الأوسع أو محاولات تركيا وغيرها لتقويض سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من خلال السكان المحليين. كما يُزعم أن الفقر والفشل الاقتصادي من الأسباب الجذرية للتوتر.
لماذا يوجد فقر؟ قامت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقطع المعابر عبر الحدود إلى سوريا في السنوات الأخيرة. كان لهذا أثر في تعزيز نظام الأسد مع إضعاف اقتصاد شرق سوريا وإبقاء شمال سوريا الذي تحتله تركيا معتمدًا كليًا على أنقرة. لم يبق أمام السوريين سوى خيارات قليلة، حيث تشير الأخبار الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة قد تخفض بعض الدعم لقوات سوريا الديمقراطية وأن امتيازًا نفطيًا صغيرًا قد انتهى أيضًا في الجزء الخاضع لتأثير الولايات المتحدة من سوريا.
قد يكون هذا كله بسبب الضغط التركي، عززت تركيا دورها العسكري في إقليم كردستان شمال العراق، وشقّت طرقًا جديدة وهددت بإرسال جنود إلى سنجار ومناطق أخرى، لفصل شرق سوريا تمامًا عن العراق.
فتركيا(التي كانت تهرب نفط داعش خلال الحرب) لا تريد تدفق النفط السوري إلى العراق، فأنقرة لا تريد أي عائدات تعود بالفائدة على قوات سوريا الديمقراطية.
وهذا يعني أن تدمير اقتصاد أماكن مثل منبج لتجويعهم وتشجيع الاحتجاجات ضد قوات سوريا الديمقراطية هو جزء من هدف أنقرة وأيضًا نتيجة لعمل المجتمع الدولي مع نظام الأسد.
بسبب الجوع والحصار الاقتصادي، ستواجه قوات سوريا الديمقراطية الكثير من التحديات، قد تكون منبج أول محاولة جديدة من جانب أنقرة للحد من نفوذ قوات سوريا الديمقراطية. إنه مثال رمزي صغير، وربما تواجه قوات سوريا الديمقراطية تهديدات أخرى في منبج بناءً على الوضع الاقتصادي الحالي.
المصدر: صحيفة الجيروزاليم بوست الاسرائيلية
ترجمة: أوغاريت بوست