دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

صحيفة بريطانية: شعوب المنطقة مستاءة من الربيع العربي!

منذ عقد من الزمن، كانت الشعوب العربية تحتفل بسقوط الطغاة، لكنها الآن تحتفل بسقوط الديمقراطية.

فهذه الانتكاسة التي تعرضت لها الحرية السياسية في الشرق الأوسط لها دلالات عالمية. ويرجح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن المعركة بين الاستبداد والديمقراطية سوف تكون سمة هذا العصر. على النقيض من ذلك، نجد بكين وهي تحاول فرض نموذجها الذي يؤكد على أن الاستقرار والنظام أهم من الحرية. كما أن الأحداث الحالية في الشرق الأوسط تمثل نذير شؤم لقضية الديمقراطية بصفة عامة.

ففي تونس، أقال الرئيس قيس سعيد رئيس الوزراء وعطل البرلمان لمدة ثلاثين يوم. ولكن بينما ينظر إلى إجراءات الرئيس التونسي على نطاق واسع على أنها “انقلاب”، حظيت تلك الإجراءات بشعبية كبيرة في تلك الدولة التي تخوض منذ سنوات طويلة غمار أزمة اقتصادية طاحنة وحكومة غير كفوءة.

وقام الجيش التونسي بتحصين مبنى البرلمان في العاصمة تونس في 26 تموز 2021، بعدما أقال الرئيس رئيس الوزراء وأمر بإغلاق البرلمان لمدة 30 يوما.

ولعبت  تونس “الدولة الصغيرة” دورا بارزا في تاريخ الشرق الأوسط؛ فهناك انطلقت شرارة ثورات الربيع العربي ونجحت الثورة التونسية في الإطاحة بزين العابدين بن علي الذي ظل في سدة الحكم لحوالي 23 سنة.

كما إن التجربة الديمقراطية في مصر انتهت في 2013 عندما أطاح الجيش بالرئيس المصري المنتخب الراحل محمد مرسي، وهو الإجراء الذي حظي بشعبية بين المصريين أيضا، والذي وصفه الكاتب “بالانقلاب” . وأشار إلى أن ليبيا غرقت في حرب أهلية بعد مقتل القذافي بينما سُحقت الثورة السورية بأيدي نظام الأسد.

مع ذلك، فأن بقاء الديمقراطية التونسية لا يزال يشير إلى أن الآمال المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي لا تزال تومض بضوء خافت. لكنه حذر من أن انهيار الديمقراطية في تلك الدولة سوف يبعث برسالة معاكسة إلى العالم. وبينما لا تزال الخطط النهائية لسعيد غير واضحة بعد، يبدو أن الأمور تتحرك أكثر نحو الاستبداد.

فكيف يمكن لمن يؤيدون وجهة نظر بايدن تفسير تراجع الديمقراطية في الشرق الأوسط؟ لا داعي للتخلي عن الإيمان بأن الحرية السياسية شيء مهم ولا التخلي عن الأمل في أن تُرسى قواعد الديمقراطية في المنطقة في نهاية الأمر، لكن هناك حاجة إلى قدر من التوازن بين هذا المبدأ وبين معاناة العامة العالقين في دول فاشلة.

فالديمقراطية مهمة دون شك، لكنها تأتي في هرم الاحتياجات بعد الحاجة إلى الغذاء، والمسكن، والأمن. وإذا فشلت الحكومات المنتخبة في توفير هذه الاحتياجات الأساسية، فسوف تتوافر مغريات قوية جدا تدفع بالناس إلى التعلق برجل قوي يعد بالاستقرار.

كما ان لبنان والعراق دولتان تتبعان مبادئ الديمقراطية من الناحية الرسمية فقط. لكن على الصعيد العملي، أنهما تقتربان من الحصول على لقب دول فاشلة، وذلك بعد انفجار مرفأ بيروت الذي دمر العاصمة وأجزاء كبيرة من الدولة بسبب مواد كيمائية غير مؤمنة، بالإضافة الى مقتل السياسيين الإصلاحيين في لبنان، حيث أن الديمقراطية في هذه الدولة ما هي إلا غلاف من الانتخابات وحرية التعبير يغطي بلدا في قبضة أمراء الحرب والجماعة شبه العسكرية حزب الله.

كما أنه ليس من الغريب في العراق أن تُسمع أصوات تجهر بالحنين إلى أيام الطاغية صدام حسين، الذي كان على الأقل يوفر التيار الكهربائي بشكل مستقر بين احتياجات أساسية أخرى، وهو الحنين الذي ظهر بعد أن اتبعت البلاد نظاما ديمقراطيا يوزع السلطة على أساس طائفي، مقوضا أية محاولات للإصلاح وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

كما أن الطغاة في الزمن القديم كانوا يشترون بعض الشرعية بمواد غذائية ومنتجات طاقة مدعومة من الحكومات، لكن هذا الخيار أصبح رفاهية بالنسبة للطغاة الجدد في الشرق الأوسط، إذ أصبحت حكوماتهم غارقة في الديون.

فشلت التجارب الديمقراطية في الشرق الأوسط في حل مشكلات دول المنطقة بينما لا يبدو أن النظم الاستبدادية سوف تتمكن من توفير حلول لتلك المشكلات.

المصدر: صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية

ترجمة: أوغاريت بوست