أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قال السياسي السوري المعارض صلاح علمداري إن سيطرة القوات الحكومية على إدلب “لن تكون سهلة”، وهي مرهونة بانتهاء “الصفقات البينية للدول الضامنة وبحاجة لقرار مباشرة من روسيا”، وأكد أن السيطرة على إدلب ربما “تنهي نفوذ الجهاديين جغرافياً لكن الحل السياسي يحتاج إلى أكثر من ذلك”.
وأوضح صلاح علمداري إن هدف روسيا هو “تحويل الفصائل المسلحة إلى معارضة مدنية أو إنهائها عسكرياً مهما كلف الثمن”، مشيراً إلى أن “وقف إطلاق النار أو وقف القصف على إدلب هو مؤقت، لفترة محددة وغاية معينة”، مؤكداً أن “إبعاد الفصائل عن الطرق الدولية وحشرهم في مساحة أصغر لأجل مسمى أمر محسوم”.
هذه التصريحات أدلى بها السياسي السوري المعارض صلاح علمداري خلال حوار خاص مع شبكة أوغاريت بوست عبر شبكة الانترنت، وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقرأ المستجدات الأخيرة في إدلب ومحيطها؟
وقف القصف على إدلب جاء مجاملة من الرئيس الروسي لنظيره التركي في لقائهم الأخير وسط خلافات عميقة بين الطرفين واقتراب موعد صدام مشروعيهما المختلفين تماماً، فالسياسة الروسية الرسمية المعتمدة في سوريا والثابتة حتى هذه اللحظة هي تحويل الفصائل المسلحة إلى معارضة مدنية أو إنهائها عسكرياً مهما كلف الثمن، بينما المشروع التركي في سوريا كان الرهان على هؤلاء المسلحين لإسقاط نظام الحكم.
روسيا تلعب باحترافية فائقة، حولت كل ما جرى في لقاءات آستانا وسوتشي باسم “الدول الضامنة” إلى خطط جزئية لتنفيذ مشروعها، مصالحات محلية، عزل الفصائل عن حواضنها الاجتماعية، تفكيكها، تجميع المسلحين في إدلب، إنشاء مناطق خفض التصعيد، تحرير الطرق الدولية .. ليكون الفصل الأخير هو القضاء النهائي على المسلحين، في إدلب سينتهي المشوار الثلاثي (الدول الضامنة) لكن ثمة تفاصيل المرحلة الأخيرة لم تكتمل بعد.
ربما يكون التغيير الديمغرافي الذي تعمل عليه الدولة التركية للشمال السوري – بذريعة الخوف على المدنيين – إحدى تلك التفاصيل حيث يتم ترحيل مئات العوائل يومياً من إدلب إلى منطقة عفرين لإسكانهم في بيوت المهجرين قسراً اثر الاحتلال التركي للمنطقة، إدلب هي ورقة التوت الأخير التي تستر عورة الرئيس التركي، المظاهرة الأخيرة التي نظمها الآلاف من سكان إدلب والشعارات التي رفعوها أسقطت عنه تلك الورقة وكشفت مدى التورط التركي في سفك الدم السوري.
هل تعتقد أن وقف إطلاق النار سيصمد ؟
وقف إطلاق النار أو وقف القصف على إدلب هو مؤقت، لفترة محددة وغاية معينة، الجميع يدرك أن جبهة النصرة – مهما كانت التسمية – وحراس الدين وفصائل أخرى جاءت من رحم تنظيم القاعدة هي التي تسيطر على زمام الأمور في ادلب وريفها، وأن حكومة الائتلاف التي تطرحها تركيا لإدارة المنطقة بدلاً من حكومة الإنقاذ التي شكلتها النصرة ستبقى صورية وستبقى في اسطنبول وليس لها مكان على ارض ادلب، من غير الوارد – إذاً – أن تستمر إدلب إمارة اسلامية – حتى مع سياسة اللين التي يتم الترويج لها مؤخراً – على تخوم حميميم.
هل تعتقد أن سيطرة القوات الحكومية السورية على إدلب يمكن أن تدفع بعجلة الحل السياسي ؟
الوضع القائم في ادلب معقد بعض الشيء، وجود عشرات الفصائل المسلحة، آلاف الجهاديين الأجانب، النفوذ التركي .. كل ذلك يشكل – بالتأكيد – عقبة أمام أي حل سياسي، سيطرة القوات الحكومية على ادلب لن تكون سهلة، وهي مرهونة بانتهاء الصفقات البينية للدول الضامنة وبحاجة لقرار مباشرة من روسيا في هذا الصدد، ربما تنهي سيطرة الجيش السوري نفوذ الجهاديين جغرافيا وتصفع أولئك الذين ركبوا الحراك السوري فسلحوه وعسكروه لكن الحل السياسي يحتاج الى اكثر من ذلك، وفي المقدمة انفتاح الحكومة السورية على المكونات وحقوقها والتعامل مع مواطنيها بعقلية جديدة فالعودة إلى المربع الأول أي ما قبل 2011 غير ممكنة.
سيطرة القوات الحكومية على إدلب كيف يمكن أن يؤثر على بقية المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية وتركيا ؟
تركيا استغلت مصائب السوريين لتحقيق أجندات خاصة بها وهي الآن دولة احتلال تحتل مساحة من الوطن السوري (الباب – جرابلس – اعزاز – عفرين وقسماً من محافظة ادلب) عليها ان تنسحب إلى الحدود الدولية وتترك السوريين وشأنهم، الفصائل السورية المسلحة أصبحت – مع الأسف- جزأً من المشروع التركي، تحصل منها على الإمداد وتأتمر بأمرها ولولا الدعم التركي لتلاشت تلك الفصائل منذ زمن، تركيا لا تريد حلاً سياسياً قريباً في سوريا لأنها لم تحصل على مرادها من الكعكة السورية حتى الآن، سيطرة الدولة على محافظة ادلب وانهاء الفصائل الجهادية فيها سينعكس بكل تأكيد على بقية المناطق المحتلة من قبل تركيا لكن أيضاً الموضوع بحاجة إلى الرضى الروسي.
هل تعتقد أن هناك تفاهمات روسية تركية بخصوص تسليم بعض المناطق للحكومة السورية بهدف فتح طرق حلب دمشق وحلب اللاذقية ؟
بعيداً عن التصريحات البروتوكولية والابتسامات اعتقد أن الخلافات الروسية – التركية تزداد كلما تصغر دائرة الصراع السوري وتقترب من الحسم، فتركيا في النهاية متهمة من قبل روسيا برعاية الفصائل الجهادية وبتزويدها بأسلحة نوعية وطائرات درون المسيرة التي تهاجم قاعدة حميميم بين فترة واخرى لكن إبعاد الفصائل عن الطرق الدولية وحشرهم في مساحة أصغر لأجل مسمى أمر محسوم كما اعتقد.
حاوره: بهاء عبدالرحمن