أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قال السياسي والكاتب السوري، أسامة دنورة، إن محاولة التدخل في الشأن الدستوري هي انتهاك لمبدأ السيادة المتساوية وانتهاك للشرعية الدولية ولا يمكن قبوله أو تمريره بأي ثمن، لأنه يعني نزع الأهلية السياسية عن الشعب السوري ومصادرة حقه وقراره السيادي، موضحاً أن تحرير إدلب هو شرط لازم وقد لا يكون كافياً لنجاح العملية السياسية، واستفتاء على تعديل دستوري في ظل تغييب إرادة شريحة لا يستهان بها من السوريين القابعين تحت الاحتلال الإرهابي في إدلب، ويكفر بالديمقراطية والعملية السياسية.
ولبحث آخر التطورات على الساحة السورية، وما هي الخطوات والعوائق التي تعيق تشكيل الدستور السوري، ومن هم الذين يتوجب مشاركتهم، أجرت أوغاريت بوست حواراً مطولاً مع الكاتب والسياسي السوري، أسامة دنورة.
ونص الحوار هو كالتالي:
لا يمكن القول أن موضوع تشكيل اللجنة الدستورية قد نضج أو وصل إلى خواتيمه النهائية، على الرغم من التقدم الذي تم تحقيقه، ولكن العوائق مستمرة وإن تضاءلت، وهي ناتجة بالدرجة الأولى عن ما تمارسه دول ما يسمى ب”المجموعة المصغرة” لتسييس موضوع اللجنة الدستورية، بمعنى تدخلها في خيارات الشعب السوري، فهذه المجموعة ليس لها أي غطاء شرعي دولي، فهي ليست SSG مجموعة دعم سورية، ولا هي منبثقة عن قرار دولي، وإنما مجموعة دول متداخلة بدعم الإرهابيين أو لها مصالح بتوجيه الحل السياسي بما يناسب اجنداتها الجيوبوليتيكية.
تدخل دول المجموعة المصغرة عبر الضغط المباشر السياسي والدبلوماسي على المبعوث الدولي السابق والحالي لمحاولة زرع أسماء تأتمر بأوامر هذه الدول ضمن اللجنة، ومحاولة تحصيل اغلبية تابعة لهم على حساب حصة الحكومة السورية وحصة المستقلين.
لا يمكن القبول بأي تداخل من قبل دول خارجية بالشأن الدستوري حتى لو كان من الحلفاء لأن الشأن الدستوري شأن سيادي بمعنى سيادة الدولة وسيادة الشعب، القرار ٢٢٥٤ وسائر القرارات تتحدث عن عملية بملكية وقيادة سورية (Syrian-led and Syrian-owned) لما يسمى بالعملية السياسية أو الانتقال السياسي، وبالتالي محاولة التدخل في الشأن الدستوري هي انتهاك لمبدأ السيادة المتساوية وانتهاك للشرعية الدولية ولا يمكن قبوله أو تمريره بأي ثمن لأنه يعني نزع الأهلية السياسية عن الشعب السوري ومصادرة حقه وقراره السيادي.
الموقف السوري صلب في الموضوع ولا يتهاون على الاطلاق في محاولة المجموعة المصغرة أو سواها احتلال مواقع لعملائهم ضمن اللجنة الدستورية، وعدم تهاون الدولة السورية يدخل ضمن محافظتها على السيادة ورفض مصادرة حق الشعب السوري في انتاج دستوره أو تعديله دون تدخل خارجي، وإلا عملياً فنحن أمام عودة لنظام “انتداب” بعناوين جديدة ونتيجة واحدة هي فرض إرادة خارجية على الشعب وخياراته التأسيسية في الإطار الدستوري.
الأسس معروفة وهي ثلث لأسماء تقترحها سورية وثلث لأسماء تقترحها المعارضة وثلث من المستقلين، وعلى هؤلاء تتم محاولات المجموعة المصغرة لزرع عملاء بصفة “مستقلين”.
والعملاء هم أي أعضاء يفترض أنهم مستقلون ضمن اللجنة الدستورية وفي الحقيقة يحاول الغرب فرضهم لتمرير محاولة التدخل في الشأن السيادي الدستوري السوري.
لا يمكن القول أن الدور التركي قد أصبح بناءً أو إيجابياً للحل، فعلى الرغم من تسريبات (بعضها تركي) حول اجتماعات أمنية تنسيقية بين الجانبين السوري والتركي، فدعم الإرهاب من قبل تركيا مستمر، وعدم الالتزام باتفاق سوتشي ومخرجات مسار آستانا مستمر، والوجود العسكري الاحتلالي التركي وغموض مستقبله ونوايا الأتراك الغامضة جميعها مستمرة.
أما الدور الروسي مستمر في أطر ثلاث:
1- دعم الجهد العسكري لمحاربة الإرهاب.
2- ترتيب الأجواء الإقليمية والدولية لإعادة بناء منظومة الأمن الإقليمي بما يخدم استقرار دول المنطقة جميعها ووحدتها وسلامتها الجغرافية والسياسية.
3- استمرار الجهد السياسي لدفع العملية السياسية عبر العمل في إطار سوتشي والإطار الدولي مع المبعوث الدولي، ومع الأطراف المتدخلة عربياً وإقليمياً ودولياً.
تحرير إدلب من شأنه أن يفقد الطبقة السياسية المعارضة (التي تعبر عن الإرهاب وتتخذ من جهده رافعة لموقفها السياسي) أن يفقدها تأثيرها على الأرض، ويختتم مساحة التدخلات الخارجية عبر نافذة الإرهاب، ومن هنا الدفاع التركي المباشر، والغربي غير المباشر عن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في إدلب لأن القضاء عليه يعني اختتام مشروع توظيف الإرهاب “الجهادي” على الساحة السورية، ومقدمة لاختتام الاستثمار فيه على ساحة الشرق الأوسط برمته.
وبالتالي يمثل دعم التنظيم الإرهابي نقطة تقاطع مصالح امريكية-تركية- اسرائيلية مشتركة. الأمريكيون لأنهم يعتبرون إدلب خط دفاع متقدم عن مرتزقتهم في الجزيرة السورية، وساحة استنزاف لكل من سورية وإيران وروسيا على حد سواء، والإسرائيلي يبحث عن استمراريتهم لمشاغلة الجيش العربي السوري ومحور المقاومة والتمسك بما تبقى من مشروع إفشال الدولة السورية.
والتركي للمحافظة على ما تبقى من مشروعه التوسعي / الايديولوجي في المنطقة بالشراكة مع الإخوان، ولفرض نفسه كممسك لأوراق وعوامل قوة إقليمية يستطيع صرفها على المستوى الداخلي التركي والمستويين الإقليمي والدولي، لذلك فبالصورة الاجمالية تحرير إدلب هو شرط لازم وقد لا يكون كافياً لنجاح العملية السياسية، فهو لازم لأنه لا يمكن اتمام عملية سياسية بما فيها انتخابات واستفتاء على تعديل دستوري في ظل تغييب إرادة شريحة لا يستهان بها من السوريين القابعين تحت الاحتلال الإرهابي في إدلب، لا سيما أن هذا الاحتلال الإرهابي “يكفر” الديمقراطية والعملية السياسية والانتخابات جميعها معاً وهو قد لا يكون كافياً، لأن التدخل الخارجي مستمر من قبل الأمريكي وغيره بما يعرقل العملية السياسية إن كان على المستوى الميداني في منطقة الجزيرة وأن كان عبر تدخله في موضوع اللجنة الدستورية.
تقرير: فادي حسن