أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم يكن المهاجرون السوريون يدركون أن هناك أياماً عصيبة ستكون عليهم “كالكوابيس” وتمر كالسنوات في رحلة اللجوء إلى أوروبا هرباً من الموت والأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية السيئة في بلادهم، حيث يعيش عشرات المهاجرين السوريين ضمن مراكز الاحتجاز في الغرب الليبي أوضاعاً مأساوية وسط شهادات صادمة عن المعاملة غير الإنسانية التي يتلقونها.
مئات السوريين محتجزين بمعتقلات لميليشيات ليبية
وخلال تقرير وصف “بالصادم” كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أن السوريين في مراكز الاحتجاز الليبي التي تديرها الميليشيات المسلحة في ليبيا، يعيشون أوضاعاً مزرياً، ونقلت عن أحد الشبان ونجا من جحيم المعتقل بعد دفع فدية مالية.
ويقول الشاب السوري الذي كان معتقلاً في ليبيا، أنهم استقلوا قوارب الموت في الهجرة إلى أوروبا آملين الوصول لأحد شواطئ الأمان فكانت ليبيا محتطهم للعبور، إلا أن آمالهم تحطمت بعد القبض عليهم من قبل ميليشيات مسلحة ليبية احتجزتهم في أحد المراكز الخارجة عن القانون التي تجسدت فيها كل ممارسات القهر والتعذيب في ظروف صحية مزرية.
الميليشيات تطلب فديات مالية لإطلاق سراح المحتجزين
وبحسب ما نقل المرصد السوري عن الشاب الذي نجا من المعتقل، فإن هناك 300 سوري آخر يقبعون في هذه المعتقلات، بينما من ينجو من هذا الجحيم من تتولى أسرهم دفع فدية مالية لإطلاق سراحهم حيث بلغت قيمتها 2500 دولار أمريكي لكل شخص، وأشار إلى أن هذه الميليشيات اتخذت من ابتزاز العوائل السورية كمصدر دخل لهم.
ويقول الشاب الذي تحدث للمرصد السوري، أنه تمكن من مراسلة أخيه بعد محاولات عديدة من خلال تكليف أحد المحتجزين الذي كان يستعد للمغادرة بعد دفع الفدية، وتحدث عن هول المعاناة التي عاشها في المعتقل والمآسي التي عاناها، وأشار إلى أن هناك محتجزين من جنيسات عربية عدة وهم ينتظرون ساعة إطلاق سراجهم، لكن مع مطالبة الميليشيات بمبالغ طائلة بات الأمل ضعيفاً لديهم.
ويقول الشاب أنهم كانوا يحصلون على وجبة طعام وكانت عبارة عن “أرز ومعكرونة مسلوقة بماء مالح”، بينما كان القمل والجراثيم والبكتيريا والجرب والأمراض المعدية تتغذى عليهم، وتحدث عن مشاهد مروعة للشبان الأفارقة الذين كان “الدود ينهش أجسادهم”.
أساليب تعذيب وحشية.. ومعتقلات خارج سلطة الدولة
كما تحدث الشاب عن أساليب التعذيب الوحشية التي كان يقوم بها عناصر الميليشيات بحقهم حتى تكسير العظام، وأشار لتعرض 3 مهاجرين سوريين للضرب المبرح بسيخ حديد، مع بتر أصبع لأحدهم.
وأكد الشاب أن المعتقلات في الغرب الليبي هي لميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة الليبية ظاهرياً، متحدثا عن إصابة أخيه بالجرب والقمل بعد عشرين يوما متتالية لم يرى فيها الشمس، “إلى جانب كوننا نجبر على افتراش الأرض عرايا حفايا”.
وكشف الشاب أن هناك عدد من النساء والأطفال من جنسيات مختلفة محتجزين منذ 8 أشهر ولا يعرفون أملاً بخلاصهم مع تدهور حالتهم الصحية بشكل كبير، كما قدم الشاب الذي تحدث للمرصد وثائق تثبت شهاداته في “رسائل مرسلة من محتجزين سوريين لعائلاتهم يناجونها لإخراجهم بأي ثمن”.
وناشد الشاب المرصد السوري إلى إيصال صوت الشبان المعتقلين في غرب ليبيا واخراجهم من الجحيم وخلاصهم من معاناتهم، إضافة لإرسال وفود من المجتمع الدولي تقف على حقيقة الأوضاع.
بدوره أكد المرصد السوري أن هذه الشهادة المروعة التي حصل عليها يضعها بين أيدي المجتمع الدولي ومختلف وسائل الإعلام لإنقاذ السوريين وغيرهم من المحتجزين قبل فوات الأوان، كما دعا المرصد الحكومة في الغرب الليبي إلى التدخل العاجل لإيقاف هذه التصرفات المشينة بحق الكرامة الإنسانية.
تواصل مع جهات ليبية وأممية لحل هذه المعضلة الإنسانية
وفي السياق أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في معرض رده على سؤال لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية حول أي تواصل لهم مع جهات دولية أو ليبية لحل هذه المعضلة الإنسانية، وقال عبد الرحمن، “نعم هناك تواصل مع النائب العام الليبي”، إضافة إلى “وزارة الخارجية الليبية جهات أممية عن طريق أصدقاء موجودين في ليبيا”.
ومن هنا، تضم شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية ممثلة بكوادرها في الداخل السوري والخارج، صوتها لصوت المرصد السوري لحقوق الإنسان وكافة وسائل الإعلام التي تحدثت عن هذه المعاناة، وتدعو المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدولية والأممية للتدخل لمساعدة الشبان السوريين وغيرهم من الأشخاص من جنسيات مختلفة، مع تقديم كل المسؤولين عن هذه المعتقلات إلى العدالة ومحاسبتهم على جرائمهم ضد الإنسانية وضرورة عدم إفلاتهم من العقاب.
إعداد: ربى نجار