أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم تشهد الأزمة السورية أي تقدم في إطار الحلول السياسية التي عقدت لأجلها العديد من المؤتمرات والاجتماعات، حيث سينتهي عام 2021 بعد أيام قليلة، ولا بوادر لأي حل في الأفق ينهي عقد من الحرب والنزاع على السلطة.
الشهر الأخير في السنة العاشرة من الصراع في سوريا، شهد عودة التصعيد العسكري بشكل كبير في الشمال، بعد الانتهاء من ملف درعا في الجنوب، والحديث عن منح السويداء “إدارة محلية موسعة” بعد رفض أهلها الخضوع “للتسويات” على غرار ما حصل في الجارة درعا.
كما دخل الصراع الإسرائيلي الإيراني على الأراضي السورية مرحلة جديدة، مع تصاعد الغضب الشعبي من الصمت الروسي، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية المستمرة و عودة نشاط الإرهاب.
السياسية – اجتماعات ومؤتمرات عدة .. ولا حلول في الأفق
اجتماعات كثيرة عقدت بين الأطراف الرئيسية المتدخلة في الأزمة السورية، (روسيا تركيا وإيران) مع ثلاث جولات للجنة الدستورية السورية كان عنوانها الفشل، آخرها الجولة السابعة التي قال عنها مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أنها لن تغير من رأس السلطة مهما كانت نتائجها.
إضافة لعقد اجتماعات ثنائية وثلاثية بين “ضامني آستانا” لم يستفاد الشعب السوري منها شيء، سوى تصعيد جبهات القتال وسقوط أبرياء في مواجهات واشتباكات بين الأطراف المتصارعة على الأرض.
ولا يبدو أن الحل في سوريا سيكون عبر اللجنة الدستورية، بحسب آراء الكثير من السوريين، كونها لا تعبر سوى عن أهداف ومصالح الدول التي شكلتها، في ظل عجز الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص من تحقيق أو فرض أي حلول تلتزم بها تلك الأطراف.
ومع انتهاء الجولة السابعة لمسار “آستانا” عاد العنف والتصعيد العسكري مجدداً إلى المناطق الشمالية السورية، في مشهد يدل على وجود صفقات واتفاقات “تحت الطاولة” بين الأطراف الرئيسية المتدخلة، في ظل غياب الدور العربي.
لكن الحديث عن امكانية عودة سوريا للجامعة العربية، وزيارة مسؤولين عرب إلى دمشق، أنعش آمال بسيطة للسوريين من كسر استفراد جهات إقليمية ودولية بالملف، وامكانية وضع حد لهذا الصراع عبر العرب.
الاقتصاد – استمرار فقدان الليرة لقيمتها .. و 90 بالمئة من السوريين فقراء
أما في الناحية الاقتصادية، يزداد فقر السوريين أكثر يوماً بعد يوم، دون أي بوادر لكبح انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، الذي أثر بشكل سلبي على أسعار المواد والسلع وأصبحت لا تتوافق على الإطلاق مع دخل الفرد السوري الشهري على الرغم من الزيادات العديدة للحكومة. ويعيش الآن أكثر من 90 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر بحسب الأمم المتحدة.
الملف الأمني – السيطرة على درعا .. ومنح السويداء “إدارة محلية موسعة”
ومن المحطات البارزة أيضاً خلال 2021، سيطرة الحكومة السورية على كامل محافظة درعا لأول مرة منذ عام 2011، وذلك بعد عمليات عسكرية استمرت لشهر، وتمكنت الحكومة برعاية روسية من إخضاع أهالي درعا لتسوية جديدة، وسحب السلاح الثقيل والمتوسط من أبنائها، مع استمرار حالة الفلتان الأمني وعودة عمليات الاغتيال للمشهد من جديد.
كذلك فشلت خطط الحكومة السورية لإخضاع السويداء أيضاً “للتسويات”، بعد رفض وجهاءها وأهها لهذه السياسة، وأدركت دمشق أنها لن تستطيع فرض “تسويات” على المحافظة كما حصل في درعا، لذلك تعمل على منح السويداء “إدارة محلية موسعة” عبر تعديل قانون “الإدارة المحلية رقم 107”.
الصراع الإسرائيلي الإيراني على الأراضي السورية يدخل مرحلة جديدة
أما فيما يخص الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد شهد الشهرين الماضيين تصعيداً كبيراً لإسرائيل ضد إيران، حيث كثفت من قصفها الجوي والبري على نقاط وقواعد عسكرية إيرانية كان آخرها استهداف مرفأ اللاذقية مرتين، وتقول إسرائيل أنها استهدفت شحنات أسلحة متطورة ومخدرات دخلت سوريا، في ظل استمرار الصمت الروسي.
تبرير روسيا لعدم تصدي الدفاعات الجوية للهجوم الإسرائيلي الأخير على مرفأ اللاذقية فجر الثلاثاء الماضي، كون طائرة روسية كانت قريبة من المرفأ، أغضب السوريين كثيراً، واتهموا موسكو بالتواطؤ مع تل أبيب لتحييد الدور الإيراني وإضعافه في سوريا.
الإرهاب – عودة النشاط وهجمات دموية
وشهدت 2021، تصاعداً للعمليات الإرهابية من قبل تنظيم داعش على نقاط وحافلات مبيت للقوات الحكومية وسوريا الديمقراطية أيضاً، على الرغم من الحملات الأمنية والتمشيط المستمر لكلا الطرفين ضد التنظيم وخلاياه النائمة بمساندة روسيا والتحالف.
وشن تنظيم داعش الإرهابي هجمات دموية أغلبها كانت ضد قوات الحكومة السورية والمجموعات المسلحة التابعة لها في البادية، ولم تتمكن الغارات الروسية المكثفة وحملات التمشيط من وضع حد لهذه الهجمات.
والأمر نفسه ينطبق على قوات سوريا الديمقراطية التي لم تستطع بدورها وضع حد لهجمات التنظيم التي شهدت تصاعداً كبيراً خلال العام الجاري، مع إعلانها إفشال هجوم كبير على سجن “غويران” الذي يحوي على آلاف العناصر الأجنبية من داعش.
وحذرت أوساط دولية كثيرة أن داعش بات أكثر تنظيماً وقوة من ذي قبل، وبات بإمكانه السيطرة على بقع جغرافية وإعادة سيناريو عام 2014، عندما كانت المناطق تسقط أمامه تباعاً.
ومع كل هذه التطورات والأزمات التي تعيشها البلاد جراء غياب الحلول السياسية واستمرار الخلافات بين الأطراف المتصارعة على السلطة، لم يعد المواطن السوري ينتظر أي حلول تنهي الأزمة، وفقد الأمل أن يشهد العام المقبل نهاية للأزمة والصراع في بلاده.
إعداد: علي إبراهيم