دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

سوريا تتحول لساحة صراع وتصفية حسابات بين دول إقليمية ودولية مع غياب الدور العربي والدولي والأممي

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تحولت الأراضي السورية بعد 11 عاماً من الحرب والصراع على السلطة لساحة حرب إقليمية ودولية، تتصافى أطراف خارجية حساباتها فيها، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على كافة جوانب الحياة في بلد أرهقته الحروب والتدخلات الخارجية وغياب الحلول السياسية.

أطراف الصراع يتدخلون حتى في الشؤون الداخلية والخارجية

نقل الصراعات بين دول إقليمية ودولية إلى الداخل السوري يتزامن مع تدخلات خارجية في شؤونها الداخلية، حيث ترسم هذه التدخلات شكل سياسة البلاد الخارجية، خاصة وأن السلطة الحاكمة متوافقة تماماً مع ما يقوله الحلفاء وما تتطلبه مصالحهم وليس مصلحة الشعب السوري.

كما أن لهذه التدخلات الخارجية تأثير على سياسة الحكومة السورية تجاه الداخل، وعدم إفساح المجال للسوريين بالجلوس لطاولة الحوار والمفاوضات لحل أزمتهم بأنفسهم دون أي ضغوطات وتدخلات من قبل أي طرف كان لإنهاء الأزمة.

ولا يختلف اثنان بأن غياب الدور العربي والتجاهل الدولي للملف السوري فتح الباب أمام هذه التدخلات الخارجية العديدة في الملف السوري، وهو ما أطال بعمر الأزمة وعدم التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب على الرغم من كل الجهود التي بذلت لحل هذه الأزمة.

سوريا ساحة حرب لأمريكا وإسرائيل وإيران

وتحولت سوريا خلال الأعوام الماضية لساحة تصفية حسابات وصراع بين دول إقليمية ودولية، وخاصة أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى، حيث شهدت البلاد خلال الأيام الماضية جولة عنف جديدة بين هذه الأطراف، بدأت بإشعال نيرانها إيران التي قصفت قواعد عسكرية للتحالف بريف محافظة دير الزور.

التصعيد بدأ يوم الجمعة الماضية، حيث كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن انفجارات عنيفة دوت في أكبر قاعدة ” التحالف الدولي” في حقل العمر النفطي بريف دير الزور، تزامنا مع تحليق طائرات “التحالف الدولي” في أجواء الميادين وهي أحد أكثر المدن انتشاراً للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها.

ورداً على القصف الإيراني، نفذ الطيران الأمريكي قصفاً طال موقعاً “للحرس الثوري” ببادية البوكمال، وموقعاً آخر في أطراف مدينة الميادين من الجهة الجنوبية، ومستودعا للذخيرة في مركز الحبوب ومركز التنمية الريفية مقابل اسكان الضباط في حي هرابش بمدينة دير الزور.

وبحسب المرصد السوري فإن عدد القتلى ارتفع في القصف الجوي لقوات التحالف على دير الزور وصل إلى 19 شخصاً من القوات الإيرانية، وأوضح أن من بين القتلى 3 من عناصر قوات الحكومة، بينما قتل متعاقد مع القوات الأمريكية واصيب جنود آخرون.

ويعود الصراع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني على الأراضي السورية لسنوات ماضية، وذلك بعد انتشار قوات إيرانية ومجموعات موالية لها في كامل البلاد وخاصة في المناطق الجنوبية القريبة من الحدود الشمالية لإسرائيل، حيث تعتبر تل أبيب وغيرها من الدول كالمملكة الأردنية أن التواجد الإيراني في المناطق الجنوبية السورية هو تهديد مباشر لأمنها القومي، لهذا السبب تقوم إسرائيل بين الحين والآخر باستهداف قواعد عسكرية تتواجد فيها قوات إيرانية في مختلف الأراضي السورية.

الصراع الروسي التركي في سوريا

الصراعات في سوريا لا تتوقف عند الأمريكي والإسرائيلي والإيراني، حيث هناك الروسي والتركي أيضاً، الذين يعتبرون حلفاء في مسار “آستانا” إلا أن لكل طرف منهم حساباته وسياساته وأجنداته، فروسيا تريد السيطرة الكاملة على سوريا والتحكم بكامل قرارها ومؤسساتها، حيث فتحت سوريا الأبواب لموسكو للتمركز على البحر المتوسط.

بينما لتركيا مصالح وأجندات أخرى في سوريا، حيث تعتبر أنقرة أن المناطق الشمالية السورية هي بالأساس مناطق تركية، تم تقسيمها وضمها لسوريا خلال معاهدة لوزان عام 1923، وتعتبر أنه بعد قرن من هذه المعاهدة فإن من حقها استعادة هذه الأراضي، وهو ما يمكن أن يفسر التدخلات العسكرية التركية المتعددة في الأراضي السورية بحجة محاربة “حزب العمال الكردستاني”.

وبين ما تريده روسيا وما تطمح إليه تركيا في سوريا هناك صراع ولو كان خفياً بين هذه الأطراف، إضافة إلى أن هاذان الطرفان كل منهما يدعم طرف على حساب الآخر في الصراع على السلطة في سوريا.

السوري هو من يدفع الثمن

وتسيطر تركيا على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وهو ما يتعارض مع الرؤية الروسية، التي تريد كامل التراب السوري تحت إدارة الدولة والاستيلاء على كامل ثرواتها مقابل مساعدة السلطة قائمة، وهذا خلق تناقض بين هذه الأطراف، وأدى لاتفاقيات وصفقات على حساب السوريين تمثلت بتبديل مناطق السيطرة العسكرية للأطراف على الأرض وتغيير التركيبة السكانية في أكثر من محافظة ومدينة سورية.

ليس ذلك فحسب، بل هذه الأطراف الآن تستفرد بالحلول السياسية للملف السوري في ظل غياب الدور العربي والدولي والأممي، وهو ما ينذر ببقاء الحرب قائمة لسنوات أخرى، واستمرار اتخاذ الأراضي السورية ساحة لتصفية الحسابات، وكل ذلك سيكون على حساب الشعب السوري ودولته.

إعداد: رشا إسماعيل