دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

سوريا بعد آستانا وعودة العرب.. الشمال مشتعل والجنوب يعود لدائرة الصراعات مع غياب الحلول السياسية

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع تصاعد القتال والعمليات العسكرية والقصف الجوي والبري في المناطق الشمالية الغربية، ضمن “خفض التصعيد”، والهجمات المتقطعة التي تنفذها القوات التركية على المناطق الشمالية الشرقية السورية، يبدو أن الجنوب أيضاً على موعد من تصعيد جديد، في ظل ما تشهده هذه المناطق من فلتان أمني في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء وصولاً إلى العاصمة دمشق.

منذ آستانا.. تصاعد العنف في منطقة “خفض التصعيد”

ومنذ اليوم الثاني من اجتماعات آستانا في العاصمة الكازاخية، تعيش منطقة “خفض التصعيد” تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، مع عودة سلاح الطيران الحربي الروسي إلى الأجواء، وتنفيذه عشرات الغارات الجوية على مواقع فصائل المعارضة ومصانع “للطائرات المسيرة” تابعة “لهيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” و “الحزب الإسلامي التركستاني”.

بالتزامن مع قصف بري شديد وعنيف لقوات الحكومة على محاور عدة ضمن المنطقة ذاتها، مع رد فصائل المعارضة باستهداف المواقع العسكرية لقوات الحكومة والمناطق المدنية التي تقع تحت سيطرته، بالصواريخ والمدافع والطائرات المسيرة، ومن هذه الهجمات، تلك التي طالت مدينة القرداحة قبل ايام.

هدوء نسبي في الشمال الشرقي.. الجنوب يعود لدائرة الصراع

في الشمال الشرقي، هناك هدوء نسبي في هذه المناطق، مع بعض عمليات القصف المتقطعة للقوات التركية بين الحين والآخر، وذلك بعد أيام من تصعيد عنيف، عبر الاستهدافات البرية والجوية بالطائرات المسيرة.

أما في الجنوب، الذي يشهد محافظاته الثلاثة، فلتاناً أمنياً كبيراً، من حيث تصاعد عمليات الاغتيال والقتل والاشتباكات بين القوات العسكرية للحكومة السورية ومسلحين مجهولين تارة وفصائل مسلحة محلية تارة أخرى.

لأول مرة منذ 2018.. غارتين جويتين على ريف درعا

وفي تطور وصف بالخطير واللافت، تعرضت مناطق في ريف درعا، فجر الثلاثاء، لاستهداف بغارتين جويتين لطائرات تابعة لقوات الحكومة السورية، فتحت الباب أمام كثير من التساؤلات، حول توقيت هذه الغارات والأسباب التي آلت لتنفيذها، ومن هو المستهدف.

ويعتبر هذا القصف الجوي هو الأول من نوعه منذ سيطرة الحكومة على محافظة درعا في تموز/يوليو عام 2018.

أما في التفاصيل، استهدفت غارة جوية منطقة زراعية بين مدينتي طفس ودرعا تسمى بأرض السعادة، وهي محاطة بقطع عسكرية حكومية وحاجز عسكري “حاجز السرو”، وأسفرت الغارة عن إصابة طفل بجروح خفيفة.

أما الغارة الثانية فقد طالت منطقة تقع بين بلدتي اليادودة وعتمان غربي محافظة درعا دون أن تسفر عن إصابات بشرية.

بدوره قال موقع “تجمع أحرار حوران” أن طيراناً حربياً سورياً من نوع سوخوي 24، نفذ غارات جوية قرب بلدة اليادودة بعد إقلاعه من مطار التيفور بريف حمص.

آراء متباينة حول الاستهداف.. ماذا أرادت دمشق ؟

محللون سياسيون ومتابعون للشأن السوري، وضعوا احتمالات وفرضيات عدة لهذا الاستهداف الأول من نوعه منذ سنوات، خاصة في وقت لم يعلم بعد من هو المستهدف وما الغاية من هذه الغارات.

وجاءت الآراء بأن الاستهداف طال تجار ومصانع لصناعة المخدرات، وهي رسالة من دمشق للدول العربية تسعى من خلالها لإظهار نفسها تقوم بمكافحة المخدرات وقد بدأت بمواجهتها، وذلك بعد اعادة العلاقات والعودة للجامعة العربية وحضور الرئيس بشار الأسد لقمة الرياض، وهنا يجب على دمشق تقديم خطوة مقابل هذه الخطوات التي قام بها العرب.

وأشارت الآراء هذه، إلى أن الغارات الجوية تزامنت مع تسليط الإعلام العربي مرة أخرى الضوء على المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية، والتي تنص في بنودها على أن دمشق يجب أن تكافح وتحارب تجارة المخدرات العابرة للحدود، لما لذلك من خطورة على أمن دول الجوار.

“الغارات الجوية تعني عدم قدرة دمشق مواجهة الفصائل على الأرض”

أما الاحتمال الثاني، فقالت أن الجنوب السوري وخاصة درعا، تحوي على مجموعات مسلحة عدة، منها الموالية للحكومة السورية، ومنها من جندت من قبل المخابرات العسكرية لتنفيذ عمليات الاغتيال بحق قادة وشخصيات وعناصر المعارضة، وهناك فصائل مسلحة محلية لاتزال تحافظ على سلاحها وفقاً للاتفاقيات والتسويات التي حصلت وهي مسؤولة عن حماية مناطقها، وهناك مجموعات تعمل على ترويج وصناعة وتهريب المخدرات.

وأشارت هذه الآراء أن الاحتمال الأكبر، أن الحكومة السورية تريد أن تثبت للفصائل المسلحة المحلية في درعا وأهلها، أنها قادرة على إعادة الطيران للأجواء، لافتين إلى أن هذه الغارات تؤكد أيضاً في حال ثبات صحة هذا الاحتمال، عدم قدرة دمشق على مواجهة الفصائل المسلحة المحلية عسكرياً على الأرض.

ولا شك في أن الأيام القادمة ستزيل كل هذا الغموض عن من هو المستهدف في هذه الغارات الجوية وما هي الرسائل التي أرادت دمشق ايصالها جراء الاستهداف هذا، إلا أن المعلوم إن اجتماعات آستانا الأخيرة أعاد التصعيد العسكري للشمال، في ظل غياب الحلول السياسية وانعدامها حتى بعد عودة العرب واستعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية.

إعداد: ربى نجار