أوغاريت بوست (دمشق) – يسعى رجل ستيني سوري، إلى إنقاذ اللغة الآرامية من خطر الاندثار، وذلك من خلال ترجمة مخطوطات بهذه اللغة المتأصلة بقريته إلى اللغة العربية التي طغى التكلم والتعامل بها بين أفراد الجيل الجديد.
جورج زعرور من بلدة معلولا في ريف دمشق، ينكبّ على مراجعة كتاب قديم ويدقّق عبر عدسة مكبرة في كلمات مخطوطة باللغة الآرامية، ثم ينقلها إلى الورق في محاولة لحفظها بعدما باتت لغة السيد المسيح (ع)، التي لا تزال تستخدمها بلدة معلولا، مهددة بالاندثار.
وقال زعرور، وهو أحد آخر خبراء اللغة الآرامية وموثقيها في سوريا، “اللغة الآرامية تحتضر، تتألم وتتحسّس الخطر”، محذراً من أنه إذا بقي الوضع على حاله، فسنشهد انقراض اللغة الآرامية.
وفي متجره الصغير، حيث يبيع الأيقونات الدينية والصلبان، يحتفظ المدرّس بمخطوطات ومراجع متعلقة باللغة الآرامية، انهمك خلال السنوات الماضية في جمعها. ويقضي أيامه في دراستها وترجمتها إلى اللغة العربية، بعدما ألّف حوالي 30 كتاباً عن تاريخ اللغة الآرامية.
وتعود بدايات هذه اللغة السامية، المعروفة بكونها لغة السيد المسيح (ع)، إلى القرن العاشر قبل الميلاد.
وتُعدّ معلولا من البلدات القليلة في الشرق الأوسط، التي لا تزال تستخدم هذه اللغة. وتقع البلدة المعروفة بآثارها القديمة ومغاورها المحفورة في الصخر، في منطقة القلمون الجبلية على طريق استراتيجي يربط لبنان بدمشق. ويعود تاريخها إلى العصور الأولى للمسيحية.
وتجدر الإشارة إلى أن البلدة كانت وجهة سياحية لملايين الزوار سنوياً، قبل اندلاع الأزمة السورية، وكان الزوار يستمتعون لسماع لغة السيد المسيح (ع)، تتردد في أزقتها. وكان عدد سكانها أكثر من ستة آلاف نسمة، غالبيتهم من الكاثوليك الذين يتحدثون اللغة الآرامية.
ويضيف زعرور متأسفاً، أن80 بالمئة من سكان معلولا (اليوم)، لا يتكلّمون الآرامية، في حين أن أعمار البقية التي تتكلمها فوق الستين عاما.
وتُعد معلولا البلدة الأشهر من أصل ثلاث في محيط دمشق لا يزال سكانها يتحدثون الآرامية. ويتكلم سوريون مسيحيون في شمال شرق سوريا اللغة السريانية المنبثقة أساساً من الآرامية.
والآرامية من اللغات السامية التي اعتمدتها الإمبراطوريات السريانية بالإضافة إلى الفرس قبل 2500 عام. واستمرت لغة محلية في المنطقة خلال الحقبتين اليونانية والرومانية حتى الفتح الإسلامي. وللآرامية لهجات عدة لا تزال مناطق في تركيا وشمال العراق تتحدثها.