الزيارة التي قام بها وفد رفيع من القيادات الأمنية العراقية، ويترأسه وزير الدفاع ثابت العباسي إلى جانب قيادات أمنية، جاءت في المعلن من أجل مناقشة التعاون الأمني المشترك بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق، حيث ينظر في هذا التفاهم والاتفاق إلى ما هو أبعد من هزيمة عصابات داعش الإرهابية التي سيطرت على ثلث العراق، وتم تحريره بمشاركة كل تشكيلات القوى الأمنية.
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وبعد الاستقرار السياسي الذي شهده العراق، يسعى إلى إعادة سطوة البيت الأبيض على السياسة الأميركية، وبعد أن فشلت السفيرة الأميركية إلينا رومانوسكي في توجيه السياسة العراقية يريد وزير الدفاع الأميركي أن يقود حركة التغيير وإعادة الهيمنة الأميركية على المنطقة من خلال العراق.
على الرغم من دعوى واشنطن أنها ما زالت تقدم الدعم والمشورة والمساعدة من أجل تمكين قوات الأمن العراقية في حربها ضد الإرهاب، إلا أننا لم نجد هذا الدعم على أرض الواقع، فلا دعم واقعيا للقوات الأمنية في حربها ضد الإرهاب الداعشي طوال سنتين. وتبقى مثل هذه الدعاوى مجرد شعارات تسعى لها واشنطن من أجل أن تربح على المستوى الداخلي الأميركي أو تعطي صورة عن واقعها المزيف.
ينظر في هذا الاجتماع إلى ما هو أبعد من هزيمة داعش، وهو ثمرة زيارة قام بها أوستن إلى بغداد في مارس الماضي، وأكدته نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط خلال مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي بقولها “نحن مهتمون بعلاقة دفاعية دائمة ضمن شراكة إستراتيجية”. وهنا لا بد من طرح تساؤل، هل هذه الشراكة بديل عن الاتفاقية الإستراتيجية التي وقعت بين بغداد وواشنطن بعيد الاحتلال الأميركي للعراق، أم أن هناك أمرا جديدا يحدث في المنطقة يستوجب تدخلا أميركيا محتملا؟
العديد من المسؤولين العراقيين يعتبرون أن الاتفاق الجديد يمهد لإقامة علاقة جديدة بين العراق وواشنطن، والتهيؤ لإقامة علاقات إستراتيجية مع الحكومة العراقية لسنوات قادمة، حيث يبحث هذا الحوار “التعاون الأمني المشترك” وسبل تطبيع العلاقات الثنائية بين جيش الولايات المتحدة والجيش العراقي، والذي يشمل برنامج التدريب للقوات العراقية التي بدأت تأخذ دورها الحقيقي في الدفاع عن العراق وشعبه، ليس بدعم من واشنطن بل بإيمانها بالدفاع عنهما أمام تنظيمات إرهابية جاءت بأجندات خارجية لرسم خارطة جديدة للمنطقة.
التحركات الأميركية الأخيرة ودخول بارجتين أميركيتين بمعية 3000 جندي أميركي جاءت ليس من أجل تقديم الدعم للعراق وشعبه، وهو أمر ليس معتادا من قبل واشنطن، بل جاءت من أجل ضرب الاستقرار الحاصل في المنطقة، وتحديداً بعد التقارب المهم بين سوريا والمملكة العربية السعودية وتبادل الزيارات بين البلدين، إلى جانب المناقشات والحوارات المهمة بين طهران والرياض، التي مكنت بإرادة البلدين من خلق جو آمن بعيداً عن سيطرة واشنطن وتأثيرها السلبي على المنطقة.
من الضروري استثمار وهج الاستقرار من أجل إحياء الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية بين الدول العربية والإسلامية، وتفعيل دور الدفاع العربي المشترك، بالإضافة إلى إيجاد التفاهمات الضرورية من أجل قبول طهران كلاعب مهم في المنطقة وكسبها كصديق أكثر من عدو.
محمد حسن الساعدي – كاتب عراقي – العرب اللندنية
المقالة تعبر عن رأي الكاتب والصحيفة