التغيير في قواعد الاشتباك اتخذ منحى آخر بعد أن زودت إيران الفصائل المسلحة وأذرعها في العراق بصواريخ ذكية وطائرات مُسيّرة بعيدة المدى لسهولة عبور شحنات الأسلحة إلى الأراضي العراقية.
العراق ساحة خلفية للمواجهات العسكرية
كثيرة هي التحذيرات التي بدأت تطرق أبواب العراقيين والتخوّف من القادم المجهول في ظل توقع انزلاق العراق في أحداث غزّة ودخوله إلى ساحة المواجهة مع إسرائيل.
في ضفة السياسة يبدو أن الجميع متخوّف من الأحداث التي بدأت تتسارع وتتضخم مثل كرة الثلج وهي تتدحرج في هذا البلد في ظل تبادل التحذيرات، فائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي لم يُخف قلقه من محاولات إضعاف حكومة السوداني وضرورة إبعاد العراق عن حروب الإنابة، من جانبه حذر رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي من تطورات الهجمات المضادة التي تشنها فصائل مسلحة على الأراضي العراقية، مؤكداً أن العراق يواجه مرحلة جديدة من التعامل حيث تلقّى ثلاثة تحذيرات دولية بحسب زعمه، كان التحذير الأول من ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت، وبكلمات مشابهة من السفير البريطاني، كما نقلت السفيرة الأميركية إلينا رومانوسكي رسالة ثالثة إلى هادي العامري رئيس منظمة بدر، ونوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون حسب تأكيد الحزب الشيوعي، ويشير إلى ضرورة أن يكون القرار عراقياً بمعنى أن تكون الدولة صاحبة القرار وقادرة على الدفاع عن قرارها وتحمّل نتائجه وأن تكون أكبر من سلاح الفصائل لأن العكس يعني أن هناك مشكلة في بيئة الدولة العراقية.
في بيان لوزارة الخارجية العراقية أعلنت الحكومة العراقية عن تسلمها رسالة وِصِفت بـ“المهمة” من الحكومة الأميركية بعد القصف الأميركي الذي طال مناطق جُرف الصخر والقائم التي تتمركز فيها فصائل من الحشد الشعبي. نقلت الرسالة السفيرة إلينا رومانوسكي لدى استقبالها من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء والجهات المعنية سيدرسان هذه الرسالة المهمة وستتخذ الخطوات القادمة بشأنها قريباً.
◙ إن كان العراق مجبرًا أو بطرًا، فإن الأحداث تخبرنا بأن الأراضي العراقية ستكون ساحة خلفية للمواجهات العسكرية بين أطراف إقليمية، أو ستشهد حروباً بالإنابة يدفع العراقيون أثمانها
على الصعيد العسكري أصدرت قيادة القوة الجوية العراقية بياناً طالبت فيه بتوخي الحذر والاستعداد لأي اعتداء خارجي بعد زيارة قام بها كل من قائد القوة الجوية ونائب قائد القوات البرية وممثلين عن قيادة العمليات المشتركة ورئاسة أركان الجيش وبحضور قائد عمليات الجزيرة وقائد قاعدة عين الأسد، حيث طالب البيان بأن يكون الجميع على أهبة الاستعداد كون قاعدة عين الأسد من القواعد الجوية المهمة لقيادة القوة الجوية ومقرا لقيادة عمليات الجزيرة.
وتتحدث مصادر عسكرية عن خسارة العراق الرادار الفرنسي الوحيد الذي كان يمتلكه وبات يصعب إصلاحه نتيجة الضربة الأخيرة التي استهدفت قاعدة عين الأسد، حيث كان العراق قد تعاقد على شراء خمسة رادارات فرنسية لتغطية الأجواء والسيطرة عليها ولم يحصل سوى على جهاز واحد بعد أن تأخر تسليم الأربعة، لكن مُسيّرة تسببت في تدميره بعد أن سقطت عليه، مع الإشارة إلى أن إعادة تصليحه تكلف الملايين من الدولارات ولن يعود إلى العمل كسابق عهده. وعلى صعيد متصل تشير المصادر إلى أن صواريخ الفاتح 110 التي استهدفت منزل رجل الأعمال الكردي بشراو دزايي في أربيل كانت رسائل إيرانية إلى إسرائيل تفيد بـ“أننا امتلكنا صواريخ بمدى بعيد يمكنها الوصول إليكم”.
التغيير في قواعد الاشتباك اتخذ منحى آخر بعد أن زودت إيران الفصائل المسلحة وأذرعها في العراق بصواريخ ذكية وطائرات مُسيّرة بعيدة المدى لسهولة عبور شحنات الأسلحة إلى الأراضي العراقية وصعوبة تمريرها عبر سوريا، بسبب تركيز الرصد على الحدود واستهداف شاحنات النقل جواً، مما يؤكد فرضية أن عمليات الفعل ورد الفعل ستزداد على الأراضي العراقية.
إن كان العراق مجبرًا أو بطرًا، فإن الأحداث تخبرنا بأن الأراضي العراقية ستكون ساحة خلفية للمواجهات العسكرية بين أطراف إقليمية، أو ستشهد حروباً بالإنابة يدفع العراقيون أثمانها حيث لا يستطيعون تسديد تلك الأثمان.
سمير داود حنوش – كاتب عراقي – العرب اللندنية
المقالة تعبر عن رأي الكاتب والصحيفة