أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الفترة القريبة الماضية، تعاظم ملحوظ للدور الروسي في مناطق سورية عدة تُحسب وفقا لجغرافية النفوذ على دول أخرى فاعلة على المشهد السوري، ولعل أبرز هذه التحركات برزت من خلال الاتفاقية الأخيرة التي رعتها موسكو في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة بين قوات الحكومة السورية ومن خلفها “الدفاع الوطني” و قوى الأمن الداخلي “الأسايش” والتي أفضت لسيطرة الأخيرة على حي “طي” في المدينة بعد أيام من الاشتباكات العنيفة باعتباره المعقل الرئيسي والأخير لقوات “الدفاع الوطني”.
كل ذلك ترافق مع تقارير إعلامية عدة تحدثت عن نية روسيا تشكيل مجموعات مسلحة محلية في محافظة السويداء ذات الخصوصية جنوبي سوريا وذلك بعد زيارات عديدة لوفود عسكرية رفيعة المستوى من قاعدة حميميم خلال الفترة الماضية ولقائهم مع وجهاء المحافظة وبمقدمتهم زعيم الطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري والذي تحدث في أكثر من مناسبة عن مطالب متعددة لأبناء المحافظة خدمية منها وتسوية أوضاع الشبان هناك ولعل روسيا استطاعت تلبية هذه المطالب وكسب أهالي المنطقة كما حدث سابقاً ويحدث الآن في مناطق سورية أخرى.
وخلال حديث خاص مع الباحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتورة عبير الحيالي، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة، حول الأسباب التي أدت لتعاظم الدور الروسي في مناطق سورية جديدة خلال الفترة الماضية عبر اتفاقيات وتسويات، وهل يأتي الصعود الروسي على حساب التواجد الإيراني وبموافقة أمريكية، ومدى قدرة روسيا بالاعتماد على المجموعات المشكلة حديثاً في إعادة هيكلية المؤسسة العسكرية والأمنية الحكومية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته شبكة “أوغاريت بوست” مع الدكتورة عبير الحيالي:
ماهي الأسباب التي أدت الى تعاظم الدور الروسي في مناطق سوريا جديدة؟
أدى التنافس الأمريكي – الروسي في بعض المناطق السورية إلى تعاظم الدور الروسي وذلك لحمايه مصالحها في بعض المنشآت النفطية، وعملت الأخيرة على زياده انتشارها وتواجدها في مناطق سوريه جديدة بشكل منتظم لتحجيم الدور الايراني، ويعود ذلك لسببين رئيسين أولهما ابعاد ايران عن المشهد السياسي السوري “ولو جزئيا” لإتاحة الفرصة لسوريا ومحاوله دمجها مجددا بمحيطها العربي وبالتالي عودتها الى الجامعة العربية التي تعتبر عن طريق بعض أعضائها أن الدور الايراني في سوريا بشكله الراهن يعتبر عقبه حقيقيه في تحقيق ذلك. ومن جهة أخرى يخشى الجانب الروسي من أن التوصل الى اتفاق إيراني – أمريكي بشأن البرنامج النووي من الممكن أن يؤدي إلى تمدد ايراني في سوريا يهدد مصالحها بشكل مباشر ولذلك زيادة تواجدها سيحصنها من أي نتائج مستقبلية.
هل الصعود الروسي خلال الفترة الحالية يأتي على حساب التواجد الإيراني وبموافقة أمريكية؟
الصعود الروسي يهدف الى تقليص الدور الإيراني ولو راقبنا المشهد السياسي نجد أن موسكو لديها خطط واضحه لتحجيم الدور الايراني ولديها ليس فقط موافقه أمريكية وإنما موافقة جميع الدول الفاعلة في الملف السوري كتركيا والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
هل التحركات الروسية الأخيرة في القامشلي والسويداء تهدف الى تشكيل مجموعات محلية موالية لها؟
تعمل موسكو على تشكيل وتسليح بعض المجموعات المحلية لتشكيل حاضنة شعبية تستطيع بموجبها مناورة عدة أطراف ففي القامشلي مثلا تستطيع من خلال هذه الحاضنة تهديد المصالح الأمريكية التي تعتمد على قوات سوريا الديموقراطية في تحقيق مصالحها. ومن جهة أخرى تستطيع أن تضغط على “قسد” من خلال إيجاد قوه موازية لها من أبناء المنطقة، بالإضافة الى التلويح بقدرتها على ايقاف أي تمدد ايراني سواء في شمال شرق سوريا أو المدن الداخلية بسلاح محلي قائم بشكل رئيسي على أبناء هذه المناطق.
هل تسعى روسيا لإيجاد مجموعات بديلة عن القوات الحكومية في إدارة بعض المدن السورية؟
لا يمكن لأي طرف أجنبي أن يستبدل القوات الحكومية السورية، حيث أثبت الجيش السوري في سنوات الأزمة قدرته على التماسك ومن المؤكد أنه استعان بالحلفاء ولكن لا يمكن الغاء دوره والاستعاضة عنه بمجموعات يتم تشكليها. مازال الشعب السوري يؤمن بالجيش كقوة حاميه ورادعه ويحظى بشعبيه قويه. ولذلك فإن لهذه المجموعات التي يتم تشكيلها دور محدد لا يمكن تجاوزه.
هل من الممكن أن تكون هذه المجموعات المشكلة حديثاً نواة لإعادة هيكلية المؤسسة العسكرية والأمنية؟
المؤسسة العسكرية في سوريا مؤسسة متماسكة في حال حدوث اي تطوير او تغيير في هيكلية المؤسسة ستكون بشكل مدروس وبعيدا عن التدخلات الروسية او غيرها كما انني لا اعتقد أن هذه المجموعات ستتمكن من إثبات قدرتها على منافسه المؤسسة العسكرية.
حاورها: يعقوب سليمان