أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ نحو أسبوعين، تشهد المناطق الشمالية السورية بشقيها الشمالي الشرقي والشمالي الغربي، تصعيداً عسكرياً عنيفاً، قد يكون الأكبر والأعنف منذ سنوات، وذلك من حيث شن تركيا لعملية عسكرية جوية استهدفت إلى الآن 80 بالمئة من البنى التحتية في مناطق الإدارة الذاتية، فيما تقوم الحكومة السورية بمساندة روسيا بشن هجمات عنيفة وموسعة على منطقة “خفض التصعيد”.
تصعيد عسكري يشمل كامل مناطق الشمال السوري
التصعيد العسكري في الشمال، تؤكد أوساط سياسية سورية متابعة أنه مرتبط بشكل وثيق مع بعضه البعض، وهو يصب في إطار محاولة كل طرف فرض الهيمنة العسكرية على الآخر، وزيادة مناطق نفوذه، وهي الأطراف نفسها التي تمنع الشعب السوري من التوصل إلى حل سياسي ينقذ بلاده من التقسيم والانهيار وينهي هذه المعاناة المستمرة منذ 12 عاماً.
التصعيد العسكري كان متوقعاً لدى الكثيرين خاصة بعد سلسلة اجتماعات عقدت بين أطراف مسار آستانا، ووزراء خارجية ودفاع وأجهزة استخبارات هذه الدول بمشاركة الحكومة السورية، وذلك من حيث أن كل اجتماع أو لقاء لهذه الأطراف تعقبه جولة تصعيد وحرب جديدة لا يدفع ثمنها إلا الشعب السوري.
“80 بالمئة من البنى التحتية دُمرت”.. و”خفض التصعيد” تتحول “لجحيم”
ومنذ الثلاثاء الماضي، تشن تركيا حرباً عنيفة ضد مناطق “الإدارة الذاتية” عبر الطائرات الحربية والمسيرة والقصف المدفعي والصاروخي العنيف، وتركزت على البنى التحتية في هذه المناطق وأسفرت بحسب تقارير إعلامية عن تدمير 80 بالمئة منها، كما طالت مواقع عسكرية وأمنية ومناطق وقرى مدنية، أسفرت عن عشرات الضحايا والإصابات.
تزامن العنف في الشمال الشرقي، مع تزايد تدريجي لعمليات القصف الجوي والبري لقوات الحكومة السورية وروسيا على “خفض التصعيد”، حيث طالت الغارات الجوية مواقع عسكرية ومدنية واسعة من أرياف إدلب وحلب وحماة واللاذقية، إضافة إلى حديث عن استخدام قنابل الفوسفور الأبيض، وهو سلاح محرم دولياً، في دارة عزة، التي شهدت نزوح كبير للأهالي لمناطق أكثر امناً.
“كافة الأطراف المتصارعة متواطئة ضد السوريين”
ولا شك في أن هناك ترابط وثيق بين التصعيد العسكري في عموم الأقاليم الشمالية السورية، حيث أن الأطراف كلها تعمل على فرض الهيمنة العسكرية على مناطق تقارب نصف مساحة سوريا، وتنطلق بنفس الأدوات والذارئع والتلاعب السياسي، وهو ما أكدته السياسية السورية الدكتورة سميرة المبيض، عضوة اللجنة الدستورية السورية عن فئة “المجتمع المدني”، وأشارت إلى أن كافة الأطراف المتواطئة ضد السوريين ببناء دولتهم الحديثة وبمواردهم وبتنمية بلادهم وتقدمها؛ مشاركة في هذا التصعيد.
“القوانين الدولية عجزت عن حماية السوريين ومحاسبة القتلى”
وفي وقت يتم فيه استهداف مباشر وممنهج للبنى التحتية التي تعتمد عليها نحو 10 ملايين نسمة في الشمال الشرقي والغربي، هناك استغراب كبير لدى السوريين من عدم تدخل أي طرف دولي أو أممي إزاء ما تفعله أنقرة، وهو ما علقت عليه السياسية السورية الدكتورة سميرة المبيض بالقول، أن “الحرب المستمرة في سوريا كشفت على عجز القوانين الدولية وتقاعسها عن محاسبة أي طرف يستهدف البنى التحتية، وهو ما يضع حياة الملايين من البشر منهم نساء وأطفال تحت الخطر.
وأكدت عضوة اللجنة الدستورية في حديثها لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، أن بيانات إبداء القلق والدعوة لخفض التصعيد، لا يعد إلا كلام فارغ ويعبر عن فشل كافة المسارات الدولية لإيجاد حل للأزمة السورية وحماية المدنيين وحل الأزمة في بلاده.
“وقف التصعيد يجب أن يبنى على رؤية سياسية مستدامة”
وفيما إذا كانت هناك جهود من قبل الشخصيات السياسية السورية بالتواصل مع أطراف دولية وأممية للضغط على أنقرة وموسكو لوقف الحرب في شقي الشمال، قالت المبيض، أن وقف التصعيد يجب أن يبنى على رؤية سياسية مستدامة تحقق الاستقرار والامن لكافة الاطراف، ولفتت إلى أنها طرحت في مبادرتها في السابع من أيار/مايو حول استقلالية الأقاليم الشمالية انطلاقاً من هذه المناطق نحو بناء سوريا الاتحادية منعاً لتقسيم البلاد ودرءاً لاندثار هويتها وتشريد شعوبها وانتهاك حقوقهم من اي طرف كان.
“التصعيد الحالي ستدفع السوريين لمسارات تؤسس لدولة حديثة”
واعتبر الكثيرون أن التصعيد العسكري الحالي، أثبت أن الحلول السياسية في سوريا بعيدة حالياً، وأن أطراف الصراع على السلطة لاتزال متمسكة بالخيارات العسكرية، فيما رأت السياسية السورية الدكتورة سميرة المبيض، عضوة اللجنة الدستورية السورية عن فئة “المجتمع المدني”، بأن التصعيد العسكري الحالي هو إنهاء لكافة المسارات الفاشلة والفاعلين ضمنها وبالأخص ممن باعوا قضية السوريين، وأشارت إلى أنها خطوة كاشفة عن مزيد من التلاعب السياسي وستدفع السوريين حتماً إلى مسارات أكثر تقدماً لفرض خارطة طريق سورية تنهي حقبة الشمولية وتؤسس لدولة سوريا الحديثة.
إعداد: ربى نجار