أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تتسارع الخطوات العربية تجاه سوريا بشكل لافت وخاصة بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير الماضي، في وقت يبدو أن عودة دمشق إلى الحضن والجامعة العربية باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى، تزامن ذلك مع إعلان “الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا” عن “مبادرة لحل الأزمة” تقوم على أساس “وحدة الأراضي السورية وسيادتها وتوزيع الثروات بشكل عادل”.
تسارع خطوات التقارب بين دمشق والرياض
وبعد زيارة قام بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى المملكة العربية السعودية، ولقاءه بنظيره السعودي فيصل بن فرحان، زار الأخير يوم الثلاثاء، العاصمة دمشق، والتقى بالرئيس بشار الأسد، وهي الزيارة الأولى لمسؤول سعودي إلى البلاد منذ اندلاع الأزمة في 2011، وقطع العلاقات مع الرياض.
ولم يكن أحد يتوقع تسارع خطوات التقارب بين دمشق والرياض بهذه السرعة، والمساعي التي بذلتها المملكة في سبيل إعادة دمشق للحاضنة العربية، في وقت ينظر الكثيرون إلى تسارع خطوات العرب نحو دمشق أملاً في حل الأزمة السورية ووقف التدخلات الخارجية في هذا الملف، بعد سنوات غاب العرب عن الساحة السورية وفتحوا المجال لدول إقليمية وأجنبية للتدخل وفرض أجنداتها وأهدافها على حساب السوريين.
“الحل السياسي والتسوية الشاملة والمصالحة الوطنية وعودة سوريا لمحيطها العربي”
وبحسب ما أفادت وكالة الأنباء الحكومية السورية “سانا”، فإن الأسد وبن فرحان تباحثا حول التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما “يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها”، إضافة إلى السعي لتنفيذ خطوات لتحقيق تسوية سياسية شاملة تنهي كافة تداعيات الأزمة، وتحقق المصالحة الوطنية، وتسهم في عودة سوريا لمحيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي.
إضافة إلى التأكيد على تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، ووصول المساعدات الإنسانية وإرساء الاستقرار والأمن على كامل الأراضي السورية.
ومن غير الواضح الأمور التي تدفع الرياض إلى إعادة تطبيع علاقاتها مع دمشق بهذه السرعة، والأسباب التي تقف وراء هذا التسارع، وما إذا كان الأمر مرتبطاً بالاتفاق الأخير بين إيران والسعودية، أم أنه يرتبط بسياقات أخرى، بينما تقول آراء لمحللين أن “التقارب بين دمشق والرياض بدأ قبل إعادة العلاقات مع طهران”.
وكان اجتماع جدة الذي استضافته المملكة قد تطرق لقضايا عدة، على رأسها سوريا وعودتها للجامعة العربية، وشدد البيان الختامي للاجتماع على ضرورة الحل السياسي وإنهاء المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية.
عودة العرب إلى دمشق تقلق “المعارضة السورية”
وتخشى المعارضة السورية من هذه الخطوات التي تنهي تدريجياً العزلة الإقليمية وخاصة العربية لدمشق على مدى أكثر من عقد، وسط مخاوفها من عدم تطبيق القرار الأممي 2254، وتعزيز السلطة لدمشق وإجبار الأطراف الداعمة لهذه المعارضة على قبول امتداد سيطرة الدولة على كامل التراب السوري، وحصر السلاح بيد مؤسساتها، ومكافحة الإرهاب. خصوصاً وأنها تأتي في وقت تعمل روسيا على إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، والتي تتخوف المعارضة أن تكون “كبش فداء”.
المقداد في تونس.. والتأكيد على إعادة العلاقات في كافة المجالات
وتزامنت زيارة بن فرحان إلى دمشق، بزيارة أخرى أجراها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى تونس، ولقاءه بمسؤولين تونسيين كبار من بينهم الرئيس قيس سعيد، وخلال بيان مشترك سوري تونسي، على العمل في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والمسائل الثنائية وذات الاهتمام المشترك، والعمل على عقد اللّجنة المشتركة واستئناف التعاون الاقتصادي بين البلدين ولاسيّما في المجالات ذات الأولوية”.
وشددت تونس ضمن اللقاء على أمن واستقرار سوريا، معتبرةً أنه دعامة لأمن واستقرار المنطقة بأكملها، كما أعربت تونس عن تضامنها مع سوريا إزاء الهجمات الإسرائيلية ودعم حق دمشق في استعادة الجولان السوري.
“على أساس وطني”.. الإدارة الذاتية تطرح مبادرة للحل ومستعدة للتفاوض مع الجميع
محلياً، أعلنت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا عن “مبادرة لحل الأزمة السورية” تقوم على أساس وحدة وسلامة البلاد وسيادتها، إضافة إلى ضرورة الاعتراف بخصوصية المكونات السورية وحقوقها، مع التوزيع العادل للثروات والموارد التي هي ملك لكل الشعب السوري.
كما أبدت الإدارة الذاتية استعدادها للتفاوض مع الحكومة السورية وكافة الأطراف لحل الأزمة، مع دعوى دمشق لإجراء خطوات تساهم في الحل وانجاحه.
“الإقصاء والتهميش سبب استمرار الصراع”.. “والنظام ديمقراطي لامركزي”
كما شددت الإدارة في بيان لها، على أن سياسات الاقصاء والتهميش التي مارستها بعض الأطراف التي استفردت بالملف السوري كان السبب وراء إطالة الأزمة وعدم حلها، مع التأكيد على أن النظام في البلاد يجب أن يكون ديمقراطياً لامركزياً واعتبرت أن التجربة القائمة في شمال شرقي سوريا دليل على أن الشعب قادر على إدارة نفسه بنفسه وأن يعيش في حرية وديمقراطية.
وأكدت الإدارة الذاتية أن مبادرتها تقوم على “قاعدة وطنية وندعو الجميع للمشاركة والإسهام فيها، في المرحلة الحالية، من خلال تسريع الجهود والمساعي الرامية إلى رأب الصدع وإنهاء الصراع، بما لا يتعارض مع قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤”، مع الاستعداد لمناقشة “جميع وجهات النظر ومشاريع الحلول، وترتيب كافة الإجراءات اللازمة لاحتضان الأطراف، وإطلاق مباحثات الحوار والحل الوطني”.
إعداد: علي إبراهيم