أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – أدى الصراع المستمر والقائم على السلطة في سوريا لانتشار كبير لمخلفات الحرب والعمليات العسكرية، إلى جانب ما خلفته التنظيمات الإرهابية والمسلحة ورائها في المناطق التي كانت تسيطر عليها قبل انسحابها، هذه المخلفات والألغام تنتشر قسم كبير منها في مناطق سكنية أو قريبة من مناطق مأهولة، وهو ما يؤدي إلى انفجارها بالمدنيين وبالتالي حصد أرواحهم.
“مئات الضحايا والإصابات جراء مخلفات الحرب”
وخلال سنوات الأزمة والصراع على السلطة في سوريا، حصدت مخلفات الحرب والعمليات العسكرية أرواح المئات من السوريين كما تسببت للعشرات بإصابات غالباً ما تكون على شكل عاهات دائمة، ومن بين الضحايا والمصابين أطفال وعمال، أي أن أغلب المتضررين هم من المدنيين، وذلك في وقت تتجاهل السلطات المختلفة التي تسيطر على الأراضي السورية هذه المعضلة المتفاقمة في ظل تجاهل دولي وأممي تام.
ولا يمر يوم واحد إلا وتكون هناك ضحية أو إصابات جراء انفجار لغم أرضي هنا أو مقذوف أو طلقة لسلاح ثقيل هناك، وأغلب هذه الحوادث تحصل في مناطق شهدت اشتباكات وعمليات عسكرية سواءً بين طرفي الصراع على السلطة، أو من خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، ودائماً ما كانت الأطراف تزرع الألغام على خطوط التماس في محاولة لعرقلة تقدم الطرف الآخر، أو في حال التأكد من فقدان السيطرة على منطقة ما، كان يتم تفخيخها وزرع الألغام فيها بشكل عشوائي، وذلك بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى من الطرف الآخر.
سوريا الأولى عالمياً من حيث أعداد الضحايا
وفي ظل غياب أي دعم أو مساندة دولية وأممية لسوريا لإزالة هذا الخطر الذي يهدد حياة السوريين، صدر تقرير دولي تصدرت فيه سوريا، المركز الأول عالمياً، في عدد الضحايا الذين يسقطون بفعل الألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب والعمليات العسكرية القابلة للانفجار، وذلك للسنة الثالثة على التوالي.
ووفق التقرير السنوي الصادر عن “مرصد الألغام الأرضية” الخاص بإحصائية أعداد الضحايا جراء الألغام ومخلفات الحرب فإن سوريا تعتبر الدولة الأولى عالمياً من حيث تسجيل ضحايا فقدوا حياتهم بفعل مخلفات الحرب والألغام القابلة للانفجار، حيث تم توثيق مقتل 1661 شخصاً، وإصابة 3015 آخرين، نتيجة هذه المخلفات التي تنفجر بالأشخاص الذين يعودون لمناطق شهدت صراعات مسلحة وحروب ونزاعات.
ويقول التقرير الدولي، إن عدد الضحايا الجدد في سوريا بلغ 834 بانفجار الألغام الأرضية ومخلفات الحرب تليها أوكرانيا مع 608 ضحايا جدد، ثم اليمن وبورما، مع أكثر من 500 ضحية جديدة في عام 2022، حيث ارتفع عدد الضحايا المدنيين 10 أضعاف مقارنة بعام 2021.
“المدنيون الأكثر تضرراً”
وأكد التقرير في إحصائية قدمها، أن المدنيين هم من أكثر المتضررين جراء هذه المخلفات وانفجارها، حيث أن نسبتهم من بين الضحايا وصل إلى 85 بالمئة، وذلك من جميع الضحايا المسجلين، بينما ما يقارب النصف من الذين قتلوا وأصيبوا من المدنيين جراء هذه المخلفات والألغام الأرضية هم من الأطفال.
وذكر التقرير، إن التأثير المدمر وغير المتناسب للألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب على المدنيين، ينعكس مرة أخرى في إحصاءات الضحايا لعام 2022.
232 قتيلاً و 304 إصابات منذ بداية 2023
وفي السياق ذاته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له، إنه وثق مقتل 232 شخصاً منذ مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، بينهم 20 سيدة و 71 طفل، وذلك جراء انفجار الألغام والأجسام من مخلفات الحرب والعمليات العسكرية في مختلف المناطق السورية، إضافة إلى إصابة 304 آخرين، من ضمنهم 111 طفلاً و 14 سيدة.
ونشر المرصد السوري “التوزع المناطقي” للضحايا والجرحى جراء انفجار الألغام والمخلفات الحربية في مختلف المناطق السورية وهي كالتالي:
– فقدان 4 مدنيين حياتهم بينهم طفل وإصابة 23 بينهم سيدة و 16 طفل، ضمن مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” وفصائل المعارضة.
– فقدان 191 شخصاً بينهم 16 سيدة و 44 طفلاً، وإصابة 226 بينهم 9 سيدات و 57 طفل في مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية، من ضمنهم 89 بينهم طفلين و10 سيدات فقدوا حياتهم و109 آخرين أصيبوا جراء البحث عن مادة “الكمأة”.
– فقدان 4 أطفال وإصابة 10 سيدات و9 أطفال ضمن مناطق فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا في “درع الفرات” بريف حلب الشرقي.
– فقدان 32 شخصاً حياتهم بينهم 21 طفلاً و 4 سيدات ضمن مناطق قوات سوريا الديمقراطية، وإصابة 37 مدنياً آخرين بينهم سيدة و27 طفلاً، ومن ضمن حصيلة الضحايا 2 أثناء البحث عن الكمأة، وطفل جريح.
– فقدان طفل وإصابة 4 بينهم طفلان ضمن مناطق “نبع السلام” التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل المعارضة شمال الرقة.
– إصابة 4 بينهم سيدتان ضمن مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” في منطقة “غصن الزيتون”.
ما هي مخلفات الحرب والعمليات العسكرية ؟
وتعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر مخلّفات الحرب بأنها “الذخائر المتفجرة بجميع أشكالها وأنواعها المتروكة أو غير المنفجرة التي تظل في منطقة معينة بعد انتهاء نزاع مسلح ما.
وتضم هذه الذخائر “قذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والقذائف الأخرى، والصواريخ” بسائر أشكالها.
وتفرق اللجنة بين “الذخائر غير المنفجرة” والتي تعتبر “أشد مخلفات الحرب القابلة للانفجار خطورة” وهي تلك التي أطلقت أو ألقيت لكنها لم تنفجر على النحو المنشود، خاصة وأنها قد تنفجر في حالات كثيرة عند “لمسها أو تحريكها”، وبين “الذخائر المتفجرة المتروكة” التي تركت أثناء النزاعات في مواقع غير آمنة من دون حراسة.
البروتوكول الدولي “بشأن المتفجرات من مخلفات الحرب” الذي أبرم، في عام 2003، يوجب على أطراف أي نزاع مسلح اتخاذ تدابير ملموسة للحد من مخاطر مخلفات الحرب القابلة للانفجار.
ويعد هذا الاتفاق الدولي “أداة أساسية للجهود المبذولة للحد من مما ينجم عن الحروب الحديثة من وفيات وإصابات في صفوف المدنيين”، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
إعداد: ربى نجار