أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع الدخول في شهر حزيران/يونيو، بدأ العد العكسي لليوم الـ17 من الشهر الجاري الموعد المفترض لتطبيق قانون العقوبات الأمريكي “قيصر”، في الوقت الذي يشدد فيه خبراء ومحللون سياسيون أن “خيارات الحكومة السورية للإفلات من العقوبات الجديدة قليلة جداً إذا لم تكن معدومة”.
لا دعم من الحلفاء
واعتمد الخبراء والمحللون السياسيون على عدة معطيات من بينها، الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها اقتصاد الحلفاء للحكومة السورية (روسيا – إيران)، اللتان لم تعد قادرتان على دعم الاقتصاد السوري شبه المنهار أمام هذه العقوبات الجديدة، كون اقتصاد موسكو وطهران يعاني أصلاً من أزمات فاقمها انتشار وباء كورونا والإغلاق الذي رافق الوباء.
وبحسب تلك الأوساط، أن قانون قيصر تم إعداده بالأساس ليستهدف ليس فقط الاقتصاد السوري، بل لتحييد الآلة العسكرية للحكومة السورية، وإجبارها على القبول بحل سياسي تتشارك فيه جميع السياسية في سوريا، على أساس القرار الأممي رقم 2254.
وفي العقوبات الغربية السابقة على سوريا، كانت الحكومة تستطيع أن تتفادى القسم الأكبر منها (والتي تصنف على أنها أقل فاعلية من قيصر)، بسبب الدعم المالي من قبل طهران وموسكو لدمشق، وضخ المليارات الدولارات للمركزي السوري الذي استطاع على الحفاظ على الاقتصاد السوري ومستوى صرف العملات الأجنبية أمام الدولار.
وتقول أوساط غربية مطلعة، أن الحكومتان الروسية والإيرانية تسابقان الزمن لتحصيل فاتورة تدخلهما في سوريا، ولن تقومان بضخ المليارات المطلوبة لتحسين سعر صرف الليرة.
التقليل من شأن “قيصر”
ويتزامن دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ مع تساؤلات عن مدى استطاعة الحكومة السورية بمفردها هذه المرة من مواجهة تأثيراته على اقتصادها ومجالات أخرى بعد 9 سنوات وأكثر من الأزمة.
ولاحظ متابعون للشأن السوري التزام الحكومة ومسؤوليها الصمت إزاء مايدور من تساؤلات في أذهان السوريين وكيفية تصرف الحكومة مع الأزمة القادمة. وربطت تلك الأوساط صمت الحكومة، بإدراكها أنه لاحل أمامها سوى دعم الحلفاء الذي يعد صعباً، كون الحلفاء أيضاً معاقبون.
وسبق أن قلل مسؤولون في الحكومة السورية من شأن “قيصر”، حيث قللت المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان، من تأثير القانون، قائلة أن العقوبات على سوريا مستمرة منذ بداية الأزمة، والاقتصاد السوري في تحسن، والحكومة السورية قادرة على مواجهة العقوبات.
بينما الذي حصل في الواقع هو انهيار الليرة أمام الدولار في وقت قياسي، ووصوله لحاجز الألفين خلال شهر أيار/مايو الماضي، ما دفع محللون سوريون بالقول “الحكومة بتبيعنا حكي”.
ويضع قانون قيصر الاقتصاد السوري ككل تحت مقصلة العقوبات، ويستهدف القانون كل شركة أو كيان أو فرد في الداخل السوري وخارجه لهم علاقات تجارية مع الحكومة أو قدّموا الدعم العسكري والمالي له.
خيارات الحكومة
ويقول المستشار الاقتصادي الدكتور “أسامة قاضي”، “في الحقيقة لا يوجد أي خيار أمام الحكومة السورية سوى الذهاب في خيار الحل السياسي، وإطلاق ورشة عمل هائلة لانتشال الاقتصاد الذي يحتاج ما بين 300 إلى 500 مليار دولار”.
موضحاً ان”قيصر” ليس قانون عقوبات عادي، وهو يهدف بالأساس إلى إجبار القيادة السورية على السير في خيار التسوية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، مشيرا إلى أن روسيا التقطت بالواضح هذه الرسالة وهي تعمل على وضع يدها على سوريا ليس فقط عسكريا بل وأيضا سياسيا واقتصاديا.
وسبق أن أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يقضي بتكليف وزراتي الخارجية والدفاع بالاتفاق مع الحكومة السورية لإجراء مفاوضات بغية تسليم الجيش الروسي منشآت ومناطق بحرية إضافية في سوريا.
حيث اعتبر محللون وخبراء أن الخطوة الروسية هي لوضع يدها على منشآت سورية، لتأمين مصالحها بعد أكثر من 5 سنوات من التدخل العسكري، وستسعى للمزيد قبل البدء بتطبيق “القيصر”.
إعداد: ربى نجار