أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش المناطق الشمالية الشرقية السورية أوضاعاً إنسانية وخدماتية صعبة للغاية، مع انقطاع تام للتيار الكهربائي وضخ المياه ونقص في خدمات أخرى كالمازوت ومادة الغاز المنزلي، بعد العمليات العسكرية الجوية التركية التي استهدفت البنى التحتية والمنشآت الحيوية والمرافق العامة في هذه المناطق.
هجمات تركية ممنهجة على البنى التحتية
ومنذ الـ23 من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، تتعرض أغلب مناطق شمال شرقي سوريا ضمن نفوذ “الإدارة الذاتية” لهجمات جوية تركية شاركت فيها طائرات حربية ومسيرة، أدت لدمار كبير وواسع بالبنى التحتية وخروج مراكز حيوية عن الخدمة بشكل كامل مع تعرضها لتدمير كامل وممنهج، من بينها “محطة السويدية” التي كانت تغذي محافظة الجزيرة بأكملها بالتيار الكهربائي والغاز المنزلي.
جاء ذلك بعد هجوم جوي أوسع للقوات التركية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، طال 80 بالمئة من البنى التحتية الحيوية في هذه المناطق، أسفرت عن نقص في الخدمات المقدمة لأكثر من 5 ملايين نسمة يعيشون في هذه المنطقة، مع تضرر مباشر لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في مدن القامشلي والحسكة والقحطانية والدرباسية والمالكية وغيرها.
لماذا كل هذا الصمت ؟
وتأتي عمليات التدمير الممنهجة التي تقوم بها القوات التركية ضد سبل ومقومات العيش في المجتمعات السورية المدنية، في ظل صمت دولي وأممي وخاصة من قبل ضامنيّ وقف إطلاق النار في المنطقة كل من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وروسيا، اللتان تسيطران أيضاً على الأجواء في هذه المناطق، ومن دون أذنهما ومعرفتهما المسبقة لم تكن الطائرات التركية من دخول المجال الجوي، وهو ما أدى بأهالي المنطقة وجهات خدمية ومنظمات إنسانية للمطالبة “بفرض حظر جوي” لإيقاف التدمير التركي للبنى التحتية.
جهات محلية تدعو لتقديم دعم عاجل قبل الكارثة
وفي هذا السياق، طالب مجموعة من النشطاء والمثقفين والمعنيين بحقوق الإنسان، المنظمات الدولية العاملة ضمن مناطق عدة بشمال شرق سوريا بضرورة إدخال مساعدات عاجلة للمنطقة لاحتواء الكارثة التي يعيشها سكان المنطقة نتيجة تدمير تركيا للبنية التحتية وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي وقت تعاني المنطقة أيضاً من نقص حاد في مادة الغاز المنزلي جراء تضرر وتدمير المنشآت الكهربائية، طالبت هذه الأطراف بضرورة تقديم الدعم من الغاز لأهالي المنطقة وخاصة للأفران لتأمين مادة الخبز، وذلك بعد تدمير الصوامع ومخازن الحبوب من قبل الطائرات التركية.
السكان عادوا لطرق بدائية للطبخ والتدفئة
ونقل المرصد السوري عن ناشطة صحفية، بأن هناك قرابة 200 منظمة إنسانية في شمال شرقي سوريا وعليها أن تعمل لإيجاد حلول عاجلة للمدنيين وتحييد المجتمعات المدنية والبنى التحتية عن الصراع وتقديم مساعدات عاجلة لأن المنطقة تعيش في ظل كارثة حقيقية من دون كهرباء ولا ماء وغاز ومازوت للمشافي والصوامع والمرافق الحيوية.
وتقول مصادر محلية أن المنطقة تعيش الآن على “البابور والكاز” والحطب للطبخ والصهاريج والعربات لتزويد المناطق المدنية بالمياه، وذلك بعد تضرر المرافق الحيوية جراء القصف التركي، مشيرين إلى أن الصمت الدولي حيال ما تقوم به تركيا في المنطقة يجعلها تستمر في سياسة التدمير الممنهج للبنى التحتية.
ونقل المرصد السوري عن صحفي “أ.س” بأن “البنى التحتية دمرت ومعامل ومصانع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والغاز خرجت عن الخدمة”، متسائلاً أين “منظمات حقوق الإنسان”، وشدد على أن المنطقة “مقبلة على كارثة حقيقية” في حال عدم تقديم الدعم العاجل.
“حلول اسعافية” لقليل المخاطر على حياة المواطنين
ووفق تقارير إعلامية محلية، فأن مصدر مسؤول في الإدارة الذاتية قال أن السلطات المحلية تدرس حزمة من الحلول السريعة الإسعافية لتأمين احتياجات المواطنين وخاصة المحروقات.
ووفق مصادر مسؤولة فإن “الإدارة العامة للمحروقات” تدرس إمكانية استيراد الغاز المنزلي من الخارج بشكل لا تؤثر تكاليفه المرتفعة على المواطنين. خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة كما باقي المناطق السورية.
أما فيما يخص مادة التدفئة، فإنه سيتم اللجوء مؤقتاً إلى طرق بدائية لانتاجه، والتي كانت متبعة منذ سنوات في المنطقة إلى حين تأمين مصاف متطورة كالتي تم تدميرها من قبل الطيران الحربي والمسير التركي، وأكدت المصادر أنه سيكون هناك نقص وصعوبة في تقديم المحروقات للمدنيين بسبب دمار أغلب الآبار والمحطات النفطية.
فيما لاتزال الدراسات من قبل السلطات المحلية مستمرة لتأمين الكهرباء والبنزين والمياه وغيرها للسكان.
حرمان مئات الطلبة من الدراسة
كذلك قال “نائب الرئاسة المشتركة لجامعة روج آفا”، فرحان حسن “أن استهداف محطات النفط ومعمل الغاز، وخاصة محطة السويدية التي خرجت عن الخدمة تماماً، ألحق ضرراً كبيراً بالطلبة حيث أن هناك 200 طالب وطالبة حرموا من التعليم كما أن الدمار الذي أُلحق بالمحطات والمعامل سيؤثر على الامتحانات العملية وموادهم خلال الفصل القادم، سلباً”.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الكردية “هوار” أضاف فرحان، أنهم يحاولون مواصلة المراحل الدراسية الجامعية في هذه الظروف الطارئة، ويحاولون التغلب على الصعوبات والعقبات الحالية كتوفير المياه والكهرباء والغاز للسكن الطلابي.
“أطباء بلا حدود تحذر من كارثة إنسانية”
بدورها حذرت “منظمة أطباء بلا حدود” في بيان لها، من تدهور الظروف المعيشية في الأيام القادمة في المنطقة جراء الهجمات التركية، ودعت إلى حماية المرافق والطواقم الطبية والبنى التحتية في الشمال الشرقي السوري ضد الهجمات التركية.
“تجمعات سكانية كبيرة تعاني من نقص المياه والكهرباء والمازوت”
وأكدت أن القصف تسبب في تضرر كبير بالمرافق الطبية والصحية وهناك صعوبة في تقديم الخدمات للسكان، وأشارت إلى أن 170 بئراً للمياه توقفت عن العمل بشكل كامل، وما تبقى تعمل بنصف طاقتها، حيث أن محطة مياه علوك التي تؤمن المياه لمليون ونصف المليون انسان باتت معزولة عن شبكة التغذية بسبب القصف التركي.
ولفتت المنظمة الدولية إلى أن تدمير “محطة السويدية” حرم أكثر من مليون مدني من الغاز والكهرباء وتسببت بتوقف المطاحن والمخابز، ما يهدد الامن الغذائي المحلي، وطالبت بتدخل دولي لإنهاء الحرب في سوريا والهجمات التركية على المرافق الحيوية، وشددت على ضرورة حماية المدنيين بسبب تزايد مخاطر الحرب والقصف التركي.
إعداد: ربى نجار