أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت حذر المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون من استمرار الصراع المسلح على السلطة في سوريا وتباعته التي يمكن أن ترسيخ واقع “التقسيم” في البلاد، حذرت جهات ومنظمات أممية من موجة جوع وفقر مدقع تواجه السوريين في ظل استمرار الحرب وغياب الحلول السياسية، وسط مناشدات لجمع تبرعات مالية لإرسال مساعدات لأكثر من 10 ملايين من أصل 16 مليون سوري يحتاجون لهذه المساعدات بشكل كبير.
ولا تزال ردود الأفعال الأممية والدولية تتوالى حول الحرب الدائرة والصراع المستمر في سوريا منذ أكثر من 13 عاماً، حيث تؤكد كل الأطراف التي تحدثت على ضرورة حل الصراع في سوريا وفق المقررات الدولية كونه بات يؤثر بشكل كبير على السوريين داخل البلاد الذين وصل نسبة الفقر بينهم إلى أكثر من 90 بالمئة، وما يمكن أن يفاقم الأوضاع بعد عودة التصعيد العسكري ونشاط الإرهاب وحالة الفلتان الأمني والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية.
مناشدات لجمع مساعدات لأكثر من 10 ملايين سوري
وفي هذا السياق، أطلقت الأمم المتحدة، الجمعة، نداءً لجمع أكثر من 4 مليار دولار لتوفير مساعدات إنسانية لأكثر من 10 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي.
وفي هذا الصدد قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى، في جنيف ‘‘نواجه وضعاً غير مسبوق في سوريا، وهو وضع لا يمكننا أن نتجاهله’”، وأضاف أنه لعام 2024، يطالبون بحشد 4.7 مليار دولار لتوفير مساعدات منقذة للحياة لـ 10,8 ملايين سوري من أصل 16,7 مليوناً بزيادة عن 15,3 مليون في العام الماضي، يحتاجون إلى المساعدة’’.
“ارتفاع مستوى العنف بعد انخفاضه في السنوات الماضية”
وفي حديثه أشار المسؤول الأممي إلى أن الأزمة السورية لاتزال من أكثر الأزمات فتكاً بالمدنيين في العالم، حيث الأعمال العدائية لاتزال مستمرة وتجتاح البلاد مرة أخرى، بعد أن انخفض مستوى العنف في البلاد خلال السنوات الماضية، منوهاً إلى ما يجري في الشمال من عمليات عسكرية واشتباكات واستهداف وتخريب كبير طال البنية التحتية.
وفيما يخص التجاهل والتغاضي الدولي لما يجري في سوريا، حذر المسؤول الأممي من أن ذلك سيكون “مكلفاً لنا جميعاً وسيؤدي حتماً إلى معاناة إضافية، حيث سيسخر 2.5 مليون طفل فرصة التعلم في المدارس، مع خسارة نحو 2.3 مليون امرأة في سن الإنجاب إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية المتعلقة بالأمومة والصحة الإنجابية.
ولفت المسؤول المنسق لدى الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبدالمولى، إلى تأثير الحرب في قطاع غزة على سوريا، التي انعكست بشكل كبير على الوضع في سوريا والتدهور الاقتصادي فيها وهو ما أدى لارتفاع الأسعار بسبب الاضطرابات التي تطال حركة الشحن العالمية، كما تسببت بارتفاع كبير في الضربات الجوية الإسرائيلية على الأهداف داخل سوريا.
“خسائر القطاع الزراعي تصل لـ16 مليار دولار خلال 2023”
وكانت للأزمة والحرب المستمرة في سوريا تأثيرها على القطاع الزراعي، سواءً من حيث استمرار العمليات العسكرية وشح الأمطار إضافة لقطع تركيا لحصة البلاد القانونية لمياه نهر الفرات عن البلاد منذ سنوات، وفي هذا الإطار حذرت منظمة “الأغذية والزراعية الدولية” (فاو) من الخسائر الكبيرة والتدهور الذي طال القطاع الزراعي في سوريا، ولفتت إلى أن هذه الخسائر وصلت إلى أكثر من 16 مليار دولار خلال العام الماضي 2032.
وفي التقرير السنوي للمنظمة الدولية، أشارت فيه إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي السوري يؤثر سلباً على تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، حيث يعاني الملايين من الفقر والنزوح، فيما تضررت البنية التحتية بشكل كبير، مما يجعل من تأمين الخدمات الأساسية أمراً صعباً للغاية.
وعلى الرغم من تراجع مستوى الصراعات في سوريا مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ما زال يثير القلق. فالبلاد تعاني من كساد اقتصادي غير مسبوق، إذ شهدت الليرة السورية تدهوراً كبيراً في قيمتها وتضخماً متزايداً، بالإضافة إلى استمرار فرض العقوبات على الحكومة السورية وتأثيرات الأحداث الإقليمية على الوضع الداخلي.
“بيدرسون يحذر من الانقسام”.. “لا حل عسكري للملف السوري”
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون حذر من الواقع المأساوي الذي تعيشه سوريا منذ 13 عاماً، مشيراً إلى أن كافة التطورات تسير في الاتجاه الخاطئ على جميع الأصعدة.
وخلال جلسة انعقدت في مجلس الأمن حول سوريا قبل أيام، جدد بيدرسون تأكيده إنه ليس هناك حل عسكري للأزمة المستمرة في سوريا على مدى 14 عاماً، داعياً إلى ضرورة الانخراط في المسار السياسي.
“سوريا مقسمة.. والجماعات الإرهابية تنشط من جديد”
وقال المبعوث الأممي، “إن السوريين ينقسمون اليوم عبر مناطق السيطرة، حيث تنشط 6 جيوش أجنبية ما يزيد الوضع سوءاً، علاوة على عدد كبير من الجهات المسلحة والجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن”.
وعبر في الوقت نفسه عن خشيته من “انجراف المناطق المختلفة إلى مزيد من التباعد، مما قد يؤدي لتعميق التحديات التي تواجه استعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها”.
وبسبب الوضع القائم في سوريا وعودة التصعيد العسكري خاصة في المناطق الشمالية ونشاط تنظيم داعش إضافة للوضع الاقتصادي المتدهور، تشهد البلاد موجة نزوح وهجرة جديدة تشابه كثيراً تلك التي حصلت خلال عامي 2015 و 2017، حيث يضطر مئات الآلاف من السوريين إلى بيع أملاكهم والخروج في رحلة هجرة إلى الدول المجاورة وأوروبا، في ظل فقدانهم الأمل بانتهاء الحرب، خاصة في ظل غياب الحلول السياسية وجمودها.
إعداد: ربى نجار