أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يعيش اللاجئون السوريون في دول الشتات وخاصة في تركيا ولبنان، أوضاعاً مأساوية ومستقبلاً مجهولاً، وسط مساعي أنقرة وبيروت لإعادة الملايين منهم إلى البلاد، في وقت تخشى الأغلبية المطلقة من هذه الملايين من الملاحقات الأمنية، وعدم الاستقرار في مناطقهم ، وبيوتهم مدمرة، وأوضاعهم الاقتصادية مزرية للغاية، وكل ذلك يحصل وسط تجاهل المجتمع الدولي.
باستثناء تركيا ولبنان.. العالم يصر على أن سوريا ليست آمنة بعد
ويتفق العالم أجمع أن الأوضاع في سوريا لم تستقر بعد، وهي ليست آمنة، وأن الاستقرار في بعض الأماكن هو استقرار نسبي، ومن الممكن أن تعود العمليات العسكرية والنزاعات المسلحة في أي وقت، إضافة إلى ما تعانيه البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة وشح في الوقود والمحروقات وانهيار لليرة المحلية وارتفاع للأسعار بشكل جنوني، وعودة الإرهاب إلى الواجهة من جديد.
تركيا ولبنان، لا يتفقون مع أن الأوضاع في سوريا ليست آمنة وأنهم كدول موقعة على مواثيق الأمم المتحدة حول اللاجئين واستضافتهم، يجب أن يلتزموا بإبقاء اللاجئين لطالما أن الأوضاع في بلدانهم لا تسمح بعودتهم.
وتعمل هاتان الحكومتان على إعادة اللاجئين السوريين تحت اسم “العودة الطوعية”، وهي في الحقيقة عودة إجبارية ومذلة وعنصرية للسوريين، دون أي أخذ بعين الاعتبار أن هذا اللاجئ الذي سيعاد ستكون حياته بخطر أم لا، أم سيتعرض للملاحقة القانونية أم لا، أم لديه مأوى أم لا.
لبنان.. السوريون سيواجهون “حرباً ثانية” إذا لم يعودوا لبلدهم
لبنان، الذي فتح السوريون أبوابهم ومنازلهم للملايين من شعبه في الحروب التي اندلعت في البلاد، سواءً الأهلية أو في الصراع مع إسرائيل، بات يهدد اللاجئين السوريين “بحرب ثانية” وهذه المرة على لسان شخصية دينية لم يتوقع السوريون أن يكون موقفه هكذا.
ووجّه البطريريك الماروني في لبنان، بشارة الراعي، رسالة وصفت “بالقاسية” إلى السوريين في لبنان، طالباً منهم المغادرة وقال “إن اللاجئين السوريين لا يمكنهم البقاء في بلادنا على حساب لبنان”، وأضاف، “فرضت عليكم (السوريون) الحرب الأولى ولكن إن لم تعودوا إلى منازلكم فأنتم تفرضون على أنفسكم الحرب الثانية، ولا يمكنكم البقاء على حساب لبنان”.
وطالب البطريريك جميع المسؤولين اللبنانيين بإيجاد حل تفاوضي مع الرئيس السوري، بشار الأسد، لعودة النازحين، وتابع، “البابا كان يريد أن يبقى السوريون في لبنان، لكنني قدمت له تقريرا مفصلا اقتصاديا وإجتماعيا عن تأثيرهم على لبنان وتغيير معالمه”.
ميقاتي: الأوضاع خرجت عن السيطرة بسبب السوريين
تصريحات البطريرك الراعي جاءت بعد رسالة وجهها رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكّد خلالها خروج الوضع عن السيطرة في لبنان بسبب اللاجئين السوريين. حسب زعمه.
وخلال سنوات اللجوء في لبنان، تعرض السوريون للابتزاز والعنصرية والقتل والمعاملة السيئة من قبل البعض في لبنان، كان آخرها فقدان مواطن سوري لحياته تحت التعذيب في أحد مراكز التوقيف اللبنانية.
المئات من السوريون يفرون لأوروبا خوفاً من “العودة الطوعية”
تركيا، التي أدى تدخلها العسكري في سوريا لتأزيم الأوضاع وهجرة الملايين من البلاد، تريد الآن بعد أن حصلت على المليارات الدولارات من الاتحاد الأوروبي بسبب اللاجئين السوريين، إرجاعهم “طواعية” إلى البلاد، وهي مستعدة لإعادة تطبيع العلاقات مع دمشق لأجل الإسراع في هذا الملف.
وبسبب العنصرية وخطاب الكراهية الذي بثته جهات سياسية موالية لحكومة “العدالة والتنمية” وحتى المعارضة، والحديث عن إعادة الملايين من السوريين إلى قرى وبيوت بدائية الصنع، أنشأتها تركيا بمساندة جمعيات “خيرية” مقربة من الإخوان في شمال سوريا، زادت نسبة المهاجرين من اللاجئين السوريين نحو أوروبا، وكشفت مواقع إعلامية تركية أنه خلال شهر آب الماضي هاجر 25 ألف سوري، 15 ألف منهم بطرق غير شرعية؛ نحو الاتحاد الأوروبي.
من الداخل والخارج.. السوريون يفرون إلى أوروبا
كما أطلق آلاف السوريين حملة لإعداد قافلة كبيرة من اللاجئين للهجرة نحو أوروبا من تركيا تحت مسمى “قافلة النور”، وسط الحديث عن ان عدد القافلة بلغت 16 ألفاً من كافة الولايات التركية، وشدد الناشطون السوريون أن هذه القافلة تأتي بسبب المعاناة التي يعيشونها في تركيا من خلال جرائم القتل وخطاب الكراهية والعنصرية.
كما أن هناك المئات من سوريا نفسها يهاجرون بشكل يومي خارج البلاد إلى تركيا بهدف الهجرة إلى أوروبا، بسبب تزايد الفقر والنزاعات المسلحة وانعدام الأمن والأمان في البلاد والملاحقات الأمنية، وبعض من بلدان “الشتات” تريد إعادة ما يقارب 5 ملايين سوري في وقت يهاجر من هو في الداخل أصلاً، وهو ما ينذر بحدوث كوارث انسانية في سوريا في حال عودة هذا الرقم الكبير على المدى المنظور.
إعداد: ربى نجار