أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال الأشهر الماضية، اعتقد الكثيرون أن الانفراجات السياسية آتية للملف السوري، خاصة مع موجة إعادة العلاقات بين دمشق والدول العربية، والعودة إلى الجامعة العربية بعد تعليق المشاركة منذ 2011، إضافة للجهود التي بذلت بشأن عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة، إلا أن ذلك كله يبدو أنه بات في طي النسيان، خاصة مع الحديث عن أن دمشق ليست جادة في تطبيق المطالب العربية، والشروط المتبادلة بين الرئيسين السوري الأسد والتركي أردوغان للصلح وعودة العلاقات.
المماطلة وعدم قبول أي طرف من أطراف الصراع على السلطة بتقديم تنازلات، بينها تعنت الحكومة وتمسكها بعدم الحوار مع السوريين وتطبيق القرارات الدولية للتطبيع الشامل ومساندة البلاد على التعافي، أدت لاستمرار الصراع والأزمة ودخولها عامها الـ12، وبالتالي ما يحدث في البلاد من أزمات اقتصادية وعودة الإرهاب وتزايد العنف والفوضى.
الأسد خلال تواجد عبداللهيان “يجب أن تنسحب تركيا من سوريا”
وفي إطار “عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة”، لم تسفر الجهود الروسية إلى الآن عن أي انجاز حقيقي في دفع هذه العلاقات للتطبيع مرة أخرى، خاصة بعد 12 سنة من العداء السياسي والعسكري، ولاتزال دمشق تصر على “الانسحاب العسكري التركي” من البلاد حتى يتم اللقاء بين الأسد وأردوغان، وهو ما قاله الرئيس السوري في وقت سابق خلال تصريحات لشبكة “سكاي نيوز عربية”، وتهجم خلالها على تركيا ورئيسيها أردوغان، ووصفها “بمنبع الإرهاب في سوريا” وهو ما أدى لموجة غضب كبيرة في تركيا واعتبار أن الأسد أغلق أبواب الصلح.
حديثاً وخلال استقباله وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان في دمشق، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن هناك شرطاً يجب تحقيقه قبل إنهاء القطيعة بين دمشق وأنقرة وإعادة العلاقات بينهما.
فيدان في موسكو والملف السوري على طاولة النقاش
حديث الرئيس السوري يتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى العاصمة الروسية موسكو، وتهدف الزيارة بحسب الوزير التركي للإعداد لزيارة الرئيس التركي أردوغان ولقاءه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي، وقال خلال مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أنه سيتم بحث “اتفاقية الحبوب” والملف السوري.
وبالعودة إلى تصريح الرئيس السوري حول اللقاء مع أردوغان، قال الأسد، “إن الانسحاب التركي من الأراضي السورية أمر حتمي ولا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية بين دمشق وأنقرة.
ووفق ما نقلت وكالة الأنباء الحكومية السورية “سانا”، فإن الرئيس بشار الأسد بحث مع الوزير الإيراني، العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة والجهود المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم”، وشدد على أن العلاقة السليمة بين إيـران والدول العربية تساهم في استقرار المنطقة وازدهارها.
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني، أنه يجب احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، مشدداً على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وحرص بلاده على تنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا.
“طهران تدعم شرط دمشق بخروج القوات التركية من سوريا”
ويعتقد مراقبون، أن حديث الرئيس السوري عن التمسك “بالانسحاب العسكري التركي” من سوريا، بالتزامن مع وصول وزير الخارجية التركي فيدان إلى موسكو، تقف وراءه إيران، كنوع من الدعم أمام الحليف الروسي، الذي يطلب أن تكون النقاشات والمفاوضات بدون أي شروط، إضافة لكونها رسالة لموسكو وأنقرة في الآن معاً، بأن دمشق ومن ورائها إيران متمسكان بخروج القوات التركية.
وفي المقابل، تقول أنقرة إنه لا يجب أن يكون انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية مقدمة للمحادثات بين الطرفين، متذرعاً بوجود خطر من الشمال الشرقي السوري يهدد الأمن القومي التركي.
“دمشق غير جادة بالالتزام بالمطالب العربية”
أما في السياق العربي، فيبدو أن الفجوة تتسع بين دمشق والعرب مرة أخرى، خاصة مع حديث عن “عدم جدية دمشق في الالتزام بمطالب اللجنة الوزارية العربية المشكلة للتطبيع معها”.
وحول ذلك، أكدت صحيفة “الشرق الأوسط”، بأن دمشق غير جادة بالالتزام بمطالب اللجنة العربية، وأشارت إلى أن دمشق لم تتخذ أية خطوات نحو ما تمت مناقشته مع اللجنة أو المطالب التي قدّمتها.
وبحسب الصحيفة، فإن دمشق “لم تستجب لما نصّت عليه خريطة الطريق الموضوعة من قبل اللجنة الوزارية ولا سيما أن دمشق أخلّت بأهم وأكبر بند بها المتعلق بعودة النازحين واللاجئين إلى بلادهم، والذي ربطته الحكومة السورية بجهود التحالف الدولي لإعادة إعمار سوريا وتقدمها، بزعم أن التحالف هو من دمّر سوريا وهو من عليه إعمارها مرة أخرى”.
“ليس هناك أي تواجب من دمشق حيال محاربة المخدرات والسير بالحلول السياسية”
واعتبرت الصحيفة أن موقف الحكومة وتجاوبها مع بند إعادة اللاجئين وخاصة من لبنان تحولها إلى “ثلاجة الانتظار” مرة أخرى، حيث أبلغت الحكومة السورية لبنان بجوابها حول عودة اللاجئين ومصيرهم بصورة غير رسمية، وسط دعوات أطلقها العديد من الوزراء في حكومة تصريف اللبنانية، لتشكيل لجنة تفاوض مع دمشق بهذا الخصوص.
وتقول “الشرق الأوسط” أن دمشق لم تبدي أي تجاوب حيال مطالبة اللجنة العربية بوجود جدول زمني لإعادة اللاجئين السوريين من البلدان العربية، والتعهد بوقف تصدير الكبتاغون وتجارة المخدرات، والسير بالحلول السياسية والاستجابة للقرارات الدولية، انطلاقاً من التوافق على الخطوط السياسية العريضة ذات الصلة بالإعداد للدخول في المرحلة الانتقالية”.
ودمشق لم تحسن الإفادة العربية وهو سبب ما أعاق الانتقال إلى مرحلة تطبيع العلاقات مع الدول، بحسب “الشرق الأوسط” وتساءلت “فما الجدوى من إقفالها الأبواب أمام عودة النازحين من بلد كلبنان، فضلاً عن قضايا أخرى كامتناعه عن ترسيم الحدود بين البلدين؟”.
واعتبرت الصحيفة أن عدم تجاوب دمشق مع عودة النازحين يشكّل إحراجاً لحلفائها في لبنان بعد أن تصدّر وزير المهجرين عصام شرف الدين الدعوة إلى عودتهم، لكنه سرعان ما لاذ بالصمت وغاب كلياً لتفادي الإحراج الذي أوقع نفسه فيه؛ كونه لم يكن ملمّاً بموقف الحكومة السورية من عودتهم”.
إعداد: ربى نجار