أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعتبر مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، أحد النقاط الشائكة في الأزمة السورية، لأن هناك نظام حكم قائم هناك، موازي لحكومة دمشق، لكنها حكومة محلية، ودائماً ما تتعرض المنطقة لتهديدات من جانب تركيا والحكومة السورية، بينما يرغب مسؤولو شمال سوريا تعميم تجربتهم في عموم سوريا للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ عام 2011.
وتتابع عدة أوساط إعلامية أوروبية وغربية تجربة حكم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حيث تقول مجلة إكونوميست إن الأكراد السوريين تعرضوا طيلة عشرات السنين، لقمع القوميين العرب، وطردوا من أراضيهم، ومنعوا من استخدام لغتهم، ثم جاء تنظيم داعش الإرهابي الذي أدى القتال ضدهم إلى تدمير مدن كردية.
وبعد هزيمة داعش، عاودت تلك المدن إلى النهوض، ومن أكبرها كوباني/عين العرب، التي تبدو اليوم أوسع وأعلى بنياناً مما كانت عليه، وهي تحتض نصباً تذكارياً شاهقاً للحرب.
من يحكم شمال سوريا ؟
وتلفت المجلة إلى سيطرة أهالي شمال سوريا، على مدار الحرب الأهلية السورية، التي بدأت في 2011، على ثلث سوريا. وفي 2016، أعلنوا نظام حكم ذاتي أطلقوا عليه اسم “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، ويشارك فيها الأكراد والعرب والسريان والشركس والتركمان وممثلي المسلمين والمسيحيين والإيزيديين.
وبينما تعيد الإدارة الذاتية بناء تلك المناطق الشمالية والشرقية في سوريا، بعد أن قضت قوات سوريا الديمقراطية على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، تواجه المنطقة الشمالية والشرقية من تهديدات في الداخل السوري، ومن الخارج.
وفي الوقت الراهن، يبدو أن الأمور في تحسن، إذ أدى استمرار القتال، والعقوبات، ونقص الأموال، إلى إعاقة إعادة الإعمار في معظم أنحاء سوريا، لكن سلطات الإدارة الذاتية سرعان ما تعيد إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش، وأبرزها كوباني/عين العرب، والرقة، ومنبج وتل أبيض والمناطق الجنوبية في ريف محافظة الحسكة.
الحياة الاجتماعية في ظل الإدارة الذاتية
وفيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، تعتبر الإدارة الذاتية، تقدمية، وفق مجلة إكونوميست، بالمقارنة مع سواهم في معظم أرجاء الشرق الأوسط. فتعدد الزوجات محظور، ويرأس كل مكتب حكومي رجل وامرأة، كما تدير امرأة مدينة الرقة، عاصمة داعش سابقاً. وقليلاً ما ترى مسؤولة كردية محجبة، رغم أن الأكراد مسلمين، ولكنهم غير متشددين في تطبيق فروض إسلامية مثل صيام رمضان. ويعتبر الإيمان عندهم مسألة خاصة.
اتحاد جغرافي وليس عرقي
وتبدأ مناطق حكم الإدارة الذاتية من أقصى الشمال الشرقي أي محافظة الحسكة، وتتجه شمالاً نحو الداخل السوري، لتصل إلى مدينة منبج، بريف حلب، وتعتبر هذه المنطقة متنوعة من حيث التركيبة السكانية، لذلك يقول مسؤولو الإدارة الذاتية “نحن نسعى لإنشاء اتحاد جغرافي، لا اتحاد عرقي”.
ويرغب مسؤولو الإدارة الذاتية المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تعقد لبحث مسألة الأزمة السورية، حيث تضع تركيا “فيتو”، على مشاركة أي ممثل من المناطق الشمالية والشرقية في تلك الاجتماعات والمؤتمرات، لأن تركيا تتهم الإدارة الذاتية بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
لكن مسؤولو الإدارة الذاتية يقولون بأن نظامهم القائم في شمال سوريا هو الأمثل لحل الأزمة وبناء سوريا جديدة، وأطلقوا عدة جلسات حوار للسوريين للتعريف بنظامهم.
مفاوضات مع دمشق
وجرت عدة جلسات مفاوضات بين ممثلي شمال سوريا والحكومة السورية في دمشق، لكنها لم تفضي إلى نتائج، ويتهم الأكراد روسيا بأنها أفشلت المفاوضات مع دمشق، بسبب تداخل المصالح الروسية التركية في شمال سوريا.
وتعتبر مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى محافظة السويداء، والمحافظات الساحلية “طرطوس واللاذقية”، الأكثر أمناً في سوريا في ظل الأزمة والصراع التي تعيشها سوريا منذ أكثر من 8 سنوات، لكن يبقى مصير مناطق شمال سوريا مجهولاً في ظل عدم وجود اعتراف دولي بها، وتعرضها لتهديدات مستمرة من جانب تركيا والحكومة السورية.
تقرير: بهاء عبدالرحمن