يحاول السوريون الهروب من الأوضاع الاقتصادية المتردية والضغوط الأمنية التي تفرضها القوات الحكومية في مناطق سيطرة النظام من خلال اللجوء إلى المهدئات.
حذرت وفاء كيشي، نقيبة الصيادلة السوريين، من زيادة الطلب على المهدئات بين السوريين.
وفي بيان صحفي وزع على وسائل الإعلام المقربة من الحكومة السورية في 23 آب، أوضحت كيشي أن السوريين يتجهون بشكل متزايد إلى المهدئات بشكل أساسي بسبب الأزمات والحروب الحادة التي تعصف بسوريا وتسبب الأمراض العقلية.
وقالت كيشي إن نقابة الصيادلة السوريين ليس لديها إحصائيات دقيقة عن معدل تعاطي هذه الأدوية، مؤكدا أن وزارة الصحة واللجان الفرعية للنقابة رصدت مخالفات من جانب بعض الصيدليات التي تبيع هذه الأدوية دون وصفة طبية.
وشددت على أن ضحايا الحرب والناجين من ذوي الإعاقات الدائمة يحتاجون إلى علاج نفسي تحت إشراف طبي.
وقال مصدر من نقابة الصيادلة السوريين في دمشق لـ “المونيتور”، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الأدوية النفسية شكلت 70٪ من مبيعات الصيدليات العام الماضي.
وأوضح المصدر هذه الظاهرة بالقول إن الظروف الاقتصادية المتردية والفقر الذي يواجه السوريين بسبب غلاء المعيشة وتدني الرواتب الحكومية وعدم القدرة على تحمل نفقات الصحة والتعليم والمعيشة دفعت شرائح كبيرة من السوريين إلى الإدمان على المهدئات كوسيلة للهروب من واقعهم.
قال أحمد شمس الدين، وهو صيدلاني من مدينة جرمانا بمحافظة ريف دمشق، لـ “المونيتور” إنه يبيع المهدئات لأكثر من 10 أشخاص بوصفة طبية، معظمهم من ضحايا الحرب.
وأضاف ان “الأدوية التي تحتوي على نسب عالية من المواد المخدرة تزايد الطلب عليها في السوق السورية”. وقال إن “عدد المدمنين على هذه الأدوية زاد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة”.
وقال شمس الدين إن السوريين يكتشفون يوميا أنواعا جديدة من العقاقير المخدرة تنتشر بشكل كبير في السوق السوداء وبعيدا عن الصيدليات، وخاصة “شراب السعال الأخضر” المصنوع محليا والمسمى ” السيمو” والذي يحتوي على كميات عالية من الكودايين. وكذلك بالتان الذي يحتوي على الهيروين وغالبا ما يوصى به لعلاج الاضطرابات النفسية الجسدية وكذلك مدمني المخدرات.
قال قيس خزعل، الطبيب النفسي العصبي، لـ “المونيتور”: “أصبحت المهدئات شائعة بين طلاب الجامعات، الذين يتناول معظمهم حبوب بالتان قبل خوض الامتحان، معتقدين أن هذا من شأنه أن يمنحهم الطاقة ويفتح عقولهم”.
علياء زهير، طالبة جامعية في دمشق، قالت لـ “المونيتور” إنها بدأت بنصف حبة بالتان في اليوم، لكنها بعد ستة أشهر بدأت في تناول ثلاث حبات كل ست ساعات.
وأضافت: “لقد تناولت أيضًا مخدرات أخرى مثل شراب السعال الأخضر (السيمو) ومسكنات الألم (بركسامول)”.
قال بشار حكمت، صاحب محل بقالة في حي القصاع بدمشق، والذي كان مدمنًا رسميًا على الترامادول، لـ “المونيتور” إن بعض الصيدليات رفضت بيعه دون وصفة طبية، لكنه كان يلجأ إلى مضاعفة السعر للحصول على الترامادول.
قال: “كنت أدفع 25 دولارًا مقابل علبة مكونة من 10 أقراص”.
وبحسب المصدر داخل نقابة الصيادلة السوريين، فإن بعض موزعي الأدوية يستخدمون أسماء وأختام الصيدليات التي أغلقت أبوابها أو انتقل أصحابها إلى محافظات أخرى أو خارج البلاد، للتسجيل بأسمائهم والحصول على حصتهم من المهدئات.
وقال المصدر “بعضهم يبيعها أيضا لتجار مخدرات في السوق السوداء”.
لؤي باج، صيدلاني، قال لـ “المونيتور”: “ترامادول من أكثر الحبوب المخدرة انتشارًا بين المدمنين السوريين، ويباع تحت الاسم التجاري نيودول، وهو مسكن مركزي للألم”.
وأضاف: “هناك أيضًا دواء آخر يسمى زولام وبالتان وكلاهما يستخدمان لعلاج القلق والاضطرابات العقلية، بالإضافة إلى السيمو الذي يحتوي على مادة الكودايين المسببة للإدمان”.
وأوضح باج أن “المدمنين السوريين يواجهون صعوبة في الحصول على العقاقير المخدرة التقليدية، لذا فقد لجأوا إلى حلول بديلة مثل بيوغابالين وبريجابالين، وهما عقاقير بدون وصفة طبية تستخدم لعلاج مرضى السكر الذين يصابون باعتلال الأعصاب”.
المصدر: موقع المونيتور الأمريكي
ترجمة: أوغاريت بوست