أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – هي من المرات القليلة التي تتصادم فيها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مع القوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها في شرق سوريا، حيث شهدت هذه المناطق خلال الساعات الـ48 الماضية مواجهات وعمليات تبادل للقصف بشكل غير مسبوق، وسط حالة تأهب من قبل قوات الحكومة والإيرانيين تحسباً لأي عملية عسكرية واسعة.
إيران بدأت بإشعال الصراع وخسائر من الطرفين
وبدأت موجة التصعيد العسكري هذه بعد سقوط صواريخ إيرانية وهجوم بطائرات مسيرة من مناطق تسيطر عليها في دير الزور، أسفرت عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة جنود، بدورها ردت القوات الأمريكية بقصف مواقع عسكرية تابعة للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها بأطراف مدينة دير الزور، مع الحديث عن مقتل نحو 20 عنصراً منهم.
أما مساء السبت، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن انفجارات عنيفة دوت في أكبر قاعدة ” التحالف الدولي” في حقل العمر النفطي بريف دير الزور، تزامنا مع تحليق طائرات “التحالف الدولي” في أجواء الميادين التي وصفها “بعاصمة الميليشيات الإيرانية” شرق سوريا.
جاء ذلك بعد تحليق للطيران المروحي التابع لقوات التحالف الدولي على علو منخفض بمحاذاة نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي، بالتزامن مع تحليق طائرات مسيرة مجهولة في سماء المدينة.
استهداف جوي لمواقع عسكرية بأطراف دير الزور
بينما نفذ الطيران الأمريكي منتصف ليل الخميس-الجمعة وفجر السبت، قصفاً طال موقعاً “للحرس الثوري الإيراني” ببادية البوكمال شرقي دير الزور، وموقعاً آخر في أطراف مدينة الميادين من الجهة الجنوبية، ومستودعا للذخيرة في مركز الحبوب ومركز التنمية الريفية مقابل اسكان الضباط في حي هرابش بمدينة دير الزور.
بدورها استنفرت القوات الإيرانية عناصرها في البوكمال والميادين ومدينة دير الزور، تحسباً لهجمات جديدة، فيما أطلقت المجموعات الإيرانية صباح الجمعة صواريخ من قاعدتها قرب عين علي بريف الميادين باتجاه حقل العمر النفطي الذي يتواجد ضمنه قاعدة عسكرية تابعة للتحالف الدولي، كما تشهد أجواء المنطقة تحليقاً لطائرات حربية.
نحو 20 قتيلاً.. وبايدن يهدد ولا يريد أي صراع
وكان المرصد السوري قال في آخر احصائية له يوم السبت، بأن عدد القتلى ارتفع في قصف جوي نفذته قوات التحالف الدولي على دير الزور إلى 19. وأوضح المرصد أن من بين القتلى 3 من عناصر قوات الحكومة السرية.
وكان الرئيس الأمريكي أكد بأن الولايات المتحدة مستعدة للتصرف بقوة لحماية الأميركيين، وذلك في معرض تعليقه على شن الجيش الأميركي لضربات جوية ضد القوات الإيرانية والمسلحين التابعين لها، انتقاماً لهجوم أسفر عن مقتل مقاول أميركي، وإصابة خمسة جنود أميركيين.
كما أكد خلال تواجده في أوتاوا الكندية بمؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أن بلاده لا تسعى لصراع مع إيران، وأضاف “لا تخطئن الظن، الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، لكنها مستعدّة للعمل بقوة لحماية شعبها”.
من جهته قال رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونغرس الأميركي مايك روجرز إن بلاده سترد على أي تهديد للقوات الأميركية في سوريا، مؤكدا أن الولايات المتحدة نفذت ضربات في سوريا ضمن جهودها لمكافحة الإرهاب.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهما إن نظام الدفاع الجوي الرئيسي في القاعدة العسكرية للتحالف شمال شرق سوريا “لم يكن يعمل بكامل طاقته” عندما تعرضت المنشأة إلى استهداف بواسطة طائرة بدون طيار أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة ستة أميركيين آخرين.
وأضاف المسؤولان الأميركيان أن هناك تحقيق حول أسباب الهجوم وعدم وضوح الأسباب وراء عدم تشغيل النظام الدفاعي بشكل كامل.
خبراء أمريكيون يحذرون من نهج بايدن تجاه إيران
خبراء أمريكيون أكدوا في حديث لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، بأن نهج بايدن قد يتسبب بالمزيد من الهجمات الإيرانية، مشيرين إلى أن “استراتيجية إيران الإقليمية للعمل من خلال الوكلاء والتشتيت مستمرة بلا هوادة. السؤال المطروح هو، متى ستتخلى إدارة بايدن عن الضربات المتبادلة وتعمل على دحر شبكة الميليشيات الإيرانية في قلب الشرق الأوسط؟”.
وتابع “يمكن لواشنطن أن تتوقع المزيد وليس أقل من هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على المواقع الأمريكية. واشنطن بحاجة إلى نسبة استجابة أفضل للهجمات التي تدعمها إيران، سواء كانت في سوريا أو العراق أو صادرة من مجال واحد وضرب الآخر”.
إيران تحذر من أي هجوم “لنا اليد الطولى في سوريا”
بدوره حذّر المركز الاستشاري الإيراني، الولايات المتحدة من استمرار الهجمات على المواقع العسكرية في سوريا، معتبرة أن لديها “اليد الطولى” في سوريا.
وقال “المركز” في بيان إن “القوات الأمريكية نفذت ما اسمته بـ “العدوان” على نقاط “مدنية” في منطقة دير الزور، مدعيا أنه تم استهداف مخازن تغذية ومراكز خدمات، مشيراً إلى أن الهجمات تسببت في سقوط قتلى وجرحى.
واعتبر أن وجود القوات الإيرانية في سوريا “مشروع”، وهو من أجل “مساعدة الحكومة السورية وتحت رعايتها، لمواجهة الإرهابيين والمشروع التكفيري وعلى رأسهم داعش”، بحسب البيان.
وشكك البيان في ذريعة القصف الأمريكي في أنهم “يردون على مصادر نيران، ليتبين أنهم يسعون بحسب ما يعتقدون ويُشيعون إلى استهداف أسلحة دقيقة وتجهيزات حساسة، تنقلها إيران تشكل خطراً على ربيبتهم إسرائيل”.
وختم البيان في أنه “بناء ما تقدم وبعد هذا الهجوم الذي انطلق من منطقة التنف السورية، فإننا نحذر العدو الأمريكي أننا نملك اليد الطولى، ولدينا القدرة على الرد في حال تم استهداف مراكزنا وقواتنا على الأراضي السورية”.
ويستبعد خبراء بأن تؤدي هذه الموجة من التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لحرب شاملة بين الطرفين تكون ساحتها سوريا، لكنهم أشاروا إلى أن هذا التصعيد قد يكون جاء بالاتفاق مع أطراف أخرى كروسيا وتركيا ودمشق، الأطراف التي تريد أن تنسحب واشنطن من شمال شرق سوريا وفتح الطريق أمامهم للسيطرة على هذه المنطقة الغنية.
إعداد: علي إبراهيم