أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال الأشهر الماضية تشهد المناطق الشمالية الشرقية من سوريا تصعيداً عسكرياً تركياً كبيراً، زادت حدته بشكل عنيف خلال يومي الثلاثاء والأربعاء، حيث دخلت الطائرات الحربية لتلك الأجواء لأول مرة منذ العملية العسكرية التركية السابقة المسماة “بنبع السلام” وقصفت أهدافاً في مناطق متفرقة.
الإدارة الذاتية تعتبر التصعيد التركي “توجهاً نحو الحرب”
“الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” علقت على التصعيد العسكري التركي بالقول إنه “خرق للتفاهمات وتوجه نحو الحرب”، وذلك في بيان لها، أضافت فيه أن على التحالف وروسيا والمؤسسات الأممية وضع حد للهجمات التركية.
واعتبر البيان أن الهجمات التركية تأتي في سياق “الانتقام لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي في الحسكة وإفشال مخططه في استهداف سجن الصناعة في مدينة الحسكة”.
كما حذرت من أن هذه الهجمات هي “لضرب استقرار المنطقة وتهيئة الظروف لعودة الإرهاب وتمرير تركيا لمخططاتها وأجنداتها التي فشلت في تحقيقها على مدار سنوات مضت”.
جولة التصعيد العسكري التركي جاءت بعد ساعات قليلة من انتهاء مراسم تشييع للعسكريين والمدنيين الذين سقطوا خلال الاشتباكات التي حصلت الأسبوع الماضي بين قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي من طرف و تنظيم داعش الإرهابي من طرف آخر في سجن الصناعة بحي غويران بمدينة الحسكة، والذي كان التنظيم ينوي بحسب بيانات قسد “لإحياء نفسه وتهريب سجناءه واحتلال الحسكة”.
هل تقصدت قوات الحكومة السورية قصف مدينة الباب ؟
كما تزامن هذا التصعيد العسكري التركي مع ما أفادت به وسائل إعلامية محلية، بأن قصفاً طال مدينة الباب الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” من قبل قوات الحكومة السورية، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصاً.
واعتبرت أوساط سياسية محلية بأن القصف على مدينة الباب كان حجة للقوات التركية بشن هجماتها على شمال شرق سوريا، ولمحوا لمشاركة قوات الحكومة بهذا الأمر وتقصده لقصف الباب لإعطاء الذريعة لتركيا لشن هجماتها.
بينما سرعان ما حمّلت تركيا مسؤولية قصف مدينة الباب لقسد؛ التي نفت بدورها أي علاقة لها بالقصف، واعتبرت في بيان لها، أن “هذه الاتهامات تتعلق باختلاق الأحداث وارتكاب الجرائم في محاولة لضرب السوريين ببعضهم البعض خدمة لأجندات تركية قذرة باتت معروفة للرأي العام”.
وأشارت إلى أن الجهات التي تريد معرفة المتسببين بالقصف الأخير على مدينة الباب البحث عنهم في الغرف الخاصة للاستخبارات التركية.
وقالت قسد أنه بموازاة ذلك فإن القوات التركية قصفت العشرات من القرى والمناطق الآمنة في “ديرك، زركان، ريف تل أبيض الغربي، منبج ومناطق الشهباء وقرى جنوب عفرين”، واعتبرت أن هذه الهجمات تأتي “بعد إفشال قواتنا للمخطط الإرهابي الكبير لتنظيم داعش الإرهابي في مدينة الحسكة”.
قسد تحمل التحالف مسؤولية فتح الأجواء أمام الطائرات الحربية التركية
وحمّلت قسد ولأول مرة، مسؤولية دخول سلاح الجو التركي إلى سماء الشمال الشرقي من البلاد، للتحالف الدولي، واعتبرت أن الطيران الحربي التركي لم يكن ليدخل الأجواء السورية لولا موافقة التحالف وبعلم منه.
فيما قال “عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD) صالح مسلم، في حديث لوكالة الأنباء الكردية “هوار” تعليقاً على التصعيد التركي، أن “قرار الهجمات على مناطق شمال وشرق سوريا اتخذ خلال اجتماع أستانا الماضي”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن في كلمة له إطلاق عملية “نسر الشتاء” في شمال سوريا والعراق، بينما قالت وزارة الدفاع التركية أن العشرات من الطائرات الحربية نفذت العملية وبضربات جوية نوعية وعادت إلى قواعدها. وتساءلت أوساط متابعة هل حديث الدفاع التركية يعني “انتهاء العملية” أم أنه سيكون هناك جولات تصعيدية أخرى.
التحالف ينفذ عملية ضد قيادي في “حراس الدين”
بعد التصعيد التركي بساعات، نفذت قوات التحالف الدولي عملية إنزال بالقرب من بلدة أطمة في ريف إدلب الشمالي، وبحسب المعلومات الواردة فإن عملية الإنزال الجوي نفذت بين منطقتي دير البلوط وآطمة بريف إدلب، وأكدت مصادر من إدلب أن عملية الانزال الجوي استهدفت منزل المدعو أبو حسام البريطاني وهو (قيادي سابق في تنظيم حراس الدين) في منطقة آطمة. وسط أنباء متضاربة حول اعتقاله.
بينما قالت وسائل إعلام غربية أن عملية التحالف استهدفت قيادياً “خطط لاقتحام سجن غويران في الحسكة”، دون أن تذكر أي معلومات أخرى.
واعتبرت أوساط سياسية ومتابعة أن التصعيد العسكري التركي في شمال شرق سوريا وعملية التحالف في شمال إدلب هي مرتبطة ببعضها البعض، مرجحين أن التحالف سمح للأتراك بقصف نقاط عسكرية لقسد في شمال شرق سوريا جواً، مقابل موافقة تركيا على استهداف التحالف للقيادي البريطاني في “حراس الدين” وربما اعتقاله وفتح المجال لذلك. حسب رؤيتهم.
إعداد: علي إبراهيم