أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عاودت الطائرات الحربية والمسيرة التركية خلال الساعات الـ24 الماضية عمليات قصفها على مناطق “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، بالتزامن مع تصاعد العنف في منطقة “خفض التصعيد”، ومعلومات عن أوامر من القيادة الروسية في سوريا للطائرات الحربية والمسيرة بالجهوزية لتنفيذ عمليات قصف جوية على محاور في “خفض التصعيد”.
اشتعال جبهات الشمال السوري.. خلافات أم اتفاقات سرية
وغالباً ما تشتعل الجبهات في شمال شرقي سوريا مع شمال غرب البلاد، وهو ما قد يشير إلى وجود خلافات أو ربما اتفاقات سرية بين الأطراف الرئيسية المتدخلة في الأزمة والصراع في سوريا، والتي تتقاسم السيطرة على تلك المناطق، في مشهد اعتاد السوريون عليه خلال سنوات الحرب الـ12.
البداية من شمال شرق البلاد، التي تشهد منذ يوم السبت الماضي، عودة للغارات الجوية التركية التي تستهدف بشكل ممنهج ما تبقى من البنى التحتية والمنشآت والمرافق العامة في هذه المناطق، والتي لم تستهدف أو دمرت جزئياً خلال “العملية العسكرية الجوية التركية” السابقة في بدايات تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
“المناطق السكنية والنقاط الأمنية” في مرمى النيران التركية
واللافت في الجولة من التصعيد الجوي التركي، استهداف المناطق السكنية والمنشآت المدنية ونقاط قوى الأمن الداخلي التي تتواجد على الطرق ما بين المدن الرئيسية، إضافة إلى صوامع الحبوب والشعير ومستودعات القطن، وكان لمدينة القامشلي وريفها النصيب الأكبر من عمليات الاستهداف هذه، الأمر الذي أدى لفقدان 8 مدنيين حياتهم وإصابة أكثر من 25 آخرين.
وكانت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية أكدت أن كل المناطق المستهدفة من قبل تركيا هي مناطق ومنشآت مدنية ولا تتواجد فيها أي قوات عسكرية، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول المخطط التركي من عمليات الاستهداف من هذا النوع هذه المرة.
كما تعرضت أكثر من 10 نقاط لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) لعمليات استهداف من قبل الطيران التركي المسير، والتي تربط ما بين المدن الرئيسية، في تطور لافت للهجمات التي تطال هذه المناطق.
كذلك كانت محطات المحروقات وشركاتها المعروفة باسم “سادكوب” هدفاً للمسيرات التركية التي استهدفت بأكثر من 5 ضربات شركة “سادكوب” في مدينة القامشلي ومحيط سجن “علايا” الذي فيه قادة وعناصر لتنظيم داعش الإرهابي.
قصف تركي موسع على قرى شمال حلب.. ومطالب بتدخل دولي
كذلك تعرضت قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية و قوات “تحرير عفرين” للقصف من قبل القوات التركية، ووفق وكالة الأنباء الكردية “هوار” فإن القصف التركي طال قرى “منغ ومرعناز، بيلونية، شيخ عيس، وقرية حربل ومحيط تل رفعت، وقرية أم الحوش وسموقة، قرية جيجان، تل مضيق، ومحيط قرية وحشية” الأسلحة الثقيلة، دون أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
وكان مجلس سوريا الديمقراطية أدان “العدوان التركي” واعتبره “تهديداً للأمن والاستقرار وإرهاب والمواطنين الآمنين”، داعياً في الوقت نفسه المجتمع الدولي وجميع القوى السورية إلى “وحدة الموقف تجاه هذه الهجمات الوحشية التي تعد من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
“غارات جوية روسية على خفض التصعيد”
أما في الطرف الشمالي الغربي من سوريا، “خفض التصعيد”، فقد وردت معلومات لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية بأن القيادة العسكرية الروسية في سوريا، أمرت الطائرات الحربية والمسيرة بالتوجه نحو مدراج الإقلاع في قاعدة “حميميم” العسكرية وذلك بهدف تنفيذ غارات جوية على مناطق “خفض التصعيد” والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة الموالية لتركيا.
وخلال ساعات مساء الثلاثاء، شنت الطائرات الحربية الروسية غارات جوية استهدفت الأطراف الغربية لمدينة إدلب، عبر صواريخ فراغية، وسط انفجارات هزت المنطقة، كما طالت الغارات محاور منطقة “جبل الزاوية” جنوب إدلب.
“الغارات الروسية دمرت مواقع لفصائل المعارضة وتحرير الشام”
وعلق المركز الروسي في سوريا “حميميم” على هذه الضربات الجوية، بأنها طالت “مواقع للجماعات المسلحة غير الشرعية والمتورطة في استهداف الجيش السوري”، وأشار المتحدث باسم المركز الروسي، فادي كوليت، بأن الضربات أسفرت عن تدمير مركزين للمراقبة ومستودعات للعتاد.
بدورها قالت وزارة الدفاع السورية، أنه “في إطار المهام الوطنية المستمرة التي تنفذها قواتنا المسلحة الباسلة رداً على الخروقات والاعتداءات التي تشنها التنظيمات الإرهابية، نفذت وحدات من قواتنا العاملة على اتجاه ريفي إدلب الجنوبي والشمالي الغربي سلسلة عمليات نوعية دقيقة بالتعاون مع الطيران الروسي الصديق”.
ووفق بيان الوزارة فإن عمليات الاستهداف طالت مقرات “الإرهابيين” وتحصيناتهم وأماكن تمركزهم ومستودعات الذخيرة والعتاد والإصلاح والتفخيخ، ما أدى إلى تدميرها بالكامل وإيقاع العشرات منهم بين قتيل وجريح”.
وهناك مخاوف كبيرة من أن تستغل أطراف الصراع الرئيسية والمتدخلة في الأزمة السورية الأوضاع التي تشهدها منطقة “الشرق الأوسط” من الحرب الإسرائيلية مع حركة حماس في قطاع غزة، وانشغال العالم بها، لشن عمليات عسكرية جديدة في الشمال السوري، التي بقيت جبهاتها وخطوط التماس فيها صامدة على مدار السنوات الماضية.
فيما تتباين الآراء حول هذا التصعيد الحالي في الشمال، فمنهم من يرون بأنه دليل على “خلافات كبيرة” بين أطراف الصراع الرئيسية، ومنهم من يقول بأنها “اتفاقيات وصفقات” بين هذه الأطراف، والدليل الصمت الذي يترافق مع جولة العنف هذه من كل الجهات المتدخلة بالأزمة السورية.
إعداد: ربى نجار