أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع انتهاء الجولة السابعة عشرة من اجتماعات “مسار آستانا” بين “الدول الضامنة” (روسيا وتركيا وإيران) حول سوريا، كشفت تقارير إعلامية أن الجولة الثامنة عشرة من هذا المسار ستعقد في العاصمة الإيرانية طهران، تزامن ذلك مع كشف تركيا لبعض من “الشروط” للانسحاب من الأراضي السورية.
وعود “حبر على ورق” .. والاتفاقات السرية فقط تطبق على الأرض
ولم تختلف اجتماعات الجولة السابقة لمسار “آستانا” في بياناتها وأهدافها “المعلنة” عن الاجتماعات الماضية، حيث أدعت الدول الضامنة في بيانها المشترك أنهم “مع وحدة الأراضي السورية وسيادتها وحل الأزمة فيها عبر الطرق السلمية ومحاربة التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم الإرهاب لدى مجلس الأمن الدولي ورفض الأجندات الانفصالية”.
إلا أن جميع الأطراف الرئيسية المشاركة في هذا المسار وخلال السنوات السابقة، لم تنفذ وعودها بشان سوريا أو تنفيذ ما يأتي في بياناتها الختامية، باستثناء ما يتم الاتفاق عليه في “الخفاء” حيث تظهر نتائجه بعد كل اجتماع، وغالباً ما تكون الاتفاقات السرية، تغيير في خرائط السيطرة العسكرية لصالح الدول الضامنة، وبما يتناسب مع سياساتها في سوريا.
وبعد الجولة الأخيرة، عادت العمليات العسكرية والعنف إلى المناطق الشمالية، مع هجمات برية نفذتها القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها على شمال شرق سوريا، وربطته أوساط سياسية محلية بأنها أحدى “بصمات الاجتماع الأخير من آستانا”، إضافة لعودة العنف تدريجياً إلى منطقة “خفض التصعيد” عبر قصف للسلاح الجو الروسي على ريف إدلب بعد غياب عن أجوائها لمدة أسبوعين.
روسيا تكشف عن حديث “لمغادرة القوات التركية” .. وأنقرة تنفي وتشترط
الجديد في هذا السياق، ما كشفت عنه تقارير إعلامية تركية، أن أنقرة نفت بشكل قاطع ما يتم الحديث عنه أنه “اتفاق مع روسيا للانسحاب من مناطق تسيطر عليها في سوريا”، حيث تسيطر تركيا فعلياً على 7 مدن سورية في الشمال، وهي 4 أضعاف ما تحتله إسرائيل من البلاد.
وبعد الاجتماع الأخير، قال الممثل الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف في بيان، أنه بعد الجولة الأخيرة “لآستانا” جرى الحديث عن “مغادرة القوات التركية لسوريا” حين تسمح الفرصة بذلك.
إلا أن صحيفة “حرييت” التركية، نفت ما تحدث به المسؤول الروسي، ونقلت عن “مصادر مسؤولة” أن أنقرة تضع شروطاً للانسحاب من الأراضي السورية، وأشارت إلى أن هذه الشروط وصلت لكل الأطراف، ولكن بعض الجماعات نقلتها بطرق مختلفة ما جعل تفسيرها مختلفاً.
ما هي شروط أنقرة للانسحاب من سوريا ؟
وبحسب ما نشرته “حرييت” فإن تركيا تشترط للانسحاب من الأراضي السورية، ضمان أمنها القومي، ومحاربة ما تسميها “الجماعات الإرهابية” التي “تستهدف وحدة الأراضي التركية” على الحدود، “ووضع ذلك في إطار التنفيذ”. وذلك في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت أنقرة تعد العدة لشن هجوم جديد عليها في الشمال لكن “الرفض الأمريكي الروسي الإيراني” حال دون ذلك.
ومن شروط أنقرة، أن يتم تحقيق حل سياسي كامل “يحمي الشعب السوري بكافة شرائحه” إضافة إلى “إقامة نظام انتخابي يمكن لجميع الفئات المشاركة فيه بحرية”، و “تشكيل حكومة شرعية بعد الانتخابات”، وأن يتم إبعاد “التنظيمات الإرهابية” عن الحدود التركية.
وتشكك أوساط سياسية ومتابعة بالرواية الرسمية التركية من حيث الانسحاب إذا تم تنفيذ هذه الشروط، حيث أن تركيا لم يسبق لها أن انسحبت من أي منطقة تدخلها في العالم منذ عقود، وإذا انسحبت بالقوات العسكرية فإنها تبقى عبر مؤسسات مدنية واستثمارات وجهات موالية لها.
طهران تتحدى واشنطن باستضافة “آستانا” .. والحديث سيكون عن “الوجود الأمريكي”
أما فيما يخص الاجتماع القادم لهذا المسار، كشفت تقارير إعلامية أن إيران ستكون المستضيفة له، وذلك في خطوة قد تزعج الولايات المتحدة الأمريكية، كون هذا الاجتماع سيناقش “الوجود الأمريكي في سوريا ومطالبة رحيلها”.
وقال مسؤول إيراني الاجتماع الجديد مطلع العام القادم 2022، بأنه لمواجهة “الأطماع الأمريكية في سوريا”، وفي تصريحات له قال عضو لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني فدا حسين مالكي، أن اجتماع “آستانا” القادم سيطالب المجتمع الدولي “بممارسة الضغوطات على أمريكا للانسحاب من سوريا”، واتهم “واشنطن بدعم تنظيم داعش في سوريا”، وأشار إلى أن إيران باتت من الدول التي أدرك المجتمع الدولي أنها تعمل لتعزيز الأمن والاستقرار في سوريا.
حديث المسؤول الإيراني اعتبرته أوساط سياسية أنه يحمل في طياته “تحدياً” للولايات المتحدة، كون الاجتماع الجديد سيكون في طهران، وسيبحث التواجد الأمريكي في سوريا الذي تراه إيران “غير شرعي”.
مشيرين إلى روسيا وإيران تسعيان لإخراج الولايات المتحدة من سوريا للسيطرة على المنطقة الشمالية الشرقية وآبار النفط فيها، وذلك سيعزز التواجد الإيراني في سوريا الذي تعمل واشنطن على محاربته والحد منه.
إعداد: علي إبراهيم