أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عادت الطائرات المسيرة التابعة للجيش التركي للتصعيد في مناطق متفرقة من التي تخضع لسيطرة “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، حيث استهدفت هذه المسيرات خلال الأيام الـ3 الماضية، مناطق مدنية وآهلة بالسكان وسيارات على الطرق الدولية ومنشأة خدمية وقوات أمنية وعسكرية، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما جرى في بدايات شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
قتلى وإصابات بهجمات تركية جديدة
وتعرضت قرى وبلدات في أرياف الحسكة وحلب ضمن مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” لهجمات من قبل الطيران المسير التركي، حيث تعرضت سيارة للاستهداف في حي الغسانية في مدينة منبج، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الكردية “هوار”، وذلك بالقرب من دوار الشمسية بمنبج، وقالت إن هناك أنباء عن سقوط ضحايا، دون ذكر أي تفاصيل أخرى، حتى مع ساعات إعداد هذا التقرير
بدوره أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الجمعة، بأن مسؤول مكتب عوائل المقاتلين في مجلس منبج العسكري، قتل جراء انفجار السيارة التي كان يستقلها، ولفت المرصد السوري إلى أن الانفجار لم يعرف بعد إذا ما كان نتيجة استهداف بمسيرة تركية أو لغم أرضي.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من إصابة مدنيين اثنين بجراح متفاوتة، في استهداف مسيرة تركية انتحارية لسيارة مدنية في قرية بوغاز غربي مدينة منبج شرق حلب، ضمن مناطق نفوذ قوات مجلس منبج العسكري، حيث جرى نقل الجرحين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
“الهجمات لا تفرق بين مدني وعسكري”
وفي السياق ذاته، استهدفت القوات التركية أيضاً عبر طائراتها المسيرة مرآب للأليات الخدمية في بلدة صرين جنوبي مدينة عين العرب/كوباني بريف حلب الشرقي، وقال شهود عيان بأن أعمدة الدخان تصاعدت من منطقة الاستهداف، من دون أي معلومات عن وجود قتلى أو إصابات.
وفي الوقت الذي تقول فيه تركيا أمام المجتمع الدولي، بأن هجماتها على مناطق شمال شرقي سوريا تستهدف فقط القوات العسكرية، التي تعدها أنقرة “خطراً على أمنها القومي”، فقد مواطن حياته متأثراً بإصابته، وأصيب اثنين آخرين من عائلة واحدة، خلال قصف عبر طائرة مسيرة استهدف سيارة تقل هؤلاء المدنيين بالتزامن مع مرورها أمام محطة وقود “شويش” على طريق الحسكة – عامودا، كما أدى الاستهداف لإصابة مواطنين آخرين كانا بالمكان ذاته أثناء الاستهداف.
كذلك تعرضت سيارتين على الطريق الواصل بين مدينتي القامشلي والحسكة لاستهداف عبر طائرة مسيرة تركية، قبل أيام، وسط الحديث عن مقتل عسكريين اثنين من قوات سوريا الديمقراطية كانا بداخلها مع عسكري آخر أصيب وجرى نقله للمشافي، مع الحديث عن أن إصابته خطيرة.
المنشآت الخدمية بمرمى النيران التركية.. و 105 هجوم جوي خلال 2023
كما تعرضت منشأة خدمية في مدينة المالكية (المعروفة محلياً باسم ديرك) أقصى شمال شرق الحسكة، لاستهداف بطائرة مسيرة تركية، دون أي معلومات من المصادر الإعلامية المحلية عما سببه هذا الاستهداف.
ومع كل ما ذكر، فإن عدد عمليات الاستهداف الجوية التي نفذتها الطائرات المسيرة التركية على مناطق “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا يرتفع إلى 105 عملية استهداف، منذ مطلع عام 2023، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في إحصائية له، حيث أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 86 شخصاً و إصابة 95 آخرين بجروح متفاوتة.
ولا تقتصر الهجمات وعمليات الاستهداف التركية على مواقع القوات الأمنية والعسكرية التابعة “للإدارة الذاتية”، بل أن نقاط تمركز وقواعد القوات الحكومية السورية تتعرض هي أيضاً للاستهداف التركي، حيث استهدفت مسيرة تركية، مساء الجمعة، نقطة عسكرية على محور زيوان، تابعة لقوات الحكومة بريف حلب الشمالي، وهي المناطق التي تتشارك قوات الحكومة و “تحرير عفرين” السيطرة عليها، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
الإدارة الذاتية تندد: جريمة حرب.. وعرقلة لجهود الاستقرار ومحاربة الإرهاب
الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا اعتبرت في بيان لها أن هذه الهجمات التركية هي “جرائم حرب” كما أنها “تقوض جهود الاستقرار في المنطقة”، إضافة إلى “عرقلة محاربة الإرهاب” المتمثل بتنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة.
وفي تعليق لها على التصعيد التركي الجديد، عدت القامشلي أن هذه الهجمات “العلنية” للقوات التركية على مناطقها تعبر عن “رغبتها في خرق القوانين الدولية وجريمة حرب متكاملة الأركان”، وأشارت إلى أنها “تؤثر على جهود الاستقرار وسبل تطوير الخدمات في المنطقة التي تأوي 5 ملايين نسمة”.
وشددت الإدارة الذاتية على أن ما تقوم به القوت التركية يأتي في إطار “حرب الإبادة الجماعية بحق شعوب المنطقة”، وأن أنقرة تستغل الانشغال الدولي بالظروف الراهنة في المنطقة للاستمرار في شنها لهذه الهجمات التي تستهدف “بالدرجة الأولى أمن واستقرار المنطقة وتفوض جهود مكافحة الإرهاب، وهو تهديد مباشر لأمن المواطنين”.
ودعت القامشلي في بيانها، المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة، بالخروج عن صمتها والالتزام بمسؤولياتها ومحاسبة المسؤولين الأتراك عما يرتكبونه من “جرائم” في هذه المناطق.
الهجمات على الشمال الشرقي لم تتوقف منذ “عملية نبع السلام”
ولم تتوقف القوات التركية منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين الولايات المتحدة وروسيا بشأن المنطقة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عن شن عمليات استهداف عبر الطائرات المسيرة والحربية والمدفعية الثقيلة والصواريخ، مع محاولات عدة للفصائل المسلحة الموالية لأنقرة بالتقدم على محاور في أرياف الحسكة والرقة وحلب، دون إحراز أي تقدم.
وتأتي موجة العنف هذه بعد نحو شهرين من “عملية عسكرية جوية” أعلنتها أنقرة في المنطقة رداً منها على ما وصفته “بالهجوم الإرهابي” الذي طال “مقر وزارة الداخلية التركية في أنقرة” والتي سرعان ما اتهمت تركيا، الإدارة الذاتية به، رغم نفي الأخيرة بالوقوف ورائها أو أي علاقة لها مع الجهات المنفذة.
وأدت تلك العمليات العسكرية الجوية التركية إلى تدمير أكثر من 80 بالمئة من البنى التحتية والمرافق والمنشآت الحيوية في المنطقة، وذلك ما أثر على تقديم الخدمات لأكثر من 5 ملايين سوري يعيشون في تلك المناطق، مع ضرر مباشر لأكثر من مليوني إنسان، وفق تقارير إعلامية محلية.
إعداد: ربى نجار