دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

تركيا أمام خيارين صعبين في إدلب، بعد الموقف الروسي وتغاضي الولايات المتحدة عن مطالبها

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي لم ترضى الولايات المتحدة تسليم تركيا منظومة الصواريخ الدفاعية المتطورة “الباتريوت” واعتبار واشنطن أن الخلافات بين روسيا وتركيا في سوريا “خلافات ثنائية”، يجد الرئيس التركي نفسه أمام خيارين في إدلب إما الاستسلام أو المواجهة مع روسيا.

الخيارين الذين وجدت تركيا نفسها أمامهما، كلاهما مر، ولكن هي مجبرة الآن للاختيار، اما المواجهة ضد روسيا والقوات الحكومية السورية في إدلب في ظل عدم تحكمها بالأجواء وتحييد سلاح الجو، أو الاستسلام وضرب هيبة وسمعة الجيش التركي.

عدم التحكم بالأجواء يعني خسارة كبيرة لتركيا

دخول تركيا في معركة مع القوات الحكومية السورية بدعم من روسيا وسلاحها الجوي، سيؤدي بتركيا لخسارة كبيرة في صفوف جنودها وآلياتها، حيث خلال الفترة الماضية خسرت تركيا 17 جندياً من قواتها في سوريا، والعشرات من آلياتها العسكرية التي أصبحت خردة على الطرقات الإدلبية بعد استهدافها من قبل سلاح الجو الروسي.

ويقول مراقبون، ان مثل هكذا مواجهات مع روسيا “النووية” سيؤدي بتركيا لخسارة كبيرة لن يتحملها الشارع التركي، الذي وجد نفسه مجبراً بشكل قسري في مواجهة روسيا ضمن الصراع الدائر في سوريا منذ 9 سنوات، وضعت الحكومة التركية نفسها فيه في ظل عدم رضا الشعب التركي، مشيرين إلى أن على تركيا التفاهم مع روسيا لإنقاذ هيبتها وجنودها من سوريا وسط تخلي الحلفاء الغربيين عنها.

الصمت الأمريكي يدل على عدم بيع الباتريوت

وإلى الآن وبالرغم من طلب تركيا رسمياً من الولايات المتحدة نشر بطاريات للباتريوت على حدودها الجنوبية مع سوريا، لتحييد ومواجهة الطائرات الروسية، إلا أن واشنطن لم تعطي جواباً لتركيا بالموافقة على بيع المنظومة الصاروخية، ناهيك عن التصريحات الرسمية من المسؤولين الأمريكيين التي تؤكد عدم بيع واشنطن لمنظومتها لتركيا في ظل تواجد الإس-400 على أراضيها.

ورغم التقارير التي تحدثت أن تركيا استعانت بدول أخرى من حلف شمال الأطلسي للحصول على المنظومة الصاروخية المضادة للطيران الروسي، إلا أن تلك الدول لن تتجرأ لبيع أنقرة المنظومة الأمريكية في ظل عدم موافقة واشنطن، ما يزيد من صعوبة الموقف التركي، الذي يبدو حسب مراقبين انه سيتوافق مع روسيا على ملف إدلب خلال الفترة القادمة.

روسيا ترغب بحل في إدلب حسب الصيغة الآستانية

ورفضت روسيا عقد قمة رباعية حول إدلب، بعد دعوة غربية (فرنسية ألمانية) بعقد هذه القمة للتوصل لحل ينهي التصعيد العسكري الروسي التركي في إدلب، وعدم تحويل المواجهات لمعارك أوسع، وربما لحرب دول.

وقال الكرملين في بيان الثلاثاء، ان موسكو لا تعمل في الوقت الحالي على عقد قمة رباعية حول سوريا بمشاركة فرنسا وألمانيا، بل يجب عقد قمة ثلاثية في إطار مسار آستانا (روسيا – تركيا – إيران) في إشارة واضحة من قبل موسكو بعدم إخراج الملف السوري ومناطق “خفض التصعيد” من إطار آستانا، وتحويل الملف للتدويل، للحصول على ماتريد من التنازلات من تركيا.

وبتقدم القوات الحكومية في ريف إدلب الجنوبي وسيطرتها على المزيد من المناطق، بالرغم من تواجد آلاف الجنود الاتراك الذين جاؤوا إلى إدلب لوقف تقدم القوات الحكومية، هذا يعني حسب محللين ان روسيا ماضية في الخيار العسكري إلى النهاية إذا لم تخضع تركيا لشروط موسكو بشأن إدلب.

ماذا بعد نهاية المهلة التركية ؟

وتأتي هذه التطورات الميدانية مع قرب نهاية المهلة التي حددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحكومة السورية بسحب قواتها قبل نهاية الشهر الجاري، وإلا فإن الخيار سيكون عسكرياً، وإخراج القوات الحكومية من إدلب وحدود المناطق المرسومة حسب اتفاق سوتشي.

هذه التصريحات لن يكون لها جدوى، لأن تركيا رأت بعينها الموقف الروسي الداعم للحكومة السورية، وتدخلها المباشر في المعارك واستهداف النقاط التركية، وصد الهجوم الذي بدأت به أنقرة قبل أسبوع على محاور شرق إدلب، وما حملته من رسائل واضحة لتركيا، ان روسيا ثابتة على مواقفها، وإذا كانت تركيا تريد خفض التوتر عليها الجلوس لطاولة المفاوضات وتنفيذ الرغبات الروسية، التي تنظر إليها أنقرة على أنها هزيمة واستسلام.

ومع استمرار رفض أنقرة لهذه الخيارات (لأن ذلك سيعني فقدانها لورقة مهمة تراهن عليها في بزار المساومات حول مستقبل سوريا والمشاركة في الحل السياسي القادم)، وفي ظل هذه التطورات الميدانية تبقى التساؤلات قائمة حول مستقبل إدلب والتواجد التركي فيها.

إعداد: ربى نجار