أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تحولت مسألة تطبيع العلاقات بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان، من التصريحات الإعلامية إلى الحديث علناً عن الرغبة في عودة العلاقات والصلح، بعد قطيعة سياسية دامت أكثر من 13 عاماً بين الطرفين، حيث قال الرئيس التركي في تصريحات له أنه قد يدعو الأسد لزيارة تركيا في أي لحظة.
أردوغان ماضي بعملية التطبيع دون الاهتمام للرفض الشعبي بشمال سوريا
ورغم المعارضة الشعبية في مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها شمال سوريا لمسألة تطبيع العلاقات مع دمشق، إلا أن أنقرة تبدو مصرة وماضية أكثر من أي وقت مضى للتطبيع مع دمشق، في وقت بدا أردوغان في موقف المبادر والراغب في الصلح أكثر من الأسد، الذي اكتفى خلال الأيام الماضية بالإشارة إلى قبولهم بالمبادرات التي تدعو للصلح مع أنقرة شرط أن تستند للسيادة السورية على كامل أراضيها.
وترغب دمشق من تركيا تنفيذ 3 شروط، تعتبرها دمشق أنها أساسية لأي عملية تفاوضية وهي، الانسحاب العسكري التركي الكامل من الأراضي السورية، ووقف دعم الإرهاب، في إشارة منها إلى المعارضة السياسية والعسكرية في الشمال، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة.
وكانت أنقرة أكدت أن شروط دمشق لا يمكن قبولها وتطبيقها في وقت لا يزال الصراع مستمر في سوريا، وإن القوات التركية باقية في شمال سوريا كي تحافظ على الأمن القومي التركي، من قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتداد لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
أردوغان قد يدعو الأسد لزيارة تركيا بأي لحظة
وخلال تصريحات صحفية، طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من نظيره السوري بشار الأسد، الأحد، باتخاذ خطوة نحو تحسين العلاقات بين البلدين، وأضاف إن “توجيه دعوة إلى نظيره السوري لزيارة تركيا قد تكون في أي لحظة، لإعادة العلاقات التركية – السورية إلى ما كانت عليه في الماضي”.
وتابع “لقد وصلنا الآن إلى نقطة مفادها أنه بمجرد أن يتخذ الأسد خطوة نحو تحسين العلاقات مع تركيا، فسوف نظهر هذا النهج تجاهه”، وأوضح أردوغان أن لقاء بشار الأسد سيكون بناء على وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وأشار الرئيس التركي إلى أن “بوتين لديه نهج للاجتماع مع الأسد في تركيا. ورئيس الوزراء العراقي لديه نهج. نحن نتحدث عن الوساطة، فما المانع من التحدث مع جارتنا؟”، وأضاف، “ذكرت يوم الجمعة أننا يمكن أن نبدأ عملية جديدة مع سوريا. قد تكون لدينا دعوة للسيد بوتين وبشار الأسد. إذا استطاع السيد بوتين زيارة تركيا، فقد يكون هذا بداية لعملية جديدة”.
بغداد دخلت على خط الوساطة بين دمشق وأنقرة
وعاد الحديث مجدداً عن التطبيع بين دمشق وأنقرة بعد تصريحات عراقية قبل نحو شهر عن إجراء تحركات لعودة العلاقات بين الطرفين على لسان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وذلك بعد جمود سياسي رافق الصلح بين الأسد وأردوغان خلال عام ونصف، خاصة وأن الطرفين بقيا متمسكين بآرائهما وشروطهما للتطبيع.
وتأتي تصريحات أردوغان الجديدة بعد يومين من لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الكازاخية آستانا، على هامش اجتماع قمة منظمة شنغهاي، حيث تباحث الطرفان الملف السوري ودعيا إلى الحل السياسي فيه وإرساء الاستقرار و “مكافحة الإرهاب”.
ظروف اجتماع بغداد “لم تنضج بعد”.. وقسد العقبة الأكبر
وسبق أن أكدت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية إن ظروف الاجتماع الذي كان من المفترض أن ينعقد في العاصمة العراقية بغداد، بين مسؤولين سوريين وأتراك لبحث الملفات العالقة “لم تنضج بعد”. فيما ذكرت تقارير إعلامية أخرى نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية العراقية إن أحد أبرز العقبات بين دمشق وأنقرة هي التعاطي مع المسألة الكردية والوحدات الكردية التي تعمل ضمن قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، إضافة إلى ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
“استبعاد زيارة الأسد لتركيا حتى مع بوتين”
واعتبرت أوساط سياسية أن هناك صعوبة في أن يكون الرئيس السوري هو الذي يقوم بزيارة تركيا حتى ولو كان برفقة الرئيس الروسي بوتين، كون تركيا هي الدولة التي تبدو الساعية والمستعجلة للصلح، بينما تبدو دمشق أكثر هدوءً وفي حال ذهاب الأسد إلى أنقرة فإن شروط دمشق ستكون وكأنها قد طبقت، وبذلك فإن التواجد التركي العسكري الذي هو بعرف القانون “احتلال” على الأراضي السورية سيكتسب بعضاً من الشرعية.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن اللقاء قد يتم بوساطة روسية وعراقية ولكن في دولة أخرى ثالثة، قد تكون كازاخستان، التي احتضنت خلال السنوات الماضية أعمال مسار آستانا واجتماعات أخرى لروسيا وتركيا وإيران حول الأزمة السورية.
ولا شك في أن أردوغان هدفه الأول من التطبيع مع دمشق، هو مشاركتها مع حلفائها، روسيا وإيران، بقتال قوات سوريا الديمقراطية وإسقاط الإدارة الذاتية وإعادة المنطقة الشمالية الشرقية لسيطرة دمشق.
إعداد: علي إبراهيم