أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كشف مقال تحليل لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن أن هناك خطر كبير لا يتحدث عنه الإعلام وهو “الخطر الذي لا يتحدث عنه أحد: أردوغان يقرب حدوده من إسرائيل”، ويقول المقال أن تركيا وقطر سيطرتا على سوريا وبدءا بصوغ النظام الإقليمي الجديد، وهذا يعني “أننا أمام امبراطورية عثمانية” وفق الصورة الأردوغانية، أي منطقة يقودها ويهيمن عليها محور الإخوان المسلمين السني المتطرف الذي يحل عمليا محل محور المقاومة الشيعي الذي انهار نتيجة خروج سوريا من المعادلة.
أردوغان يرى سوريا “محافظة” في تركيا الكبرى
ولفت المقال إلى حديث الرئيس التركي عن أن سوريا كمحافظة في تركيا الكبرى، وتحدث مجموعة من كبار المسؤولين عن المساعدة التي تنوي تركيا تقديمها لسوريا الجديدة، وتشمل موضوعات داخلية مع التشديد على المسألة الكردية، وتصريح أردوغان بأنه على الأكراد التحلي عن سلاحهم أو سيدفنون معه.
وسلط التحليل الضوء على ما ينويه المسؤولين الأتراك بمفاوضات مع سوريا من أجل ترسيم الحدود البحرية، وهذا الاتفاق سيسمح للطرفين للدولتين بزيادة منطقة نفوذهما في التنقيب عن الطاقة، وأشار الوزير إلى أن تركيا مهتمة بالتعاون مع سوريا في مشاريع بنى تحتية بينها مرافئ.
“محور إسلامي سني متطرف” بتمويل مالي قطري
وأضاف التحليل أنه من منظور إقليمي متعدد الأبعاد يرتسم أمامنا محور إسلامي سني متطرف تابع للإخوان المسلمين بقيادة تركيا وقطر في الأراضي السورية، وقطر البعيدة هي التي تقدم المال من أجل التمويل، وتركيا هي التي تقدم اليد العاملة والمشاريع والمساعدة العسكرية، وهذا ضمن إطار مخطط إحياء تركيا الكبرى، وتحويل تركيا إلى مركز لتسويق الغاز إلى أوروبا وسينطلق أنبوب الغاز من قطر ويعبر الأراضي البرية السورية إلى تركيا.
“رؤية واشنطن الاقتصادية”.. وإسرائيل دمرت سوريا
وهذه نقطة مهمة يجب أن تثير اهتمام ترامب؛ فالخط البرّي الجديد الذي سينشأ سينافس الرؤية الاقتصادية للولايات المتحدة، أي الخط البرّي من الشرق عبر الإمارات والسعودية، والذي يمر بإسرائيل، ومن هناك إلى أوروبا.
وتابع التحليل أن إسرائيل تتصرف كما تصرفت خلال الحرب كلها، فهي جيدة جداً في التحدث باللغة العسكرية، وفيما يتعلق بسوريا نفسها، فقد حسنت بصورة كبيرة منظوماتها الأمنية في الأراضي السورية، بالإضافة إلى تدمير الجيش السوري، وهذا كل شيء، ومن الآن فصاعداً، هناك جمود ومحافظة على الستاتيكو.
“دولة أردوغانستان”.. والحكم المتطرف سيتحدى إسرائيل عند ترسيخه
وفي المقابل، فإن تركيا (كـ “حماس” وحزب الله) جيدة جداً في الكلام المدني والاقتصادي، وتحقق مصالحها بالوجه المدني (البريء) بعد الحرب، وعبر الحصول على شرعية دولية وتشجيع من مختلف أصحاب المصالح الاقتصادية. وإن التمركز المدني وإعادة الإعمار المدني يحملان دائماً معهما لاحقاً التدخل العسكري.
وأكد التحليل أن الأراضي السورية الجديدة سينشأ عملياً ونظرياً أردوغستان، أي محور إسلامي سنّي متطرف يحظى بحماية وتأييد عسكريَين من الجيش التركي، والذي مع مرور الزمن سيتحدى إسرائيل على حدودها (بحراً وبراً وجواً)
الاعتراف بالحُكم الجديد، بهدف التأثير في الصورة المستقبلية لسورية كجزء من نظام إقليمي جديد، ومن أجل قطْع الطريق على قيام أردوغستان. ومعنى ذلك اعتراف إسرائيلي بالحُكم الإسلامي السنّي المتطرف الذي عند الانتهاء من ترسيخ وضعه الداخلي، سيبدأ في استخدام قواته المتطرفة من أجل تحدي إسرائيل.
الخياران مثيران للقلق، لكنهما أفضل من التحدي اليومي الذي كانت تمثله إيران في سوريا، من دون الحديث عن حزب الله في لبنان كقوة عسكرية مهمة.
لكن الحياة ليست أبيض أو أسود، ويوجد خيار ثالث: إنشاء نظام جديد في الشرق الأوسط يتلاءم مع مصالح إسرائيل البعيدة المدى، والأداة الأساسية هي أداة مدنية وليست عسكرية؛ التسلل والقيادة والهيمنة عبر موضوع إعادة الاعمار (الذي سيحدث سواء شئنا أم أبينا).
وثمة مصلحة مشابهة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن كل ما له علاقة باليوم التالي في الشرق الأوسط.
“على إسرائيل إخراج تركيا من الساحة”.. وحماية الأقليات ومنع قيام دولة داعشية
ويؤكد التحليل وجوب عدم ترك الساحة للمحور التركي القطري، وهيمنة إسرائيل من وراء الكواليس مع العمل مع طاقم أمريكي يدخل الساحة ويخرج الأتراك منها.
وهنا فإن تطبيق خطة مارشال بقيادة إسرائيل ستحول كل المناطق المختلف عليها عسكرياً مع إسرائيل إلى قاعدة للتعاون.
إن النفوذ الأميركي لإدارة ترامب (وليس بايدن) والأوضاع الصعبة للمتمردين سيسمحان بصوغ سوريا الجديدة، وحماية الأقليات التي تتعرض للخطر في أثناء كتابة هذه الأسطر (في الأمس كان دور العلويين في اللاذقية). كما ستجري حماية الأكراد من تركيا، وربما لاحقاً منْع إنشاء دولة “داعش” على الحدود الشمالية لإسرائيل.
ماذا يجب على إسرائيل فعله ؟
إن المبادرة ستمنح إسرائيل ائتماناً دولياً من جديد، وستساعد، بعكس الماضي، في تأمين المصالح الإسرائيلية (بما في ذلك السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على قطاع غزة). وهذه الخطة ستجعل “حماس” وحزب الله والمتمردين في سورية في مواجهة معضلة؛ إذ إن تحركهم ضد جهود إعادة الإعمار سيجعلهم موضع إدانة دولية وإقليمية، وسيُظهرهم للمرة الأولى وبوضوح أنهم يعملون ضد شعوبهم، الأمر الذي سيُلحق ضرراً كبيراً بشرعيتهم الشعبية.
وفي هذه المرحلة، يمكن تحقيق ذلك، بينما سيكون من الصعب في مراحل لاحقة على الولايات المتحدة، وبالتأكيد على إسرائيل، تحقيق مبادئ النظام الجديد في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تضطر إسرائيل إلى التعامل مع التحدي العسكري الذي سيشكله لها الأتراك على الأقل في المياه الاقتصادية، وربما أيضاً على الحدود السورية وفي الأجواء الجوية. إن الأمر يعود إلينا، وهو مهم للغاية وممكن تحقيقه.
إعداد: ربى نجار
المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية