أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت تستمر فيه الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وذهاب الأمور نحو المزيد من التصعيد واحتمال أن تشن تل أبيب عملية عسكرية برية شاملة، تقول إنها أنهت كل الاستعدادات للقضاء على امكانات حركة حماس لتهديد أمنها مرة أخرى، تظهر تساؤلات حول مدى امكانية أن تفتح الجبهة الجنوبية السورية/الشمالية الإسرائيلية على الحرب، وتأثيرها على سوريا بشكل عام.
هجوم لحماس.. وإسرائيل ترد بتدمير غزة
ومنذ صبيحة الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بدأت حماس بعملية عسكرية غير مسبوقة ضد إسرائيل استهدفت البلدات المحيطة بقطاع غزة، والتي تعرف محلياً “بغطاء غزة”، وذلك بعد إطلاق حماس لآلاف الصواريخ، كغطاء ناري لدخولها، حيث سرعان ما سقطت هذه البلدات وفر الناس منها، لتعلن إسرائيل فيما بعد إنها دخلت حالة الحرب التي فُرضت عليها.
ومنذ ذاك الحين وتقوم إسرائيل بشن غارات جوية وضربات مدفعية وصاروخية من البر والبحر، تستهدف قطاع غزة، حيث أن هناك اليوم بعد مرور 13 يوم على الحرب، أحياء كاملة في القطاع أصبحت مدمرة مع تهجير أكثر من 115 ألف شخص منها إلى مناطق جنوب القطاع، وسط دعوات إسرائيلية للغازويين بالرحيل قبيل دخولهم بحرب برية شاملة ضد حماس وحلفائها.
جبهة الجولان.. هل تفتح طهران جبهة حرب من سوريا ؟
وتسيطر إسرائيل على مرتفعات الجولان السوري، التي احتلها في حرب تشرين 1973، وهي منطقة شهدت خلال الأيام الماضية، توتراً أمنياً وتعرضها لقصف صاروخي من قبل فصائل فلسطينية وأخرى عاملة مع حزب الله اللبناني، ويعتقد بأنه في حال دخول سوريا للحرب، فإن هذه الجبهة هي الأولى التي ستشتعل.
كذلك سبق وأن أعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق من يوم الخميس، أنه دمر “رتلاً عسكرياً لحزب الله في أحد المعسكرات جنوبي سوريا”، وأكد الجيش الإسرائيلي أن هجماتهم مستمرة على جنوب سوريا”، لافتاً إلى أنهم مستمرون في “تدمير المزيد من الأهداف”.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسماع “دوي انفجارات في محافظة القنيطرة” أعقب غارة إسرائيلية على موقع للقوات الحكومية، مشيراً إلى أن ذلك تزامن مع “سماع انفجارات في الجولان”، دون أن يحدد طبيعتها.
أهداف طهران وراء التصعيد بين حماس وإسرائيل
وتؤكد أوساط سياسية ومتابعة، بأن قرار دخول دمشق للحرب من عدمه يعود لصانع القرار، إيران، التي تنفي منذ بداية هجوم حماس على إسرائيل، ضلوعها أو دعمها للحركة الفلسطينية، بينما تشير تقارير إعلامية واستخباراتية إسرائيلية بأن طهران وراء هذا الهجوم، وذلك لأهداف عدة قد يكون أبرزها “وقف التطبيع العربي الإسرائيلي”، وخاصة “السعودي الإسرائيلي” بعد حديث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أيام بوجود مفاوضات للتطبيع بين تل أبيب والرياض.
وخلال الأيام الماضية نفذت إسرائيل طلعات جوية على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي المناطق المحتملة التي يمكن أن تفتح فيها جبهات قتالية جديدة ضد تل أبيب، فيما نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات صاروخية ومدفعية من مواقع خرجت منها صواريخ بريفي درعا والقنيطرة على مرتفعات الجولان.
تهديد إسرائيلي مباشر لحزب الله ودمشق
كذلك نفذت إسرائيل عدد من الغارات الجوية التي استهدفت مطاري دمشق وحلب الدوليين، وذلك بالتزامن مع زيارة لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان إلى البلاد، ما أدى لخروج المطارين عن الخدمة، وقالت إسرائيل إن استهداف المطارين ليس هجوماً على شخص الوزير الإيراني، بل رسالة تحذير من تل أبيب بعدم دخول طهران ودمشق للحرب، وإلا فإن كل المواقع العسكرية في سوريا ستكون تحت مرمى النيران وسيكون حياة الرئيس السوري في خطر، وهذه الرسالة وصلت “لأطراف المقاومة” عبر فرنسا والإمارات العربية المتحدة.
وخلال العامين الماضيين، ازداد النفوذ الإيراني في سوريا، نظراً لانشغال روسيا، الحليف الرئيسي لدمشق، في الصراع الأوكراني، ولهذا السبب ملأت طهران الكثير من الفراغ الذي خلفه الانشغال الروسي، وهو ما أزعج إسرائيل كثيراً، حيث شنت أكثر من 35 هجوماً على مواقع عسكرية ومستودعات أسلحة ومصانع لصنع الصواريخ والطائرات المسيرة يديرها ضباط إيرانيون في سوريا خلال العام الجاري.
دمشق لا سلطة لها على جماعات إيرانية.. وتحركات غير اعتيادية في الجنوب السوري
وترى أوساط سياسية، بأن في حال دخول طهران بقواتها أو مجموعاتها المسلحة المتواجدة في سوريا في الحرب، فإن دمشق أيضاً سترى نفسها مجبرة أو سيتم دفعها للدخول، حيث أن القرار الإيراني هو الذي يسري على دمشق، والأخيرة ليس لها أي سلطة على المجموعات الإيرانية المتمركزة في الجنوب، والتي من الممكن أن تشعل الحرب، وتزج بسوريا فيها، وهذا بحد ذاته سيكون له أثر كبير على السوريين الذين يعيشون أصلاً في حالة حرب منذ أكثر من 12 عاماً.
وكشفت تقارير إعلامية، بأن جبهة الجنوب السوري -التي تضم محافظتا درعا والقنيطرة- تشهد تحركات عسكرية غير اعتيادية في الأيام الماضية، وهذه التحركات هي لحزب الله والحرس الثوري السوري التابع للثوري الإيراني بكامل عتاده العسكري، وهي مرئية للعيان، لا سيما في التلال الغربية لمنطقة نوى، وسط الإشارة بأن إيران تجهز لتحرك قوي من هذه الجبهة.
يتزامن ذلك مع حديث عن تجنيد إيراني للراغبين بالقتال ضد إسرائيل سواءً في دير الزور ومحافظات الجنوب السوري، إلى جانب تحشيدات عسكرية بالقرب من الحدود.
ولم تنكر أطراف إقليمية ودولية قلقها من التحركات العسكرية والنوايا الواضحة لإيران وحزب الله من فتح جبهات جديدة على إسرائيل، سواءً من جنوب سوريا أو لبنان، حيث أن هذه الخطوات من الممكن أن تؤدي إلى ارتباك أكبر في إسرائيل، وامكانية أن تلجأ تل أبيب إلى حرب شاملة تدخل فيها الولايات المتحدة والغرب، للحفاظ على وجود إسرائيل، الذي يواجه خطراً وجودياً لأول مرة منذ 1973.
إعداد: ربى نجار