أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يسود غموض كبير حيال مستقبل ومصير اللاجئين السوريين الذين نجوا من “قارب الموت”، وغادروا البلاد بقصد الهجرة إلى أوروبا إما هرباً من الواقع المعيشي السيء أو من التصعيد العسكري أو من الملاحقات الأمنية أو من التجنيد الإجباري، ليجدوا أنفسهم على شاطئ بلادهم مرة أخرى ونجاتهم من الموت، إلا أنهم لن ينجوا من العقاب “وفق القانون السوري”.
المئات يفرون من سوريا بشكل يومي
وخلال الأشهر القليلة الماضية، زادت نسبة هجرة العوائل السورية وخاصة الشبان بشكل كبير بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة إضافة لما تشهد البلاد من استمرار التصعيد العسكري وذهاب الأوضاع إلى “مواجهات عسكرية أشمل” بحسب الأمم المتحدة، إضافة إلى الأوضاع الأمنية وهرباً من التجنيد الإجباري.
وبحسب تقرير سابق للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فأنه منذ 28 آب/أغسطس الماضي وبشكل شبه يومي، يغادر ما بين 1500 إلى 2000 مواطن من سوريا، هرباً من الواقع المأساوي للبلاد.
كيف ينظر القانون لمن نجا من “قارب الموت” ؟
وبعد نجاتهم من الموت، يبدو أن الناجين السوريين من “مركب الموت” لن ينجوا من العقاب حسب القانون السوري، الذي يحاسب كل من يدخل أو يخرج من سوريا بطريقة غير شرعية بالحبس والغرامات المالية، وسط تساؤلات جدية حول مصير السوريين الناجين خاصة هؤلاء المطلوبين للخدمة الإلزامية أو المطلوبين الأمنيين الذين نجحوا بمغادرة البلاد ولكنهم فشلوا في بالوصول لوجهتهم.
المحامي رامي حامد، وخلال حديث له عبر إذاعة “المدينة إف أم” المحلية، تحدث عن وضع الناجين سواءً السوريين أو غيرهم من مركب الموت، موضحاً أن العقوبة تتراوح بين السجن والغرامة حسب حالة ومكان الشخص، وأشار إلى أن القانون السوري يقضي بالسجن من عام إلى 5 سنوات وبالغرامة من 5 إلى 10 ملايين، أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من دخل أو غادر سوريا بطريقة غير مشروعة أو ضبط على الحدود السورية دون سبب مسوغ لوجوده.
وأوضح، أن هناك حالة تقول “إن الأمر لم يتم في الأراضي السورية وإنما في لبنان، حيث لا يعاقب ولا يلاحق الأشخاص في حال لم تخرج الجريمة إلى العلن، لكن في حال ظهرت نتائجها على الأراضي السورية يصبح القانون السوري معني بالأمر”.
وأضاف، أنه يجب التفريق بين الشق “الإنساني” والشق “القانوني”، حيث أن القانون في هذه الحالة يقضي بجريمة حدث بها “عدوان على السيادة السورية”، مشيراً إلى أن “روح القانون” ستخفف عن الناجين العقوبات، والجانب الإنساني سيكون حاضراً بقوة أثناء إصدار أي عقوبة بحقهم، باستثناء المحرضين والمستفيدين من هذه العملية حتى لو كانوا ضمن الأراضي اللبنانية.
وأضاف المحامي أن الناجين لهم حق شخصي على “المهرب” وبإمكانهم تقديم دعوى بحقه لاسترجاع أموالهم منه، علماً أن “القانون السوري واللبناني سيلاحق هذه العصابة التي قامت بهذه العملية”.
تحذيرات من مصير الناجين السوريين.. واتهامات لدمشق بالتقاعس بعمليات الإنقاذ
وكانت “مجموعة الإنقاذ الموحد” المتخصصة باستلام نداءات الاستغاثة من المهاجرين الذين يلجؤون إلى دول الاتحاد الأوروبي، حذرت من أن يتعرض الناجون السوريون من “مركب الموت” للاعتقال أو التعذيب من قبل السلطات السورية، ولاسيما أن هناك معارضين للحكومة كانوا يعيشون في لبنان وقرروا اللجوء إلى أوروبا، كما أن أغلب الناجين من الغرق هم من أبناء محافظة إدلب.
واتهمت جهات سورية عدة، الحكومة، بالتقاعس في عمليات البحث والإنقاذ، وأشارت هذه الجهات إلى أن أغلب الناجين تم انتشالهم بشكل فردي من قبل الصيادين، وقد انتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت ذلك، وذهبت منظمات سورية أخرى إلى أبعد من ذلك بالقول أن “السلطات السورية لم تقم بأي مبادرة أو محاولة لإنقاذ الناس.. وأنه التباطؤ في عمليات الإنقاذ كانت مقصودة”.
“هددوهم بالعودة ففروا وماتوا”
وتأتي فاجعة “مركب الموت” هذه بعد تصريحات للحكومة اللبنانية بأنها ستعمل مع الحكومة السورية لإعادة اللاجئين السوريين لديها إلى بلادهم، وأن السلطات اللبنانية لم تعد باستطاعتها تحمل “العبء” الذي يشكله اللاجئون السوريون، إضافة لتصريحات أخرى هددت اللاجئين “بحرب ثانية” في حال عدم عودتهم إلى بلادهم من قبل “شخصية دينية مرموقة” (معروفة للجميع).
وارتفعت حصيلة ضحايا “مركب الموت” بحسب آخر إحصائية، الأربعاء، إلى أكثر من 101 جثة بعد انتشال جثة جديدة، تم التعرف على 45 سوريا سلم بعضهم لذويهم.
إعداد: علي إبراهيم