دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

بعد سقوط نظام الأسد وانتكاسة إيران.. الخليج أمام فرصة تاريخية لتعزيز الدور العربي في مستقبل سوريا

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال سنوات الأزمة والصراع على السلطة في سوريا، كانت الدول العربية بعيدة عن الملف السوري والحل فيه، وهو ما فتح الباب أمام دول إقليمية بالدرجة الأولى للتدخل وملئ الفراغ، وبالتالي ديمومة الأزمة واستمرارها لـ14 عاماً، وانتجت أيضاً تأثيرات عديدة ألفت بظلالها على الدول العربية وخاصة الخليج، وخاصة في مجال تصدير المخدرات إليها إضافة للأسلحة.

“عدم لعب الخليج لدوره سيفتح الباب أمام تدخلات خارجية أخرى”

ومع سقوط نظام البعث، بات الباب مفتوحاً الآن أمام الدول العربية وخاصة الخليجية للانخراط بشكل فعال في الحل في سوريا والانتقال السياسي والسلمي للسلطة فيها ودعم البلاد في انتعاش الاقتصاد وإعادة الإعمار والوصول لدولة ديمقراطية كما يرغب بها كل السوريين.

ويحذر محللون سياسيون من أن تتخذ الدول العربية وخاصة الخليجية استراتيجية الإهمال كما في السابق، وهو ما سيفسح المجال أمام تدخلات خارجية أخرى، خاصة في ظل نشاط تركيا الكبير ومحاولتها التشارك مع الحكومة المؤقتة في دمشق في مسألة تشكيل الجيش وتسليحه وملفات أخرى تتعلق بالطاقة والبترول والتنمية والاقتصاد وغيرها.

مع بروز اللاعب التركي.. على الخليج الإسراع

ويمثل سقوط نظام البعث في سوريا بعد أكثر من 5 عقود من الحكم، فرصة هائلة للدول الخليجية لتعزيز الدور العربي في مستقبل سوريا، خاصة بعد انتكاسة إيران، حيث يمكن وفق مراقبين أن تقوم الدول الخليجية بضخ الأموال لاستقرار الاقتصاد والليرة إضافة للضغط السياسي على الإدارة الجديدة لتشكيل حكومة شاملة، تستطيع دول الخليج من خلالها حماية مصالحها في سوريا، وتقليل مخاطر أي أزمة جديدة أو عدم استقرار في البلاد، وهو ما سيؤثر على المنطقة بشكل كامل.

وعملت بعض الدول الخليجية والعربية على تطبيع العلاقات مع النظام السابق، وذلك من باب حل الأزمة ووقف التأثيرات السلبية للازمة السورية على الدول العربية، إلا أن إصرار نظام الأسد على الحل العسكري ورفضه الحلول السياسية جعلت الدول العربية توقف مسارات التطبيع والحل، وهو ما عزز من نفوذ إيران قبل الانتكاسة.

نفوذ مالي وسياسي للخليج وأمريكا في المنطقة عبر بوابة سوريا

وبعد فرار الأسد إلى موسكو بعد السقوط السريع وغير المتوقع للنظام الحاكم، يقول المدير المساعد لمبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط جوزيه بيلايو في تقرير نشره المجلس الأطلسي “أن تحول الأحداث يوفر لدول الخليج فرصة هائلة لتوحيد قواها وممارسة نفوذ كبير ــ سياسياً ومالياً ــ على مستقبل سوريا مع التكيف مع بروز تركيا المتزايد في البلاد”.

ولا شك في أن هناك مؤشرات على دور عربي فعال في سوريا، حيث ومنذ سقوط الأسد ونظامه استأنفت السعودية والإمارات والبحرين وعمان أنشطتها الدبلوماسية في دمشق، وكذلك قطر، فيما أعربت الجامعة العربية عن دعمها لمسار الانتقال السياسي في سوريا من خلال رسالة وجهتها إلى الإدارة الجديدة في دمشق.

وفي الرابع عشر من كانون الثاني/ديسمبر الجاري، سلطت لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا الضوء على الدعم العربي للانتقال السياسي في سوريا في ظل السلطات المؤقتة.

دول الخليج تؤكد على تقديم دعم أكبر للشعب السوري

وأعربت السعودية بدورها عن أنها مستعدة لتقديم دعم أكبر للشعب السوري بعد سقوط الأسد، وأشادت أيضاً الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المؤقتة في حماية الأقليات وتعزيز الاستقرار.

واظهرت السعودية مؤشرات جدية على التعاون مع سوريا وفي أعلى المستويات وأن تكون اللاعب الخارجي الأكثر نفوذاً في سوريا، بجانب اللاعب الذي يتصاعد بسرعة في البلاد وهي تركيا.

بينما أشارت الإمارات العربية المتحدة بدورها إلى مشاركة إيجابية مع الإدارة السورية الجديدة، وهو ما تجلى في مكالمة هاتفية بين وزيري خارجية البلدين في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

“التحركات الخليجية في سوريا إيجابية”

واعتبرت أوساط سياسية أن التحركات الخليجية في سوريا هي “إشارة إيجابية” وخاصة للدول التي طبعت مع الأسد في السابق، وأن على هذه الدول استثمار الفرصة ليكون لها دور ريادي في سوريا.

ويقول المدير المساعد لمبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط جوزيه بيلايو، إن سقوط الأسد يمثل انتكاسة هائلة لإيران، ويتعين على دول الخليج أن تغتنم هذه اللحظة كفرصة لا مثيل لها لتعزيز الدور العربي في مستقبل سوريا، مع الضغط على الحكومة المؤقتة لتشكيل حكومة شاملة، تستطيع دول الخليج حماية مصالحها مع تقليل مخاطر تجدد عدم الاستقرار الذي يهدد المنطقة بأسرها، إضافة إلى الانخراط في انتعاش الاقتصاد والتنمية وإعادة الإعمار والمساهمة بشكل فعال وكبير في إرساء الاستقرار الدائم في دولة عانى العالم من الصراع فيها.

“الدور الأمريكي مهم للغاية إلى جانب الخليج” لبناء سوريا جديدة

كما طالب بيلانو بدور أمريكي وغربي إلى جانب الخليج العربي، في تجميع الأموال اللازمة لإعادة إعمار سوريا ودعم الحكم الانتقالي، وهو ما من شأنه أيضا أن يوجه ضربة إستراتيجية حاسمة للوجود الإيراني في سوريا. وينبغي ربط مثل هذه المساعدة بشروط واضحة تضمن الاستقرار وعملية سياسية شاملة لبناء شيء أفضل مما تحمله السوريون في عهد الأسد.

ويرى الكاتب أن أمريكا ودول الخليج باتوا يمتلكون نفوذاً جديداً مالياً ودبلوماسياً في سوريا والمنطقة، وهذا النفوذ تحتاجه أي حكومة حالية ومستقبلية في دمشق لأخذ الشرعية الدولية وهذا يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها في الخليج الفرصة للتأثير بشكل إيجابي على العملية السياسية في سوريا.

إعداد: ربى نجار