أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – ربط الكثيرون من المتابعين والسياسيين، زيارة وزير الخارجية في الحكومة السورية فيصل المقداد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، بالانهيار والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد، والتي أودت بالليرة لأدنى مستوى لها في تاريخ سوريا بعد استقلالها، وعدم تمكن السلطات المحلية من وقف هذا الانهيار، في ظل تجاهل تام من قبل الحلفاء.
وبعد عودة العلاقات مع أغلب الدول العربية، واستعادة دمشق لمقعدها بجامعة الدول العربية، تأمل السوريون في أن تصلح الأوضاع بشكل أكبر وعلى كافة الأصعدة، مع عودة الدور العربي، والتعهدات التي أطلقت من قبل العرب بالعمل على الانتعاش المبكر للاقتصاد المحلي والمساهمة في إعادة الإعمار، إلا أنه وبعد شهرين من الصلح، انهارت الليرة السورية وفقدت أكثر من 40 بالمئة إضافية من قيمتها، في ظل تجاهل عربي تام لهذا الانهيار الذي يكاد يودي بالدولة.
انهيار بقيمة العملة.. ولا إجراءات رسمية والمسؤولية تلقى على عاتق الغرب
وتخطى الدولار عتبة الـ13500 ليرة لكل دولار أمريكي واحد، خلال الشهر الماضي، وذلك بعد أن كان سعر الصرف أول تموز المنصرم لا يتجاوز الـ8800، وهو ما أدى لارتفاع جنوني وكبير جداً بالأسعار، وتدني الرواتب والأجور بشكل أكبر، مع تضاءل القوة الشرائية الضعيفة أصلاً للسوريين، بعد أن وصل متوسط الرواتب الشهرية إلى ما دون الـ12 دولاراً.
وكان غريباً جداً صمت الحكومة السورية وعدم إقدامها على أي تحرك لإيقاف هذا الانهيار، في الوقت الذي حملت الحكومة ووزرائها المسؤولية للعقوبات الغربية وخروج آبار النفط عن سيطرة الدولة والإرهاب، خلال جلسة لمجلس الشعب تمت مناقشة الواقع الاقتصادي وانهيار الليرة فيها.
المقداد على رأس وفد اقتصادي إلى طهران
وبالتزامن مع الانهيار الاقتصادي، أفادت وسائل إعلام سورية، بأنّ وزير الخارجية فيصل المقداد، على رأس وفد سياسي واقتصادي يزور العاصمة الإيرانية طهران، وذلك بطلب رسمي من الخارجية الإيرانية، حيث سيجري سلسلة لقاءات سياسية واقتصادية مع الجانب الإيراني في العاصمة طهران.
ويضم الوفد السوري الذي وصل يوم السبت، إلى طهران في زيارة من المقرّر أن تستمر أيام، وزراء الخارجية والاقتصاد والتجارة محمد سامر الخليل، والاتصالات محمد إياد الخطيب.
وسيجري الوفد الحكومي السوري لقاءً مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، للبحث في تعزيز العلاقات بين الطرفين إضافة إلى المستجدات والتطورات في الساحتين الإقليمية والدولية، والتشاور حول القضايا الراهنة.
التفاهمات والاتفاقيات التي أبرمت خلال زيارة “رئيسي” على الطاولة
كما سيجري الوفد السوري سلسلة من اللقاءات السياسية والاقتصادية مع المسؤولين الإيرانيين لبحث تعزيز العلاقات بين البلدين، ومتابعة التفاهمات والاتفاقيات التي أُبرمت خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، أواخر أيار/مايو الماضي.
وقالت صحيفة الوطن، أن “خلال يوم الاثنين سيتم عقد اجتماع مع وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بزر باش بصفته رئيس اللجنة عن الجانب الإيراني مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته رئيس اللجنة من جانب الوفد السوري، مع لقاء آخر مع وزير الطاقة الإيراني، بالإضافة إلى إحدى شركات القطاع الخاص المهتمة بالتعاون مع الحكومة السورية في تنفيذ مشاريع مشتركة، كما سيكون هناك لقاء بين وزير الاتصالات والتقانة مع نظيره وزير الاتصالات وتقانة المعلومات في إيران.
وخلال زيارته إلى سوريا قبل 3 أشهر، قال الرئيس الإيراني، إنّ زيارته كانت “نقطة تحوّل في توسع العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية والأمنية” بين إيران وسوريا.
وكانت زيارة رئيسي هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ بدء الأزمة والصراع على السلطة في سوريا عام 2011، حيث دعمت إيران عسكرياً وسياسياً واقتصادياً الحكومة السورية على مدى العقد الماضي.
كما بدأ بعض النواب والمسؤولين الإيرانيين خلال الفترة الماضية بالحديث عن ضرورة تحصيل فاتورة التدخل العسكري في سوريا، والتي تبلغ أكثر من 50 مليار دولار، 20 مليار منها للنفط فقط.
روسيا وإيران تهيمنان على أغلب ثروات وموارد السوريين
وتهيمن كل من إيران وروسيا على معظم موارد وثروات الشعب السوري، من موانئ ومطارات ومصانع وآبار نفط، وذلك وفق عقود تمتد لعشرات السنين، وذلك كنوع من تحصيل فاتورة تدخل هذه الأطراف لجانب دمشق في حرب البقاء في السلطة التي أدت بالبلاد لحافة الهاوية.
بينما يتم تحميل مسؤولية هذا الانهيار للعقوبات الغربية، التي علقت منذ شباط/فبراير الماضي، لأسباب انسانية بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ولاستمرار العمليات الإنسانية ومساندة السوريين في تخطي تلك الكارثة، وحتى مع انخفاض سعر الصرف في السوق السوداء خلال الأشهر الماضية لأيام معدودة، إلا أن المصرف المركزي لم يكن يخفض السعر، وهو ما أدى لارتفاع الدولار والعملات الأجنبية مقابل الليرة مرة أخرى.
إعداد: علي إبراهيم