أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لايزال الكثير من المحللين السياسيين يشككون في أن تشن تركيا عملية عسكرية جديدة في مناطق شمال شرق سوريا، خاصة بعد ما قيل أن “أنقرة لم تحصل على الموافقة الأمريكية والروسية” لأي عملية عسكرية جديدة، وتأكيد موسكو على أنها تثق بأن أنقرة ستحافظ على خطوط التماس المرسومة في سوريا منذ العملية العسكرية الأخيرة المسماة “بنبع السلام” في 2019.
تخبطات في التصريحات الرسمية التركية
آراء المحللين السياسيين ترسخت بشكل أكبر بعد حديث وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، بأن بلاده ستضطر إلى شن عملية عسكرية جديدة في سوريا، إذا زاد الخطر تجاه تركيا في تلك المنطقة الحدودية.
ونقلت صحيفة “الصباح” عن أوغلو قوله، “بدأ التهديد على تركيا يزداد في منطقة عملية نبع السلام وفي مناطق عمليات أخرى. وقد نفذنا هذه العمليات من أجل القضاء على التهديد”، وأضاف “ولكن إذا ظهر التهديد مرة أخرى، فمن واجبنا أن نتخذ إجراءات ضده.. ويقول الأمريكيون إنهم يتفهمون مخاوفنا”.
كذلك جاء البيان النهائي “لمجلس الأمن القومي التركي” الذي اجتمع يوم الخميس مع الرئيس رجب طيب أردوغان، دون أن يشير صراحة إلى أن أنقرة ستشن أي عملية عسكرية في سوريا، وهذا يدل أيضاً بحسب متابعين أن أنقرة لم تحصل على الموافقة الأمريكية والروسية لأي مغامرة أخرى في سوريا.
وجاء في بيان “مجلس الأمن القومي التركي”، إن العمليات العسكرية التركية التي تُنفذ الآن وفي المستقبل على الحدود الجنوبية للبلاد لا تستهدف سيادة الجيران، لكنها ضرورية لأمن تركيا، وفقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وقال المجلس بعد الاجتماع الذي ترأسه إردوغان، “العمليات التي تنفذ الآن وفي المستقبل للقضاء على التهديد الإرهابي على حدودنا الجنوبية لا تستهدف وحدة أراضي دول الجوار ولا السيادة بأي طريقة من الطرق”.
لا مؤشرات تدل على وجود عملية عسكرية
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، لا توجد أي مؤشرات تذكر على أن تركيا ستشن عمليات عسكرية جديدة في سوريا، وذلك خلافاً لما كان في العمليات العسكرية السابقة من الدفاع بتعزيزات عسكرية وتسمية هذه العمليات وجهوزية القوات التركية وإيعازها لفصائل المعارضة الموالية لها بالجهوزية القتالية.
ويتفق محللون سياسيون على أن تصريحات الرئيس التركي الأخيرة ما كانت سوى محاولة للضغط على الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في الشمال السوري والاتحاد الأوروبي للمساعدة في إعادة مليون لاجئ سوري وإسكانهم ضمن المناطق التي تسيطر عليها.
مواقف سياسية وتحركات عسكرية للدول الضامنة
كما أن الموقف الأمريكي السياسي، الذي رفض أي عملية عسكرية في سوريا، وتأكيدها أنها ستقوض الأمن الإقليمي وستضر الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، والأنباء التي تحدثت عن عودة القوات الأمريكية إلى قاعدة “خراب عشك” بريف مدينة عين العرب (المعروفة محلياً بكوباني) لأول مرة منذ 2019، يبدو أنه كان دافعاً لتعليق تركيا عمليتها العسكرية مرة أخرى.
كما أن الموقف الروسي، الذي قال بأن موسكو تثق بأن تركيا لن تصعد عسكرياً في شمال سوريا، وأنها ستحافظ على الخطوط العسكرية المرسومة منذ سنوات على حالها، إضافة للغارات الجوية من المقاتلات الروسية التي طالت مرتين خلال 24 ساعة مواقع لفصائل المعارضة الموالية لتركيا بريفي الحسكة والرقة، دافعاً آخر لتركيا لتعليق عمليتها العسكرية في سوريا.
مسؤول كردي: نأخذ التهديدات التركية على محمل الجد ونستعد للحرب
وعلى الرغم من التطمينات والمواقف الرافضة لهذه العملية العسكرية، إلا أن مسؤولو الإدارة الذاتية أعلنوا أنهم يأخذون التهديدات التركية على محمل الجد، وأنهم يستعدون للحرب، حيث قال صالح مسلم، عضو مجلس الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، “إنّ هجمات تركيا على المنطقة مستمرة منذ فترة طويلة، وإنّ التهديدات بالهجوم قد صدرت من قبل”، ورأى مسلم في تصريحات صحفية، أنّ “حزب العدالة والتنمية عالق في السياسة الداخلية لتركيا، وهو يريد أن يأخذ قسطًا من الراحة من خلال مهاجمة الأكراد”.
وأضاف “نحن نأخذ تهديداتهم على محمل الجد، ولا خيار أمامنا سوى المقاومة. علينا اتخاذ الاحتياطات ضد الهجمات. لا نريد هجوما ولكن عندما تطرق الهجمات بابنا علينا أن ندافع عن النفس”، معتبراً أن العملية العسكرية التركية الجديدة تهدف كذلك إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها عام 2023. حسب رؤيته.
إعداد: علي إبراهيم