أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يتساءل الكثيرون عن مدى استمرارية الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية بعد الرد الإيراني فجر الأحد، وشنها لهجوم شمل أكثر من 300 إلى 400 طائرة مسيرة مختلفة وصواريخ بعيدة المدى على إسرائيل، يتزامن ذلك مع تراجع كبير بالهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية بعد استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل كبار ضباط “الحرس الثوري الإيراني”.
“الرد الإيراني”.. ساعات حرب عاشتها منطقة الشرق الأوسط
وخلال الساعات الـ24 الماضية، شهدت منطقة الشرق الأوسط حالة ترقب قصوى ومخاوف من انزلاق الأمور نحو حرب شاملة، بعد إعلان إيران عن بدء هجومها في إطار الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي قتل كبار ضباط “الحرس الثوري” في مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، حيث أطلقت طهران ما يصل لـ400 طائرة مسيرة وصاروخ حلقت بأجواء المنطقة لساعات طويلة قبل وصولها إلى إسرائيل، التي أعلنت بدورها إسقاط 99 بالمئة منها.
الهجوم الذي شنته إيران اعتبره بأنه “رسالة تحذيرية” لإسرائيل؛ التي كثفت في الآونة الأخيرة من عمليات استهدافها للمواقع الإيرانية في سوريا واغتيالها لكبار ضباط والشخصيات الإيرانية من بينهم القيادي محمد رضا زاهدي، الذي يعتبر كقائد “للثوري الإيراني” في سوريا ولبنان وفلسطين، وحذرت من أن أي هجوم أو استهداف إسرائيلي جديد سيجابه برد قوي وأوسع.
بعد هجوم “القنصلية”.. تراجع كبير بالهجمات الإسرائيلية على سوريا
الرد الإيراني جاء بعد توقف شبه تام للهجمات الإسرائيلية على المواقع والأهداف الإيرانية في سوريا، والتي كانت تحصل بشكل شبه يومي وتؤدي لخسائر كبيرة في صفوف القوات الإيرانية والمجموعات المسلحة الموالية لها، قمنذ استهداف القنصلية في دمشق تراجعت الهجمات الإسرائيلية بشكل كبير، باستثناء بعض الهجمات التي كانت تأتي في إطار الرد على عمليات القصف التي كانت تحصل من الأراضي السورية على الإسرائيلية، والضربة التي تعرض لها مطار دمشق الدولي فجر الأحد.
وسلطت تقارير إعلامية الضوء على التراجع الكبير في حدة الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية، حيث كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن شهر نيسان شهد انخفاضاً كبيراً في الضربات الإسرائيلية منها الجوية والبرية، وذلك بعد ضربها للقنصلية الإيرانية في دمشق في الـ1 من شهر نيسان الجاري، وأسفرت الضربة عن مقتل 14 من العسكريين من بينهم قيادات كبيرة في “الحرس الثوري الإيراني” وقاعدة غرفة العمليات، مع فقدان سيدة وأبنها حياتهما.
3 هجمات خلال أول أسبوعين من آذار.. وتباين بالآراء حول “الرد الإسرائيلي”
ولفت المرصد السوري أنه بالمقارنة بين آخر أسبوعين من شهر آذار/مارس الفائت وأول أسبوعين من شهر نيسان الجاري، يتم ملاحظة بأن إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 7 مرات خلال آخر أسبوعين من شهر آذار الفائت، بينما قابلها 3 مرات خلال أول أسبوعين من شهر نيسان الجاري، أي ما بعد حادثة اغتيال القادة في “الثوري الإيراني.
وفي ظل إعلان إسرائيل بأنها لاتزال تدرس عمليات الرد على الهجوم والدفاع عن نفسها مع الحلفاء الذين ساندوها في التصدي للهجوم الإيراني، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إضافة إلى دول إقليمية لم تسمها، فإن التوقعات تصب في أن تل أبيب قد تشن هجمات على مواقع إيرانية في سوريا كالتالي كان يتم استهدافها مسبقاً، وذلك وفق محليين ومتابعين، كنوع من الرد على “الرد الإيراني”.
بينما رأى آخرون بأن إسرائيل لن ترد على الهجوم الإيراني الأخير، كونه يأتي في إطار الرد على عملية استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال كبار القادة في “الثوري الإيراني”.
“رد طهران” يحفظ ماء وجهها ويطفئ “الغضب الداخلي”
وأشارت هذه الأطراف إلى أن عملية الرد الإيرانية جاءت مدروسة بشكل لا تشعل حرباً مفتوحة مع إسرائيل وحلفائها من جهة و إطفاء الغضب الشعبي في الداخل الإيراني من جهة أخرى، خاصة بعد ضعف الموقف الرسمي الإيراني بالرد على عمليات اغتيال كبار الضباط والشخصيات المؤثرة في تواجد طهران العسكري في دول المنطقة، إضافة إلى أن هذا الرد يحفظ لطهران ماء وجهها، مشددين على أن التصعيد العسكري ليس في مصلحة الطرفين.
وسبق أن تناقلت تقارير إعلامية بأن الرئيس السوري بشار الأسد رفض بأن ينطلق الرد الإيراني من الأراضي السورية، وكانت وكالة “رويترز” للأنباء أفادت بأنه بالتزامن مع إعلان طهران انطلاق الهجوم، حلقت طائرات حربية إسرائيلية في سماء مدن الجنوب السوري، كالسويداء ودرعا، دون أن تتدخل منظومة الدفاع الجوي السوري، كما تم إسقاط مسيرات إيرانية في سماء هذه المناطق بالقرب من الحدود مع الأردن، دون أي اعتراض.
وذكر مسؤولين أميركيون، أن الجيش الأميركي وقف إلى جانب إسرائيل بإسقاط طائرات مسيرة وعشرات الصواريخ الإيرانية التي كانت موجهة إلى إسرائيل، وذلك في إطار مساعدته في الدفاع عن إسرائيل.
وأعلن كل من العراق والأردن البلدان الواقعان على خط الصراع بين إسرائيل وإيران، إغلاق حركة الملاحة الجوية بعد إعلان إيران إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.
فيما أضافت مصادر في الجيش الأردني، أن الجيش دخل في حالة تأهب قصوى وأن أنظمة الرادار تراقب أي نشاط لطائرات مسيرة قادمة من اتجاه العراق وسوريا.
سوريا تحولت “لساحة صراع وتصفية حسابات” بين تل أبيب وطهران
ومنذ أكثر من 3 سنوات تحولت الأراضي والسماء السورية لساحة تصفية حسابات بين إسرائيل وإيران وذلك في إطار الصراع المحتدم بين الطرفين، وشنت إسرائيل خلال الفترة الماضية العشرات من الهجمات على مواقع سورية تتمركز فيها مجموعات مسلحة موالية لإيران وحزب الله اللبناني.
وشملت مستودعات أسلحة ومقرات ومباني، واستهداف مباشر لشخصيات قيادية كبيرة إيرانية واغتيالها في الأراضي السورية، وأسفرت هذه الضربات عن خسائر مادية وبشرية كبيرة لسوريا، وذلك في ظل ما تعيشه من أزمات بسبب التدخلات الخارجية.
إعداد: ربى نجار