أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – صعّدت إسرائيل بشكل كبير من هجماتها على قواعد وقوات إيرانية داخل الأراضي السورية، أعنفها تلك التي طالت ضباط إيرانيين ضمن “فيلق القدس” التابع “للحرس الثوري الإيراني” في دمشق، وأسفر الهجوم عن مقتل قائد “الثوري الإيراني” في سوريا ولبنان وفلسطين، محمد رضا زاهدي و العميد محمد هادي حاجي رحيمي، و 5 من الضباط المرافقين لهما بالهجوم في دمشق، وفق ما أعلن “الثوري الإيراني”.
“تصعيد خطير من تل أبيب”.. وأول رد رسمي
الهجوم الإسرائيلي الذي طال المبنى الملاصق للقنصلية الإيرانية في دمشق، واعتبر الأعنف والأكبر خسارة بالنسبة لطهران بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني مطلع عام 2020، اعتبرته جهات إقليمية ودولية بأنه تصعيد خطير جداً من قبل تل أبيب قد يفتح الأبواب أمام حروب وصراعات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع ما تشهده المنطقة من حرب دامية بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وقالت تل أبيب أن هجماتها على إيران مؤخراً في سوريا رسائل مباشرة إلى طهران بأن ردها سيكون قاسياً في حال فكرت الأخيرة بأي تصعيد ضدها سواءً في فلسطين أو لبنان أو سوريا، أو أن تدعم الأطراف التي تشن هجماتها على الأراضي الإسرائيلية.
وفي أول تعليق رسمي، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانييل هاغاري، إنهم يعتقدون أن الهدف الذي جرى ضربه في دمشق، كان مبنى عسكريا “لفيلق القدس”، وأضاف في تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأمريكية”، إنه وفقاً لمعلوماتهم الاستخباراتية “هذه ليست قنصلية وليست سفارة. هذا مبنى عسكري لقوات القدس متنكر بزي مدني في دمشق”.
“إيران تتوعد بالرد”.. وواشنطن تنفي علمها بالهجوم
إيران بدورها أكدت إن الهجوم لن يمر دون رد، وقال المرشد الأعلى علي خامنئي، إن بلاده “ستعاقب إسرائيل” بعد ضربها لمقر القنصلية بدمشق، مشيراً إلى أنهم سيجعلون إسرائيل تندم على “هذه الجريمة وغيرها”. وأدان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الهجوم، وتوعد بالرد.
وفي إطار ردود الأفعال من الداخل الإيراني على القصف الذي أدى لمقتل قيادات في “الحرس الثوري”، طالبت مجموعة من نواب البرلمان الإيراني برد “صعب ومدمر” على إسرائيل، مشيرين إلى أن “الرد القوي” هو الوحيد الذي سيردع إسرائيل.
بدوره قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في منشور له على منصة “إكس”، إنه أجرى محادثة هاتفية مع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حول الهجوم الإسرائيلي، وطالب بـ”رد مناسب وواضح” من مجلس الأمن على إسرائيل، الذي شهد اجتماعاً طارئاً لبحث الاستهداف الأخير.
الولايات المتحدة وفي معرض ردها على الاستهداف، أكدت أنه لم يكن لها أي علم مسبق بالهجوم على القنصلية الإيرانية، وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي في باريس، إن بلاده تحاول الحصول على معلومات وأدلة “حول الهجوم الإسرائيلي” على المبنى، وأضاف أن بلاده لم تكن على علم مسبق بالهجوم الذي نفذته إسرائيل.
وفي ضوء هذه المعطيات، بات ينتظر ردة الفعل الإيرانية على الهجوم الإسرائيلي “الموجع” على قيادات إيرانية، وما يمكن أن ينتج أي رد إيراني أو تصعيد إسرائيلي جديد على منطقة الشرق الأوسط.
“الهجوم على دمشق جاء رداً على قصف إيلات”
وفي هذا الإطار، كشف موقع “إيران إنترناشيونال”، نقلاً عن صحيفة “التايمز” البريطانية، أن الهجوم الإسرائيلي على قادة “الثوري الإيراني” في سوريا جاء رداً على الهجمات المتزايدة والمتكررة للمجموعات المسلحة الموالية لطهران ضد إسرائيل، بما في ذلك إطلاق طائرة دون طيار على قاعدة إيلات البحرية، واعتبرت المصادر أن إيران الآن مضطرة للرد واتخاذ موقف ضد إسرائيل بعد هذا الهجوم غير المسبوق.
ولفتت الصحيفة البريطانية، بأنه “يبدو أن هذه هي اللحظة التي يخشاها الجميع منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ سلسلة من الصراعات بين إسرائيل والميليشيات المتحالفة مع طهران والتي ستؤدي إلى حرب إقليمية”، ونوهت “ومع ذلك، إذا دخلت إيران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل فسوف تخسر الكثير، لذلك، يمكن القول إن طهران ستتخذ الخيار الأكثر حذراً في المستقبل”.
“جنون إسرائيلي”.. اونتقادات لطريقة رد طهران
وتناولت الصحف الإيرانية الهجوم على القنصلية بدمشق واصفة إياه “بجنون إسرائيلي” وأن “السفارات الإسرائيلية باتت هدفاً مشروعاً”، وشددت على أن ما حدث “تطور خطير وغير مسبوق”، ملمحين إلى “التردد الإيراني بعد سلسلة الهجمات الإسرائيلية” هو الذي دفع بتل أبيب لشن مثل هذا الهجوم، وسط انتقاد “السياسة الإيرانية الرسمية تجاه ما تفعله إسرائيل”.
ونددت روسيا بالهجوم الإسرائيلي، وعدته مرفوضاً خاصة وأنه طال مبنى دبلوماسي، حيث اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق انتهاكا لأسس القانون الدولي وعملا عدوانيا، وأضاف خلال إحاطته الإعلامية: “لن نتسرع في التوصل إلى استنتاجات، لكن على أي حال فإن تنفيذ مثل هذه الضربات يعد انتهاكا لجميع أسس القانون الدولي وعملا من أعمال العدوان”.
وبات ممكناً جداً أن تشهد منطق الشرق الأوسط، وخاصة سوريا والدول المجاورة، تصعيداً عسكرياً في الأيام المقبلة، مع فرضية أن تتخذ طهران التي باتت مطالبة بردة فعل تناسب حجم الاستهداف الإسرائيلي الأخير، سياسة أكثر حذراً في أي رد، وذلك لعدم الإنزلاق إلى حرب مع إسرائيل قد تتحول لحرب شاملة ستكون عواقبها على إيران والشرق الأوسط كبيرة جداً، حيث يعتقد بأن ردة الفعل لن تكون أقوى من تلك التي خرجت بعد اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني الذي اغتيل في بغداد 2020.
إعداد: ربى نجار