دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

انعكاسات وتداعيات خطيرة.. هل تنجح تركيا بالخروج من الأزمة الأوكرانية مستقرة؟

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – انعكاسات كبيرة بدأت تلقي بظلالها على  السياسة التركية مع استمرار الهجوم الروسي ضد أوكرانيا، لا سيما أن الحكومة التركية تمتعت خلال السنوات الماضية بعلاقات متوازنة مع روسيا وأوكرانيا ولكن مع بداية الأزمة الأوكرانية وتصريحات المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أرد وغان بعدم شرعية الهجوم الروسي بالإضافة لإغلاق معبر البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية الروسية في موقف جاء متوافقا مع خطوات الولايات المتحدة والدول الغربية وحلف شمال الأطلسي التي تعتبر تركيا عضوا فيه.. إذ طالما سعت تركيا لترجيح كفة الميزان ضد روسيا في حوض البحر الأسود عبر تمتين الشراكات الأمنية والاقتصادية مع الدول المطلة الأخرى ومن أهمها أوكرانيا، وفي الوقت نفسه تسعى لإبقاء علاقاتها جيدة مع موسكو دون الدخول في الصدام المباشر معها بمناطق عدة حول العالم ولعل أهمها سوريا وليبيا حيث تجمع أنقرة وموسكو تفاهمات واتفاقيات والتزامات قد تنتهي مع احتمالية توتر العلاقات بين البلدين مع تطور الأحداث في أوكرانيا.

تركيا أمام كارثة مع استمرار الأزمة الأوكرانية

ولعل تداخل واشتباك أنقرة تجارياً ومالياً وعسكرياً مع كلا الطرفين الروسي والأوكراني، بالإضافة لإقامتها مشاريع الطاقة الكبرى مع روسيا، سيؤدي لانعكاسات كبيرة على العملة التركية والقطاعات الاقتصادية في البلاد مع بقاء الصراع مستمرا في أوكرانيا، وكانت تركيا عملت خلال الفترة الماضية على ترجيح قوة أوكرانيا ضد روسيا من خلال علاقاتها الاقتصادية وتوريد الأسلحة إلى كييف وذلك لمنع هيمنة روسيا الكاملة على منطقة الدول المشاطئة  للبحر الأسود، حيث تصاعدت معدلات التبادل التجاري بين تركيا وأوكرانيا لمستويات قياسية بلغت50 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 ووصلت إلى 5 مليارات دولار أميركي، الأمر الذي يأتي متوافقا أيضا في العلاقات بين روسيا وتركيا والمصالح المتبادلة والمشتركة بين الطرفين بعدد من الملفات الاقليمية والدولية ولذلك فإن الموقف التركي الراهن يتمحور حول الابتعاد عن اغضاب طرف على حساب الأخر أو الاختيار بين إحدى الطرفين، فهناك تداعيات عدة ممكن أن تخلقها الأزمة الأوكرانية بالنسبة لأنقرة بينها تصاعد معدلات التضخم في قيمة الليرة التركية، وتأثر تركيا بتقلبات أسعار الطاقة، تبعاً لاعتمادها على الغاز الطبيعي وخاصة المستورد من روسيا، بغية تشغيل محطات الطاقة الكهربائية للبلاد، وتشغيل قطاعاتها الصناعية، فضلاً عن توفيرها الطاقة للسكان المحليين، يضاف إلى ذلك استيراد تركيا الحبوب والقمح من روسيا وأوكرانيا، فإن للأزمة انعكاسات سلبية مباشرة على أسعار الغذاء في تركيا من خلال ارتفاع الأسعار أو نقص عمليات الإمداد، كما أن استمرار الحرب في أوكرانيا تهدد بشكل مباشر الإيرادات السياحية، إذ إن ربع إجمالي السياح القادمين إلى تركيا يأتون من روسيا وأوكرانيا مجتمعتين، وبالتالي فتأثيرات الأزمة السلبية تمتد لتشمل قطاع السياحة التركي أيضاً.

تركيا ضمن لعبة دولية بالغة الحساسية 

حرص تركيا المُنصب على استمرار العلاقات الوثيقة طويلة المدى مع أوكرانيا وروسيا على حد سواء، وفي الوقت ذاته إرضاء حلف شمال الأطلسي “الناتو” ومواءمة مواقفها مع ما يصدر عن عموم أعضاء الحلف من دون إخلال بمصالحها مع روسيا.. ولكن كل هذا الحرص قد ينتهي بخطأ كبير ترتكبه تركيا مع تصاعد حدة الحرب في أوكرانيا والتي ان استمرت ستنعكس بالتأكيد بشكل سلبي على شتى القطاعات والمؤسسات التركية، فضلاً عما تفرضه من تحديات أمام السياسة الخارجية التركية فيما يتعلق بعلاقتها الوطيدة مع روسيا وكونها عضواً في حلف الناتو، ولذلك فإن أنقرة تقع ضمن لعبة دولية بالغة الحساسية فيجب على تركيا في نهاية المطاف الاختيار بالوقوف إلى جانب طرف على حساب الأخر وهو ما سيكلفها الكثير كون أنقرة ترتبط بمصالح مع كافة الأطراف المتصارعة مع غياب رؤية واضحة للسياسة التركية الخارجية منها والداخلية خلال السنوات الماضية.