أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أن اتهمتها باعتقال السوريين من منازلهم و أماكن عملهم وفي الشوارع وترحيلهم قسراً مكبلي الأيدي وتهديدهم بالقتل في حال العودة، حمّلت منظمة “هيومن رايس ووتش” مسؤولية انتشار وباء الكوليرا في سوريا، إلى تركيا، وذلك لقطعها مياه الأنهار عن البلاد؛ حيث يعتقد أن المرض جاء بسبب جفاف الأنهر.
الوضع تفاقم بشكل سريع.. وتحذيرات دولية جدية
ولأول مرة منذ عام 2009، سجلت وزارة الصحة في الحكومة السورية أول إصابة بمرض الكوليرا في أيلول/سبتمبر الماضي، بعدها بأيام قليلة تفاجئ السوريون أن هذا المرض أصبح منتشراً في كامل المحافظات والأعداد تزداد بشكل كبير، مع مخاوف جدية من تحولها لوباء خاصة في ظل منظومة صحية شبه منهارة نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من 10 سنوات.
بدورها حذرت منظمة الصحة العالمية مرات عدة من أن الوضع “يتفاقم بشكل مقلق في المحافظات” التي تفشى فيها المرض، و”تتوسع الإصابات إلى مناطق جديدة”، وأشارت لوجود احتمالية كبيرة لانتقال المرض إلى الدول المجاورة، التي سرعان ما أعلن لبنان عن أول إصابة بالمرض بعد 3 عقود من خلو البلاد منه.
حصيلة جديدة.. الإصابات والوفيات تزداد
وفي إحصائية جديدة لوزارة الصحة في الحكومة السورية حول أعداد المصابين والمتوفين بالمرض، مساء الثلاثاء، كشفت إن عدد الإجمالي التراكمي للإصابات بفيروس الكوليرا بالاختبار السريع ارتفع إلى 1298 إصابة، منها 784 في حلب، و 212 في دير الزور، و 83 في الحسكة، وغيرها.
كما جاء في البيان أن عدد الوفيات جراء الإصابة بالمرض وصلت إلى 49 إصابة، منها 40 في حلب و 4 في الحسكة و 2 بدير الزور، وحالة في كل من حمص وحماة ودمشق.
ولا يعلم مدى صحة هذه الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة السورية، حيث أن هناك مناطق عديدة خارجة عن سيطرة الدولة كالمناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية.
تركيا السبب بانتشار المرض
وبالعودة لبيان منظمة “هيومن رايس ووتش”، فأن تركيا فاقمت أزمة المياه الحادة التي يُعتقد أنها أدت إلى انتشار وباء الكوليرا القاتل في جميع أنحاء سوريا وانتقاله إلى البلدان المجاورة، مؤكدة أنه على جميع أطراف النزاع ضمان الحق في المياه النظيفة والصحة للجميع في سوريا.
وخلال السنوات الماضية قطعت تركيا جزءاً كبيراً من الحصة القانونية لمياه نهر الفرات عن سوريا وذلك بحجج وذرائع متعددة، ما أدى لضرر كبير في الثروة الحيوانية والزراعية وتراجع انتاج الطاقة، خاصة مع مواسم الجفاف التي حلت بالمنطقة، التي بدورها أدت لجفاف مساحات واسعة من النهر وظهور المستنقعات التي يعتقد أن المرض انتقل منها.
كما أن تركيا تقطع المياه في هذه الظروف الصعبة والانتشار الكبير للمرض عن أكثر من مليون إنسان في مدينة الحسكة، حيث أن المدنيين يشربون المياه من مصادر ليست مؤمنة كفاية وهذا بدوره يضع حياة المجتمع في خطر كبير، لكن لم يتم حتى الآن الضغط على تركيا بشكل فعلي لتحييد المياه عن الصراعات المسلحة في سوريا.
إدانة لقطع مياه الفرات ومحطة علوك
وحول ذلك قالت المنظمة الدولية أن تركيا “لم تضمن تدفقا كافياً للمياه من المنبع نحو الجزء السوري من نهر الفرات، ولا إمدادات مستمرة للمياه من محطة علوك، وهي مصدر حيوي للمياه في الحسكة”، وأشارت المنظمة أن هناك أيضاً قيود أمنية وقيود على امكانية الحصول على المساعدات في جميع أنحاء سوريا، حيث يمنع الاستجابة الإنسانية والطارئة المناسبة في الأجزاء المتضررة من البلاد بالمرض.
وتقول نائب مديرة الشرق الأوسط في “رايتس ووتش”، آدم كوغل، “هذا التفشي المدمر للكوليرا لن يكون آخر مرض منقول بالمياه يمسّ بالسوريين إذا لم تُعالَج أزمة المياه الحادة في البلاد فورا، لا سيما في الشمال الشرقي. يمكن لتركيا، وينبغي لها، أن تتوقف فورا عن مفاقمة أزمة المياه في سوريا”.
مناطق الشمالية الشرقية الأكثر تضرراً
وتحدثت “هيومن رايتس ووتش” إلى 10 عاملين في المجال الإنساني في 5 منظمات إغاثة دولية تعمل في سوريا وعلى مواضيع تخصها. سلط العاملون الضوء على أزمة المياه، ونقص الإمدادات الطبية إلى شمال شرق سوريا، ونقص المعلومات الموحدة من جميع مناطق سوريا كعقبات رئيسية أمام فعالية الاستجابة.
وتقدر الأمم المتحدة، أن ثلثَي محطات معالجة المياه في سوريا، ونصف محطات الضخ، وثلث أبراج المياه في سوريا تضررت منذ العام 2011.
وأدت عوامل عدة إلى أزمة المياه الحادة التي يعاني منها شمال شرق سوريا بشكل ملحوظ منذ أواخر العام 2020، بما فيها المستويات المنخفضة بشكل خطير للمياه المتدفقة من تركيا إلى الجزء السوري من نهر الفرات، والذي يعتمد عليه أكثر من 5 ملايين شخص في سوريا بشكل مباشر كمصدر للمياه.
وهذا بدوره يؤثر على قدرة السلطات التي تتحكم بالمياه على خدمة المجتمعات، كما قد يؤدي التركيز العالي للملوثات في المياه إلى انتشار الأمراض بشكل أوسع.
إعداد: ربى نجار